الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

«الحقونا بالتجربة الهندية».. دلهي رفعت أجور «المعدمين» خلال الإصلاح الاقتصادي في التسعينيات.. أعادت هيكلة القطاع العام وبسطت التوظيف بتعديل قانوني

الاقتصاد الهندي-
الاقتصاد الهندي- أرشيفية

  • التجربة الهندية:
  • الإصلاح الاقتصادي في الهند تجربة رائعة في الحفاظ علي المواطن الفقير
  • الهند بسطت إجراءات التوظيف والاستغناء عن العاملين بتعديل قانوني
  • زودت المواطنين بفرص عمل ورفعت الأجور
  • أعادت هيكلة دور القطاع العام في الاقتصاد الهندي

التجربة الاقتصادية الهندية واحدة من أهم التجارب المثيرة للجدل في العالم المعاصر، ذلك أن هذا البلد، استطاع في السنوات الأخيرة أن يحقق تطوراً كبيراً في مقدراته التنموية، وأن يصبح قوة اقتصادية عالمية، محافظًا علي المواطن الفقير في خطة الإصلاح الاقتصادي.

ويشرح الخبير الاقتصادي عبدالمطلب عبد الحميد، التجربة الهندية واصفاً إياها بالمثال الرائع إذا ما تم تطبيقها في خطة إصلاح الاقتصاد المصري مُتلافية الآثار السلبية للقوانين الضريبية علي "الطبقات الفقيرة" ومنها قانون القيمة المضافة .. وأوضح لنا الخبير الاقتصادي آليات الحكومة الهندية في الحفاظ علي مواطنيها من سلبيات الاصلاح الاقتصادي..

وقال "عبد الحميد" إن الهند لم تتجاهل محدودي الدخل في خطة إصلاحها الاقتصادي لكفاءة حكوماتها، دون أن ترهقه وتعدمه ماديا علي عكس الأوضاع في مصر، لافتًا إلى أن شبكة الحماية على محدودي الدخل في مصر لا وجود لها بالفعل.

وأوضح "عبد الحميد" في تصريح خـاص لـ"صدي البلد"، أن الهند اتخذت خطوات أهمها تحديد الفئات التي تستحق الدعم، توفير السلع بأسعار منخفضة، الرقابة المشددة علي الأسواق لتأمينها من الممارسات الاحتكارية وضبط الأسعار، والتعويض المادي للفئات المتضررة، مشيرًا إلى أنها استطاعت أن تقفز اقتصاديا ليتفوق اقتصادها علي الصين محققة الاكتفاء من السلع ولا سيما الاستهلاكية وكثير من المصنوعات الهامة تحت شعار "إنتاج من أجل الاكتفاء".

وقال متأسفًا: الحكومة المصرية "دايما بتيجي الشعب" وأعضائها "كفء" في النيل من جيوب الفقراء لصالح الأغنياء.

  • "باختصار.. التجربة الهندية"
استطاعت الهند أن تبني اقتصادا قويا قائما على المقدرات الذاتية وعلى الموارد البشرية المؤهلة، وبفضل سياسة نخبها، الذين تولوا تدبير الشأن العام، حيث انتقلت الهند من سياسة الانكماش والانعزال الاقتصاديين في عهد كل من "المهاتما غاندي" و "جواهر لال نهرو"، إلى سياسية الانفتاح على العالم، وعلى الاستثمارات الأجنبية التي طورت اقتصاد البلاد، بدءا من تسعينيات القرن الماضي.


  • مع أوائل التسعينيات"
ولم تستطع السياسة التنموية الاحترازية المتبعة من طرف صانع القرار الهندي في تلك المرحلة ، تحقيق تنمية حقيقية للبلاد، بل على العكس من ذلك كانت نتائجها عكسية تماما، ففي " سنة 1991 كانت الهند مفلسة تماما، حيث وجد ما يناهز 120 مليون هندي، أنفسهم في وضع اقتصادي جد حرج (دائرة الفقر)، وأدى التضخم، الذي جاوز 17 بالمائة إلى تآكل الدخول المنخفضة، وبحلول العام 1991، أصبح 330 مليون نسمة أو اثنان من كل خمسة هنود يعيشون تحت خط الفقر، وانهارت الموارد المالية للحكومة، وأضحت الهند أمام كارثة محققة، وقد دفعت شدة الأزمة التي مرت بها الهند، إلى تسليم "حمولة طائرة بأكملها من احتياطي الذهب، كرهان مقابل ضمان قروض قصيرة الأجل من لندن.

  • "إعادة هيكلة"
هذا وتعتبر إعادة هيكلة دور القطاع العام في الاقتصاد الهندي من بين أهم التغييرات التي أحدثتها عملية التحول إلى الاقتصاد الحر, إذ كان ناراسيما راو ومانموهان سينغ واضحين منذ البداية في التأكيد على أن الحكومة لم تعد مقتنعة بدور القطاع العام كقاطرة للاقتصاد، بعد ما أثبت فشله الذريع في تحقيق أهداف التصنيع والنمو وتخفيف حدة الفقر، ناهيك عن نقص عائده مقارنة بما ينفق عليه من استثمارات.

  • "طرق إصلاحية"
1- التعديلات الهيكلية، والتركيز على إصلاح القطاع الحكومي غير المتضخم وغير الفعال، مع إصلاح الإدارة المالية العامة لنحو أفضل, فوفق معايير اقتصادية بسطت الحكومة إجراءات التوظيف والاستغناء عن العاملين، مع تعديل قوانين العمل ضد القوانين التي تنص على أن الوظيفة مضمونة مدى الحياة لشاغليها, مع أهم فائدة لهذا القطاع في تحريره من تدخل الدولة، والتي كانت تحتفظ بملكية كبيرة في القطاع المصرفي وتعثرت في إدارته؛ مما رفع القروض غير المدفوعة.

2- تحرير الاقتصاد، وهو ما أدى لتحسين أدائها مؤخرًا، كما لفت تقرير البنك الدولي الأخير ليعيد ذلك للحكومة الجديدة وعملها على تسهيل إجراءات إنجاز الأعمال، وتشجيع الاستثمار وتوظيف أموال في مشاريع تتعلق بالبنية التحتية والمرافق لتعزيز جاذبية النشاطات الاقتصادية، وأفسحت الحكومة الجديدة المجال أمام القطاع الخاص للمساهمة في صناعات أساسية، مثل صناعة الفحم التي كان يحتكرها القطاع العام.

3- وضمن الإصلاحات الجذرية تهدف الحكومة الهندية لتخفيض دعم الوقود إلى 14%، والتخطيط لإعادة هيكلة برامج الدعم المسرفة لتوفير الأموال الحكومية وتدفقات نقدية قابلة للاستثمار, حيث تخطط الحكومة توفير 4.5% من العجز المالي لمشاريع البنية التحتية، القرار الذي سيكون صدمة لمتوسط العمال ومن يعتمد على الإعانات من أجل البقاء في بلد يشكل الفقراء 1/5 منها, لكن الحكومة الآن تسعى لتحقيق توازن بين متطلبات الارتقاء بمستويات المعيشة للفئات ذات الدخل المحدود والمتدني، وبين رفع كفاءة بيروقراطية الحكومة معتمدة على تزويد المواطنين بفرص عمل ورفع الأجور.

4- الغالبية من الهنود تعتبر الفساد المزمن سببًا رئيسيًّا في تحجيم بلدهم لما له من أثر سلبي على كفاءة الحكومة والأداء الاقتصادي, ومن هنا كان اهتمام الحكومة الجديدة بدعم استقلال السلطة القضائية ومعالجة افتقار المحاكم الهندية إلى التكنولوجيا اللازمة لمراجعة 30 مليون قضية عالقة حسب تقديرات الأمم المتحدة.

5- حررت الهند الاستثمار الداخلي بأن خفضت رسوم تسجيل الشركات بشكل كبير، وتسهيل متطلبات الترخيص، والحديث بشأن رفع أجور عمال القطاع الخاص، وخفض معدل الضريبة على الشركات من 30% إلى 25%، مع تحسين بيئة الأعمال والاستثمار.

6- تبنت الحكومة الجديدة خارطة طريق لضبط الأوضاع المالية العامة، وكما رفعت الحكومة يدها عن القطاع العام مع تعويض عجز الحكومة السابقة من فائض الإنتاج المحلي،لتحقيق التوازن الاقتصادي

7- سعت الحكومة إلى استصدار تشريعات مهمة تتعلق بإصلاحات لأنظمة التأمين، وملكية الأراضي، لتسهيل اجتذاب استثمارات ضخمة لثالث أكبر اقتصاد في آسيا على نحو ممنهج،وتقديم تسهيلات للمستثمرين.

  • "إجراءات تاريخية"
اتخذت الهند اجراءات تاريخية عملت على إخراج البلاد من الكساد التي كانت تعاني منه، والأكثر من ذلك عملت على إحداث ثورة في التوجه الاقتصادي والسياسي للبلاد، من دولة اشتراكية تقوم على المركزية المفرطة، إلى دولة ليبرالية تقوم على الانفتاح الاقتصادي اتخذت الحكومة تدابير اقتصادية عاجلة وناجحة على مدى ، كخفض قيمة العملة، وتحرير قطاع الاصادرات الاقتصادية ، فتح المجال للمستثمرين في قطاعات صناعة الطيران والنفط التي كانت مملوكة للدولةّ، إلغاء أحكام التراخيص في وجه الشركات الأجنبية، وبالتالي التقليل من البيروقراطية والفساد، وخفض الضرائب ولم يكن لهذه الاجراءات الجديدة والجريئة فقط آثارا اقتصادية محضة بل حتى اجتماعية ونفسية، إذ عززت ثقة المواطنين في حكومتهم وبدأ المستثمرون يثقون بمؤهلات السوق الهندية، وبدأت الشركات "في تشغيل العاطلين وانخفض حجم التضخم من اكثر من عشرة إلى ما دون العشرة، وانخفض الدين، كما تم استرداد احتياطي الصرف الاجنبي النفيس، وتجنبت الهند الأزمة.