مستشفى هليوبوليس.. الصرح الذى كان!

بالرغم من أنه لا يبتعد عن محل سكنى سوي أمتار قليلة الا انني لم أذهب اليه طواعيةً من قبل.. فكل زياراتي له كانت اضطرارية..
إنه مستشفي هليوبوليس ذلك الصرح العظيم الذي يشغل مساحة رهيبة في اجمل بقاع القاهرة.. في ميدان هليوبوليس بمصر الجديدة..
ربما لم تكن انطباعاتى الاولية السابقه بهذا القدر من الرضا او ربما كانت انطباعات سلبية الي حدٍ كبير ولكن هذه المرة قادتني قدماي وبكامل ارادتي كى اذهب اليه طواعيةً حين أصيب أبي بالتهاب رئوي حاد فقررنا أن نصحبه الي طوارئ مستشفي هليوبوليس علي سبيل انه الأقرب ولكن ما رأيته خلال مدة إقامته فيه التي تجاوزت الأربعة أيام لم يكن يخطر لي علي بال أبداً..
بدايةً في الاستقبال لم يكن هناك طبيب الا بعد ربع الساعة من توسلات للممرضات كي يقمن بالاتصال بالطبيب النوبتجي.. علي كل حال اتي الطبيب وإحقاقا للحق فقد قام بدوره علي الوجه الاكمل ( علي أد امكانياته)...ثم طلب اشعه فتوجهنا لقسم الاشعة المتهالك ليبدأ الرجل في محاولة ابتزازنا حيث قرر ان سعر الاشعة خمسون جنيها وانه سوف يخفضها للنصف (وكلك مفهومية) وبالطبع لا نملك الا الموافقه علي تلك المقايضه والا فلا اشاعة ولا "دياولو" ! ...
ملحوظة.. القطط تسرح في كل مكان وتلاحظ من حركة القطط انها صاحبة بيت وليست عابرة سبيل!
يقرر الطبيب بعد ذلك حجز أبي بالمستشفي لنبدأ مقايضة اخري حول الغرفة فمكتب الدخول يخبرنا انه يجب دفع مبلغ ثلاثة الاف جنيه تحت الحساب للاقامة بالدرجة الاولي الممتازة الا انه "وعشان خاطرنا" ممكن تتخفض للنص ( وكلك مفهومية تاني)!
وبالطبع ايضا لم نكن لنرفض والا فلن نجد مكانا بالمستشفي....
بعد قليل يخبرنا انه وللاسف لا يوجد متاح الا غرفة درجه اولي عادي... ومن الاسم توقعت انها مناسبه الا اننا وجدناها غرفه مشتركه وبلا اي كماليات لا مروحة ولا تكييف ولا ثاجه ولا تليفزيون وحوائط متهالكه ..عموما احنا مش جايين رحلة مش مشكله .. لكن الادهي ان الزجاج مكسر والهوا يلطش في المرضي ولم اكن املك إلا الاعتراض الذي لم يكن ذات معني او جدوي فقد استقررنا ودفعنا واللي كان كان....
قررت ان أقوم بجولة استكشافية في المستشفى فوجدت عجب العجاب حيث الغرف ذوات الثمانية اسرة وحلل المحشي والاهالي يفترشون الطرقات... الخلاصة ادركت اننا افضل حالا بكثير من غيرنا الا انني وجدت بعض الغرف الفاخرة والخالية ولكن بالسؤال اتضح انها تخص دكاترة بالمستشفي ومابينزلش فيها الا المعارف والعمليات التي تخصهم...
بعد الاضطرار لدفع مبالغ اخري من تحت الترابيزة تم نقلنا لغرفة مفردة بلا كماليات ايضا اللهم الا الزجاج اذا اعتبرناه كماليات..
ظاهرة القطط تزداد ضراوة ووحشية وغير قابلة للهش او للتهويش...!
الممرضات يقمن بواجبهن علي اكمل وجه - بالطبع بعد دفع اكرامية في كل مره تأتي الي الغرفة-!
عاملات النظافه اذا لم تدفع اكرامية سيأتون ولكن تأدية واجب واذا دفعت ستجد ما يسرك! ..
الطبيب الوحيد يأتي لمدة ثلاث دقائق ظهرا ولا نري اي اطباء بعد ذلك...!
الحمام بالغرفة غرقان بالمياه فالسباكة مضروبة وبالطبع في كل مره نشتكي يكون الرد ان السباك اجازة ولكنهم للحق اعطونا ممسحة ونتصرف احنا بأه !
جاء الان موعد المغادرة وفي الحسابات طالبونا بمبلغ اضافي حيث قالت الموظفه ان الحساب الاجمالي ٢٣٨٦ جنيها ولا أقولك خليها ٢٣٠٠ هكذا قالت بالحرف الواحد .....!
لا اعترض علي كرمها بالطبع ولكن اعترض علي الكيفية والطريقة البدائيه التي يتم بها الحساب والمطالبة الماليه حتي انني لم اتمكن من معرفة مفردات هذا الرقم ومن أين جاءت به!
عند خروجي من باب المستشفي كدت ان ابكي عندما رأيت لوحة الشرف في بهو المستشفي مكتوبا عليها "تم الافتتاح في عهد الملك فاروق الاول"!
.. الخلاصة.. مستشفي هليوبوليس ذلك الصرح العظيم والمفخره الطبيه في عهد فاروق الاول خير شاهد علي الانحدار والتدني من عصر لعصر ومن زمن لزمن حتي وصل الحال به وبنا الي هذا المستوي..
رجاء.. نظرة عطف وحنية يا اهل المسئولية في البلد دية!
مستشفي هليوبوليس بموقعه ومساحته ومبانيه يمكن ان يعود ليصبح اعظم مستشفي في الشرق الاوسط بقليل من الآمال وكثير من الاهتمام واتقان العمل... هذا ان اردنا ذلك ......... فهل من مجيب ؟!!!!!!