نبى الله «صالح»..يرجع نسبه إلى سيدنا «نوح»..ومعجزته خروج الناقة من بطن الجبل.. وأهلك قومه بـ«الصيحة»

سيدنا صالح -عليه السلام- نبى أصحاب الحجر أرسله الله إلى قوم ثمود بعد هلاك قوم عاد، وأيده الله بمعجزة خروج الناقة من بطن الجبل لتكون دليلاً على صدق نبوته.
نسبه يرجع إلى نبي الله نوح
سيدنا صالح –عليه السلام- هو صالح بن عبيد بن أسف بن ماشخ بن عبيد بن حاذر، وقيل: صالح بن جابر بن ثمود بن عامر بن إرم بن سام بن نوح، أحد أنبياء الله الذين اصطفاهم من عباده ليدعوا الناس إلى توحيده سبحانه، أرسله الله إلى قوم ثمود وهى: قبيلة من القبائل العربية البائدة، المتفرعة من أولاد سام بن نوح.
وسميت قبيلة ثمود، بهذا الاسم نسبة إلى أحد أجدادها، وهو: ثمود بن عامر بن إرم بن سام بن نوح، وقيل: ثمود بن عاد بن عوص بن إرم بن سام بن نوح، وسيدنا صالح من هذه القبيلة، ويتصل نسبه بثمود.
وكانت مساكن ثمود بالحِجْر، ولذلك سماهم الله في القرآن الكريم أصحاب الحِجر كما ورد في القرآن:«وَلَقَدْ كَذَّبَ أَصْحَابُ الْحِجْرِ الْمُرْسَلِينَ *وَآتَيْنَاهُمْ آيَاتِنَا فَكَانُوا عَنْهَا مُعْرِضِينَ *وَكَانُوا يَنْحِتُونَ مِنْ الْجِبَالِ بُيُوتًا آمِنِينَ *فَأَخَذَتْهُمْ الصَّيْحَةُ مُصْبِحِينَ *فَمَا أَغْنَى عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ»، [سورة الحجر:80-84]، والحِجْر: هى أرض بها جبال كثيره نحت فيها منازل قوم ثمود وتقع في المملكة العربية السعودية شمال المدينة المنورة، وآثار مدائن هؤلاء القوم ظاهرة حتى الآن، وتسمى مدائن صالح، كما تعرف ديارهم باسم «فجّ الناقة».
أرسله الله إلى قوم ثمود بعد هلاك قوم عاد
فقد جاء قوم ثمود بعد قوم عاد وكانوا قوما جاحدين آتاهم الله رزقا كثيرا ولكنهم كانوا يعبدوا الأصنام ويتفاخروا بينهم بقوتهم فبعث الله إليهم صالحا مبشرا ومنذرا ولكنهم كذبوه وعصوه، ، وقال صالح لقومه: «يَا قَوْمِ اعْبُدُواْ اللّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَـهٍ غَيْرُهُ»، فوجئ الكبار من قوم صالح بما يقوله لأنه يتهم آلهتهم بأنها بلا قيمة، وهو ينهاهم عن عبادتها ويأمرهم بعبادة الله وحده، وأحدثت دعوته هزة كبيرة في القوم، لأن سيدنا صالح كان معروفا لديهم بالحكمة والنقاء والخير، وكان قومه يحترمونه قبل أن يوحي الله إليه ويرسله بالدعوة إليهم.
وقال قوم صالح له كما ورد فى القرآن الكريم: «قَالُواْ يَا صَالِحُ قَدْ كُنتَ فِينَا مَرْجُوًّا قَبْلَ هَـذَا أَتَنْهَانَا أَن نَّعْبُدَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا وَإِنَّنَا لَفِي شَكٍّ مِّمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ مُرِيبٍ»، "سورة هود:62"، أى لقد كنت يا صالح مرجوا فينا لعلمك وعقلك وصدقك وحسن تدبيرك، ثم خاب رجاؤنا فيك أتنهانا أن نعبد ما يعبد آباؤنا؟، ما كنا نتوقع منك أن تعيب آلهتنا التي وجدنا آبائنا عاكفين عليها.
ثم أصبح قومه لا يصدقونه، وكانوا يشككون في دعوته، واعتقدوا أنه مسحور، وطالبوه بمعجزة تثبت أنه رسول من الله إليهم، ثم استجاب الله لطلبهم، فقد كانوا قوماً ينحتون من الجبال بيوتا عظيمة، وكانوا يستخدمون الصخر في البناء، وكانوا أقوياء وقد فتح الله عليهم رزقهم من كل شيء، ثم قال سيدنا صالح لقومه حين طالبوه بمعجزة ليصدقوه كما ورد فى القرآن: «وَيَا قَوْمِ هَـذِهِ نَاقَةُ اللّهِ لَكُمْ آيَةً فَذَرُوهَا تَأْكُلْ فِي أَرْضِ اللّهِ وَلاَ تَمَسُّوهَا بِسُوءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابٌ قَرِيبٌ» "سورة هود:64".
خروج الناقة المعجزة
وقد ذكر المفسرون أن الناقة كانت معجزة لأن صخرة بالجبل انشقت يوما وخرجت منها الناقة، وولدت من غير الطريق المعروف للولادة، ويقال: إنها كانت معجزة لأنها كانت تشرب المياه الموجودة في الآبار في يوم فلا تقترب بقية الحيوانات من المياه في هذا اليوم، وقيل: إنها كانت معجزة لأنها كانت تدر لبنا يكفي لشرب الناس جميعا في هذا اليوم الذي تشرب فيه الماء فلا يبقى شيء للناس، ووصف الله الناقة فى القرآن بقوله: «نَاقَةُ اللّهِ» فأضافها لنفسه سبحانه بمعنى أنها ليست ناقة عادية وإنما هي معجزة من الله.
وأصدر الله أمره إلى صالح أن يأمر قومه بعدم المساس بالناقة أو إيذائها أو قتلها، أمرهم أن يتركوها تأكل في أرض الله، وألا يمسوها بسوء، وحذرهم أنهم إذا مدوا أيديهم بالأذى للناقة فسوف يأخذهم عذاب قريب، في البداية تعاظمت دهشة ثمود حين ولدت الناقة من صخور الجبل كانت ناقة مباركة.
وعاشت الناقة بين قوم صالح، آمن منهم من آمن وبقي أغلبهم على العناد والكفر، وكان صالح -عليه الصلاة والسلام- يحدث قومه برفق وحب، وهو يدعوهم إلى عبادة الله وحده، وينبههم إلى أن الله قد أخرج لهم معجزة هي الناقة، دليلا على صدقه وبينة على دعوته، وهو يرجو منهم أن يتركوا الناقة تأكل في أرض الله، وهو يحذرهم أن يمسوها بسوء خشية وقوع عذاب الله عليهم، وذكرهم بإنعام الله عليهم بأنه جعلهم خلفاء من بعد قوم عاد وأنعم عليهم بالقصور والجبال المنحوتة والنعيم والرزق والقوة، ولكن اصروا على العناد والكفر.
مؤامرة الكفار لقتل الناقة
وتحولت الكراهية عن سيدنا صالح إلى الناقة المباركة، وركزوا كراهيتهم عليها، ثم دبروا في أنفسهم أمرا، وفي إحدى الليالي، انعقدت جلسة لكبار القوم، فأخذ رؤساء القوم يتشاورون فيما يجب القيام به لإنهاء دعوة صالح، فأشار عليهم واحد منهم بقتل الناقة ومن ثم قتل صالح نفسه، ولكن أحدهم قال: حذرنا صالح من المساس بالناقة، وهددنا بالعذاب القريب، فقال أحدهم سريعا: أعرف من يجرأ على قتل الناقة، فخرج عليهم اشقى القوم فشرب الخمر ثم ذهب بعد ذلك ليقتل الناقه.
وعندما علم النبي صالح بما حدث خرج غاضبا على قومه، وقال لهم: ألم أحذركم من أن تمسوا الناقة؟ قالوا: قتلناها فأتنا بالعذاب واستعجله، ألم تقل أنك من المرسلين؟ قال صالح لقومه كما قال الله فى كتابه العزيز: «تَمَتَّعُواْ فِي دَارِكُمْ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ ذَلِكَ وَعْدٌ غَيْرُ مَكْذُوبٍ»، ثم غادر بعدها صالح قومه وتركهم ومضى، ووعده الله بهلاكهم بعد ثلاثة أيام.
هلاك أصحاب الحِجر بـ«الصيحة»
ومرت ثلاثة أيام على الكافرين من قوم صالح وهم يهزءون من العذاب وينتظرون، وفي فجر اليوم الرابع: انشقت السماء عن صيحة جبارة واحدة، انقضت الصيحة على الجبال فهلك فيها كل شيء حي، وجميع كفار قوم صالح قد صعقوا جميعا صعقة واحدة، أما الذين آمنوا بسيدنا صالح، فكانوا قد غادروا المكان مع نبيهم ونجوا.