شيوخ تحت الطلب

طلق زوجتك الإخوانية ولك الأجر والثواب .. أفسخ خطبتك من الفتاة الإخوانية تحمي بيتك وتنال البركة .. كفار قريش "عبدة اللات والعزي" أفضل من الجماعة الإرهابية .. من ينتخب الإخوان في الانتخابات المقبلة "خائن لله ورسوله".
ما سبق ليست دعوات من قادة جبهة الإنقاذ لشبابها ، كما أنها ليست حوارا بين مجموعة من نشطاء الفيس بوك ، ولكنها للأسف فتاوي لبعض المنتسبين "زورا" للدعوة الاسلامية التي أصبحت أشبه بساحة لتصفية الحسابات السياسية ، بعد أن تحولت لمهنة من لا مهنة له ، وصار "المنبر" الذي وقف عليه أشرف الخلق سيدنا محمد "ص" وسيلة أدعياء الدعوة والدين في التخلص من خصومهم السياسيين بإلباسهم ثوب الكفر والزندقة تارة ، والعمالة والخيانة تارة أخري .
لقد شهدت مصر منذ ثورة 25 يناير حالة من الاستغلال السياسي للدين ، شوهت قداسة وسمو الإسلام الحنيف ، بعد أن جعله بعض الادعياء مطية للوصول إلي مقعد برلماني لن يدوم ، أو لتحقيق سلطة زائلة.
ومع تعدد الأحزاب الإسلامية ، وانتشار الأئمة والدعاة في برامج التوك شو أصبح لكلا منهم "أسلامه" الذي لا يعرفه غيره ، وتباري الجميع في استغلال الآيات وتطويعها بما يخدم مصالح حزبه ويحقق أهداف جماعته.
فمن انتصار الاسلام في غزوة الصناديق 2011 ، مروراً بإمامة مرسي للرسول في البيت الحرام ، وزيارة أمين الملائكة "جبريل" لإعتصام الجماعة برابعة العدوية ، إلي جواز قتل الاخوان "الخوارج" ، نهاية بالدعوة لتطليق الزوجة الإخوانية والتضحية بها في سبيل الوطن ، تحولت الأزمة السياسية في مصر إلي حرب دينية يلجأ كل طرف فيها إلي "دينه" الذي يدعي صلته بالإسلام وما هو من الإسلام في شىء.
فالسياسيون في مصر دينهم الكراهية ، وديننا الإسلام لا يعرف سوي المحبة والرحمة ، دينهم الغلظة والتشدد وديننا الوسطية والإعتدال.
صار التكفير في مصر أسهل من التفكير، وأصبح القتل أيسر من شرب الماء ، وأحل البعض الدماء كما أباح الله النوم ، وأصبح ثواب الشهادة يتوقف علي حسب الإنتماء السياسي ، فمن يفجر نفسه في ميدان ويروع المواطنين "شهيد" بينما من يسقط مدافعا عن الوطن "هالك"!
سيذكر التاريخ أن اكبر عصر تعرض فيها الإسلام للتشويه والإساءة كان العهد الذي وصل فيه الإسلاميون للسلطة بمصر، فقبل الثورة كان الإسلاميون قوة واحدة .. الرسول قدوتهم والجهاد " في فلسطين " سبيلهم ..والموت في سبيل الله أسمي أمانيهم ..ولكنهم بعد الثورة تناسوا سيرة الرسول .. وأصبح جهادهم في مصر .. والموت في سبيل "الشرعية" أسمي أمانيهم .
قبل الثورة كانت المساجد تقدم دينا .. كنا نسمع الرقائق فتدمع عيوننا ، ندعو الله خلف الإمام بالساعات دون ان نشعر بتعب من لذة المناجاة ، أما بعد الثورة ففقدت المساجد حرمتها بعد أن دنستها السياسة ، وصارت خطب الجمعة ساحة لمعركة سياسية سرعان ما تتحول لتشابك بالأيادي وتصارع بين المصلين بسبب خلاف سياسي حقير ، صارت المساجد تقدم سياسة علي هوي الجماعة التي تشرف عليها ، فمساجد الأوقاف تري الإخوان "ارهابيين"..ومساجد السلفيين تراهم " ضالين مغيبين"..أما مساجد الإخوان فتري الاثنين متآمرين علي الدين ّ..ولا نعلم عن أي دين يتحدث هؤلاء.
أعتقد أن كل قوي الإسلام السياسي وكل الدعاة والمشايخ بل كل المصريين مدينون باعتذار إلي ديننا الحنيف بعدما شوهوه بأفعالهم ، وألصقوا به خبائث نفوسهم ، ونسبوا إليه ما ليس فيه لتحقيق أهدافهم السياسية ، استخدموه كسلاح في معاركهم ، وكرة لهب يهاجمون بها عدوهم ، جعلوا من شريعته "مطية"..ومن أخلاقه "قناع" يرتدونه عند الحاجة.. وصار بعض شيوخه وعلمائه تحت الطلب أشبه بـ "ديليفري" تجد عندهم ما شئت وقتما شئت وكله بثمنه.
خلاصة القول .. مصر بحاجة إلي مصفاة كبيرة لتنقية الدعوة الإسلامية مما علق بها من ادعياء ومرتزقة شوهوا صورتها وأفقدوها قدسيتها .. نريد للأزهر شيخا يجدد شباب شيوخه .. يعيد لمصر تدينها ووسطيتها ..نريد رجالا كـ" عبد الحليم محمود ومحمد الغزالي والشعراوي" نريد علماء دين لا سلطة.