قناة صدى البلد البلد سبورت صدى البلد جامعات صدى البلد عقارات Sada Elbalad english
english EN
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل

صراع كرسي الرئاسة وضياع المستقبل


كان المشهد غريبا للغاية‏,‏ إذ بينما دلف آلاف الي ميدان التحرير بالموتوسيكلات والميكروفونات والهتافات المؤيدة لأحد المرشحين للرئاسة والمتوعدة المجلس العسكري كان برنامج حواري في إحدي المحطات الفضائية يستضيف أحد رموز أو قيادات ائتلاف سمي المسلمين الجدد
وذلك غداة الافراج عنه بكفالة وتوقفت عند تحليله لسكان مصر.
فقد أشار الي أن الاناث يمثلن85% وهن لا يصلين في المساجد وأن الذكور يمثلون84% وهم أقل من عدد النساء وأنهم مكلفون بأداء الصلاة في المساجد إلا من يتعذر عليه ذلك بسبب عمل أو عذر, وفي داخل هذه النسبة حوالي52% أقل من السن التي ينبغي عليها الصلاة في المساجد.. توقفت كثيرا عند هذا التحليل الذي يعتمد علي معيار الصلاة لتقسيم أو تصنيف السكان, إذ بصرف النظر عن تجاهله الكتلة السكانية التي يمثلها أقباط مصر وكأن المجتمع كله من المسلمين, الا أنه قد تغاضي عن معايير لها وجاهتها وأهميتها في الوقت الراهن لبناء مستقبل هذه الأمة ومنها علي سبيل المثال حجم القوي العاملة المدربة وجودة التعليم ومعدل الأمية ومن هم تحت خط الفقر والانفجار السكاني, وقد جاء هذا في سياق سائد ينحصر كله في صراع محموم حول الفوز بكرسي الرئاسة والمشهد المثير الآن حقيقة هو عمليات استعراض الانصار وقوة حناجرهم كأسلوب للتعبير عن الحشد الجماهيري, وقد بات حلم الفوز به نوعا من أنواع رد الاعتبار واستعراض القوة أحيانا, أو أن الفوز به يأتي في سياق أنا أولي من غيري, أشرنا في مقال سابق الي المواصفات المطلوبة لمن يتولي مسئولية هذا الوطن كما تناولنا جانبا من الآليات الضرورية لمساعدة الرئيس القادم علي أداء مهامه, وإذا كان الأمر كذلك فإن واحدا من الاسئلة المطروحة ما هو شكل وهيكل ووظائف ومسئوليات الحكومة الجديدة التي سوف يناط بها تنفيذ البرنامج الانتخابي للرئيس المنتخب هذا اذا كان هناك بالفعل برنامج انتخابي له يترجم رؤية مستقبلية. الحديث عن الحكومة هنا يجرنا الي استعراض تكوينها وأبرز ملامحها علي مدي الأعوام الستين الماضية والتي شهدت ثلاث جمهوريات, ففي عهد الرئيس جمال عبد الناصر كان متوسط عمر الحكومة حوالي تسعة أشهر ولما كانت البلاد تتعرض لأزمات تموينية ونقص في بعض السلع الاستهلاكية من وقت لآخر فقد كان الحل الجاهز لامتصاص الغضب الجماهيري وبث روح الأمل مرة أخري هو إجراء تغيير وزاري يصيب وزارات الانتاج وهي علي وجه الخصوص الزراعة والصناعة والتموين, ومن هنا يبدو للناس أمل جديد في الأفق بقدرة الحكومة بعد تغييرها علي حل المشاكل التموينية والتي كانت هي سيدة الموقف, كما ظهرت في بعض وزارات ذلك العهد وظيفة نائب رئيس الوزراء وكما تظهر تختفي دون أن تكون هناك فلسفة وراء كلا الامرين وليس هذا وحده الامر الغريب إذ إن الأغرب منه ظاهرة أخري فمن وزراء آنذاك كانوا يعيشون علي سطح صفيح ساخن من القلق علي العقاب أو تقارير من جهة أو أخري قد تطيح بهم من كراسيهم ويتركون المنصب, وهم وغيرهم لا يعلمون السبب إلي وزراء في العهد السابق يظلون علي كراسيهم لفترات تتجاوز عشرين عاما دون أن يعرف أحد السبب في هذا الجمود والملل الذي أشاع لدي الناس اليأس من التغيير, وبث كراهية في النفوس وفقدت مصر أجيالا كانت تصلح للقيادة ولكن الجمود قضي عليها, ومن هنا فإن واحدا من أبرز الاسئلة التي تثار في غمار كل ما يجري علي أرض مصر أمام أعيننا يدور حول أهمية إعادة اكتشاف معني الحكومة ومسئولياتها ودورها, خاصة بعد التحولات التي جرت وظواهر الاحتجاج والاعتصام بسبب ضعف الاجور وزيادة الفجوة بين الأغنياء والفقراء, وانحطاط مستوي التعليم والصحة, وتخلي الحكومة عن جانب من مسئولياتها ولذلك فالسؤال تحديدا ما هو الدور الجديد للحكومة التي نريده لها؟
مشكلة الحكومة ليست في شكل الفكر ليبرالي أو اشتراكي أو إسلامي, ولا في حجم الانفاق ولكن في عدم فاعلية الحكومة, ولذلك فالخطوة الاهم لضمان نجاح الحكومة هي صياغة وتحديد الاهداف المرحلية والمستقبلية وترجمتها الي خطط وبرامج قابلة للتنفيذ نريدها حكومة تمكين للنهضة ومن بين دورها وأهدافها علي سبيل المثال تحديد معدل النمو المطلوب, وضمان عدالة توزيعه واستخدام الوسائل الاقتصادية المناسبة لتفعيل الانشطة المختلفة وزيادة الاستثمارات وانتهاج سياسة ضغط نفقات أجهزة الحكومة وتوفير البنية والبيئة القانونية والاستقرار والأمن لاستقطاب وإعادة الاستثمارات الهاربة, وبدء إصلاح حقيقي ومحاربة الفساد ومن الأهمية بغير حدود زيادة الانفاق علي التعليم والصحة والخدمات الاجتماعية, اننا نتصور فضلا عن ذلك اختصار عدد الوزارات ودمج بعضها فما معني وجود وزارة للتعليم وأخري للتعليم العالي, وأيضا وزارة للصحة ووزارة للسكان, وكذلك وزارة تم تفصيلها لأحد المقربين جمعت اختصاصات خمس وزارات وهي الآن في عالم النسيان وليست القضية شكلية ولكن ينبغي ان يكون هناك توصيف محدد لمهام الحكومة نتصوره في ستة محاور عاجلة هي التخطيط والمتابعة والاشراف علي جميع الخدمات الصحية والتعليمية واستحداث المؤسسات الضامنة لجودة واعتماد الخدمات والمرافق الصحية والتعليمية كما تقوم بتعديل القوانين الاقتصادية القائمة بما يحقق النمو المطلوب والمحاسبة والشفافية والانضباط, وعليها كذلك وضع سياسات اقتصادية ومالية ونقدية واضحة ومستقرة وعادلة والحد من الاحتكار وضمان سلامة استخدام موارد المجتمع مثل الاراضي والغاز والبترول, مهام ثقيلة وخطيرة تنتظر الحكومة القادمة فهل من يقدر عليها أم سوف يضيع المستقبل؟.
[email protected]
نقلاً عن الأهرام