الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

المخادع المخدوع


أتوقف باهتمام بالغ عند تحليل مضمون المكالمات المسربة لإبراهيم عيسى والتي تكشف عن حالة من الارتباك يمر بها الكاتب بعدما بلغ من العمر خمسين عاما يسيطر غضبه على تفكيره ، ابراهيم الحائر يتعرض الآن لعملية انكشاف جماهيري ، يعاني من آلام الأعراض الانسحابية لإدمان الشهرة ، لايمكن ان ننكر كونه مثقفا قارئا لآلاف الكتب، إلا انها ثقافة مدرسية لم ترتبط يوما بتجربة حقيقية يمكن إخضاعها لتقييم علمي.
 
لقد نجح ابراهيم في تكوين ثروة بالفعل الا ان ثروته لم تنجح في تكوين نموذج انساني يضيف قيمة مهنية، وفي ظل مرحلة تاريخية تمر بها الدولة المصرية خضع عيسى لعملية فرز جماهيري أسفرت عن عجزه عن الصمود امام الحقيقة التي اكتشفها جمهوره بأنه لم ينفصل يوما عن الانظمة أو عن مجتمع رجال الاعمال او عن الاضواء، الا انه انفصل عن جزء من جمهوره ومبادئه بعد انفصاله العضوي عن فصيل ودهاليزه الى فنادق الخمسة نجوم.
 
قبل الحديث عن المكالمات المسربة نعيد التذكير بتعيين حراسة عليه في وقت مبكّر أوائل التسعينيات الامر الذي يعبر عن اتصاله المباشر بالاجهزة ، ثم نتجه الى كتاباته بجريدة الدستور التي تحولت الى منبر دعائي لجماعة الاخوان باعتبارها كيانا وطنيا يضم كوادر مؤهلة، بعدها نستعرض مواقفه التي تشهد تناقضا حادا وارتباكا في الشخصية اكدته المكالمات المسربة.
 
لقد قامت ثورة يناير ليجد ابراهيم عيسى المثقف النظري نفسه امام واقع ضخم فأبهرته اضواء التجربة العملية فانحرف انسانيا وفكريا وظل مصمما على الاطلال على جمهوره الذي اكتشف مسخا اعلاميا لم يعد قادرًا على تحديد هويته او المقصود من رسالته.
 
بعد الثوره مباشرة كان ابراهيم اول من قدم برنامجا على شاشة قناة الجزيرة ثم عاد ليسب القناة ويتهمها بالخيانة، وبعد تسويقه لجماعة الاخوان راح يصفها بالخائنة حتى انه عندما شهد ضدها في قضية اقتحام السجون أعلن امام القاضي انه كان مخدوعا في الجماعة، هذه شهادة موثقة.
 
وبعدما قضى نصف عمره في مهاجمة مبارك وصفه بأنه كان وطنيا، ووصل ارتباكه خلال اول انتخابات رئاسية انه لم يستطع كشف انحيازه رغم تصويته لصالح شفيق.
 
ثم تأتي المكالمات لتكشف عن منهج اهتزاز قد سيطر تماما على شخصيته واليك المكالمات:
في المكالمة الاولى يؤيد البرادعي في الكشف عن موازنة الجيش ثم ينضم عضوا بالحملة الاعلامية للمشير عبدالفتاح السيسي وقتها القادم من الجيش العظيم ، ثم يواصل خداعه وانخداعه ليؤكد في نفس المكالمة ان مصر بحاجة لشخص مثل البرادعي.
 
وفي المكالمة الثانية ينصب ابراهيم عيسى نفسه وصيا على البرادعي وكاتب تويتاته ومنظره الإعلامي ، وهو الدور الذي فشل في ممارسته مع السيسي فانقلب عليه.

أما الثالثة فيصر خلالها على ان البرادعي اصلح من يحكم مصر رغم مطالبة الأخير بفرض الطوارئ في نفس المكالمة ، ثم يكشف خلال المكالمة عن علاقته الوطيدة بنجيب ساويرس صاحب الشركة الوحيدة التي أدين مديرها الهارب الى أمريكا ألكس شلبي بتمرير مكالمات لإسرائيل ، وهو نفسه صاحب الشركة الوحيدة التي صاحبت الجيش الامريكي في اعادة إعمار العراق.
 
عزيزي إبراهيم.. حاول ان تعامل مصر كما تعامل نجيب وطارق نور ، حقيقة أنا مشفق عليك
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط