الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

سر ابتلاء الله الناس بـ«الأوبئة والكوارث الطبيعية»

صدى البلد

أخبرنا الله تعالى فى القرآن الكريم أنه عندما يعصي الناس الله تعالى فى الأرض فقد أفسدوا فيها لأن صلاح الأرض والسماء بطاعة الله فإذا فعلوا المعاصى ابتلاهم الله بنقص الأموال والثمرات جزاءً لهم على فعلهم حتى يرجعون ويتركون فعل المعاصى، قال تعالى: «ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ»، سورة الروم: آية 41.
وقال الإمام محمد متولي الشعراوي، في تفسيره للآية الكريمة، إن المقصود من قول الله تعالى: « ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ»، أي على عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فغلب الفساد على الصلاح وعلا عليه، وظهر أى بان ووضح، والظهور هو أن يُبين شيء موجود بالفعل لكنا لا نراه فالفساد كان موجوداً لكن أصحاب الفساد أظهروه حتى أنتشر في المجتمع، والفساد لا يظهر إنما يظهر أثره فإذا ازداد الغش وفاق الاحتمال لا بد أن يُظهره الله للناس ويفضح أهل الفساد ويذيقهم آثار ما عملت أيديهم.
وتابع: «فإن الله خلق الكون على هيئة الصلاح فلن ترى فساداً إلا فيما تتناوله يد الإنسان أما ما لا تتناوله يد الإنسان فلا ترى فيه خللاً فالفساد يأتي حين تُدخل يدك في شيء، أما الصلاح فموجود فإن علا تيار الفساد وظهر على الصلاح وغلبه بان للناس».
وأضاف الشعراوى فى تفسير الآية أن معنى قول الله تعالى: «ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ»، كانت نتيجة لدعوة الرسول على الكفار بسبب مقاطعته وعزله وإغراء السفهاء منهم لإذائه ثم عداوة أصحابه لذلك دعا عليهم فقال "اللهم اشْدُد وطأتك على مُضَر، واجعلها عليهم سنين كسنى يوسف" فأصابهم الجدب والقحط حتى رُوِي أنهم كانوا يذهبون للبحر لصيد السمك فيبتعد عنهم ولا يستقيم لهم فيعودون كما أتوا.
وأوضح إمام الدعاة أن المراد من قوله تعالى: «بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ»، أى أن الغالب أن تكون كسب للحسنة واكتسب للسيئة لأن الحسنة تأتي من المؤمن طبيعة فلا تحتاج منه إلى مجهود، أما السيئة فعلى خلاف الطبيعة فتحتاج منه إلى مجهود و محاربة لجوارحه لأنها على الحقيقة تأبى ما يفعل، ونلاحظ أن الله لما ذكر الرحمة لم يذكر سببها، لكن ذكر علّة الفساد لأن الرحمة من الله أولاً وأخيراً تفضل، أما الأخذ والعذاب فبَعدله تعالى فإن رأيت الفساد فاعلم أنه نتيجة إهمال وغفلة فاقت كل الحدود .
وأشار إمام الدعاة أن قوله: «لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُواْ»، الإذاقة هنا عقوبة لكنها عقوبة الإصلاح وحين يُذيق الله الإنسان بعض ما قدمت يداه يوقظه من غفلته ويُنبه فيه الفطرة الإيمانية فيحتاط للأمر ولا يهمل وتظل عنده هذه اليقظة الإيمانية بمقدار وعيه الإيماني وقد أذاق الله أهل مكة عاقبة كفرهم حتى جاعوا ولم يجدوا ما يأكلونه إلا دم الإبل المخلوط بوبرها.
ولفت أن الله تعالى ختم الله الآية الكريمة بقوله: «لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ» لأن الكلام هنا في الدنيا وهي ليست دار جزاء فالله يُذيقهم بعض أعمالهم ليلتفتوا إلى الله ويتوبوا ويعودوا إلى حظيرة الإيمان لأنهم عبيده.