الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

الحكومة وتحديات المرحلة


مع قيام ثورة الثلاثين من يونيو كان كل أبناء بلادى مصر ، وجميع الذين كفروا بديمقراطية الاخوان المسلحين ، تحدوهم آمال كبار أن تكون هناك حالة جديدة تستعيد بها الدولة كيانها ، وتعود الى سابق عهدها وتاريخها كدولة محورية فى المنطقة ، قوية ، أبية ، مستقرة ، دولة مؤسسات قادرة على الارتقاء بمستوى معيشه أبنائها ، وضمان أمن مواطنيها ، والانتقال بهم من مرحلة الذل الى الكبرياء ، من المهانة الى الكرامة ، من ذل السؤال الى رغد العيش ، من النظر الى مصالح الجماعة والأهل والعشيرة الى صالح الوطن وعامة الناس.
ولكن وعلى مايبدو أن كثيرا من أبناء بلادى مصر - وأنا منهم – قد أسرفوا التفاؤل الذى وصل بهم الى درجة اليقين من انصلاح الأحوال ، وتصحيح الأخطاء ، والسير نحو الديمقراطية الحقيقية ، التى تقوم على اساس اقامة العدالة بين الناس ومساواتهم فى الحقوق والواجبات أمام القانون.
فما أن أزالت قوة الارادة الشعبية التى خرجت بالملايين فى كل ميادين مصر حكم الاخوان المسلحين ، رافضة سياسة الخضوع والخنوع والتفكير فى مصالح التنظيم على حساب الوطن ، إلا وظهرت الساحة من جديد فى مشهد يعيد نفس السيناريو الذى سارت عليه الجماعة ، دون أى تغيير سوى فى الشخوص ، والمسميات والمظهر، والوجهة والتوجه وظهر على المسرح السياسى هواة جدد ، يصولون ويجولون حول مستقبل مصر دون أدنى معرفة بالسياسة أو علم الإدارة.
صحيح ان الحياة فى مفهومها الدينى ، هى دار ممر الى دار مستقر ، الا أن الرسول الكريم صلوات الله وسلامة عليه أوصانا بأن نعمل لحياتنا كأننا نعيش أبدا ، ولذا كان لابد من التخطيط لحياة كريمة تتناسب مع آدمية وحقوق الشعب ، غير أن أداء الحكومة والساسة يؤكد – فى رأيى - أن البلاد تفتقد الى الإدارة الرشيدة وأنه لأمل فى ديمقراطية حقيقية فى ظل إدارة الحكومة الحالية.
فمنذ ان تولت الحكومة السلطة التنفيذية ، لم تنجز شيئا يتلمسه المواطن ، وأصيبت كل وزاراتها بالخمول والكسل ، وان شئت قل الجبن ، على مواجهة الأزمات ، ولم يظهر لها أى أداء باستثناء وزارتى الداخلية والدفاع ، اللتان تتحملان المسئولية الكبيرة فى حفظ واستقرار أمن البلاد ، وتقومان أيضا بأداء بعض وظائف الوزارات الأخرى ، فضلا عن كون الحكومة عاجزة عن مواجهة التحديات التى تواجه المرحلة الحالية ، فلا هى أعلت من هيبة الدولة فى تطبيق القانون فى مواجهة الأزمات الراهنة والتى تتكرر بصورة شبه يومية ، ولا هى حققت للمواطن ابسط حقوقه فى عيش كريم ، من خلال سياسة اقتصادية واضحة ، ولا هى نزلت الى الناس لتتعرف على مشاكلهم ، ولا حتى استمعت اليهم.
فمازال المواطن لايعرف للمسئول طريقا ، ومازالت مشاكله قائمة بل تزداد تعقيدا يوما بعد يوم ، ومازالت الحكومة تصم آذانها عن كثير من المشاكل وفى مقدمتها البطالة التى طالت حتى الصحفيين ، دون أن تتحرك أى جهة لدراستها أو معرفة اسبابها والوقوف على حلها.
ومازال المواطن يحدث نفسه متى يشعر بأنه يعيش فى دولته ، ومتى يرى اعلاما محايدا ليس بوقا للسلطة ، ومتى يعيد الثقة فى تصريحات الحكومة.
وكثير من المشاكل المطروحة على الساحة تؤكد اننا مازلنا نفتقد الادارة الجيدة القادرة على اصلاح الدولة ، وتحقيق مصالح البلاد والعباد ، وفى اعتقادى أن الادارة الحالية تخلق نوعا جديدا من التطرف فى الدولة ، لتنتقل البلاد من التطرف الدينى ، الى تطرف الافكار القوادة الى الخلاعة ، وهى امور لاتستقيم مع توجهات الناس وكفيلة –على الاقل عندى – بأن يكفر الناس بالديمقراطية التى تعد لها النخبة او الادارة الحالية.
الحكومة فى غفلة من الزمان والمكان ، وقبل أن أكفر بما تقول عنه الحكومة ديمقراطية جديدة ، عليها أن تتحرك قبل فوات الأوان ، لان اداءها الحالى ينذر بعواقب وخيمة ، ولا يتناسب على الاطلاق مع تحديات المرحلة ، التى تتطلب وبشكل مباشر تخفيف الأعباء عن المواطن البسيط ، الذى لايفهم فلسفة الحكومة ونواياها ولكنه يفهم مايراه على تطبيق على الأرض وهو ماغاب عن الحكومة وأظن – وليس كل الظن اثما – أنه يغيب عنها دائما.

المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط