قناة صدى البلد البلد سبورت صدى البلد جامعات صدى البلد عقارات Sada Elbalad english
english EN
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل

الدستور والثورة الثانية


يسجل التاريخ السياسى لدولة مثل مصر أنها كانت من أوائل دول العالم التى طرح فيها موضوع الدستور في سبعينات القرن التاسع عشر .. وكان دلالة النظام الدستوري فقط هى انتزاع حرية الشعب ووضع حد للحكم المطلق وتنظيم الحريات العامة " نعم تنظيم الحريات العامة " قبل أن يتطور مدلوله بعد ذلك في القرن العشرين ليشير إلى تنظيم الحياة السياسية وتحديد العلاقة بين الحكام والمحكومين من جهة ، وبين سلطات الدولة المختلفة " تشريعية – تنفيذية – قضائية " من جهة أخري ..
وهذا يعنى أن الدستور في مدلولاته الحديثة ارتبط بالقصور الديمقراطية .. إلا أن فكرته داعبت بعض الأنظمة الشمولية التسلطية بل والفاشية لصياغة دساتير على مقاسها لتمنح هذه الأنظمة شرعيتها وصار في الدول الفاشية والماضوية والديكتاتورية .. بل والبوليسية والعسكرية دساتيرها الخاصة .. ولكن لا يغفل على أى عاقل أن هذه الدساتير تفتقد أصلها وفلسفتها الأولي والأساسية وهى تنظيم الحريات العامة بما يتماشى مع العصر الديمقراطي العصري والحديث ..
وكما يقول الباحثون الاكاديميون أن هناك معيارين لتعريف الدستور المعيار الشكلي والمعيار الموضوعي .. أما الشكلي فهو الذى يعتمد على الشكل الخارجي من حيث الجهة والهيئة التى أصدرته ومجموعة القواعد القانونية التى لا يمكن أن توضع إلا بعد إتباع إجراءات خاصة تختلف عن القانون العادي ..
أما الأهم وهو الموضوعي فيقصد به القواعد القانونية التى تنظم مزاولة السلطة السياسية في الدولة ومسئوليات الحكم ونطاق هذه المسئوليات .
هذا في الوقت الذى تحتدم فيه معركة تأسيس الهيئة التأسيسية المنوط بها كتابة هذا الدستور في دولة كمصر لها تاريخ دستوري حافل كما أشرنا .
فبدلا من ترسيخ مبادئ الدستور الديمقراطي مثل لا سيادة لفرد أو لقلة على الشعب وسيطرة أحكام القانون ، وضمان الحقوق والحريات العامة التى يوفرها دستور ديمقراطي
إضافة إلى المقومات الأخري .. إلا أن اللغط الحادث الآن سببه الإعلان الدستوري السائد .. رغم أن ليس من حق أى حزب سياسي حتى لو كان يملك الأغلبية البرلمانية وضع الدستور أو حتى الاشتراك في هئيته التأسيسية فالدستور وثيقة الأمة بأكملها .. ولذلك يجب تمثيلها كاملة من خارج البرلمان .. حيث أن الانتخابات البرلمانية ذاتها أجريت في ظل غياب الدستور .. إن هذا الأمر لو استمر على هذا النحو المهين فلا تستبعد أن تقوم ثورة ثانية ولكنها هذه المرة قانونية تعلم ما تريد أو تدمره وما ينبغي أن تبنيه .. ثورة بثوار يدركون قيمة القانون العام الذى سيحكمهم وبدونه لا وطن ولا ثورة ولا ثوار بل ولا شعب .. فهل سنعي الدرس أم المصير هو التيه اللانهائي .. وللحديث بقية .