قناة صدى البلد البلد سبورت صدى البلد جامعات صدى البلد عقارات Sada Elbalad english
english EN
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل

فساد المحليات وسياسة التخريب


بالتأكيد أن حادث مقتل الشاب محمود بيومي في أحد الكافيهات بمصر الجديدة عقب انتهاء مباراة مصر والكاميرون في نهائي كأس الأمم الأفريقية "حادث مأساوي" هز المجتمع المصري وكان بسبب أنه حدث خلاف ومشادة كلامية بين الشاب "محمود" ومعه مجموعة من أصدقائه مع عمال الكافيه بسبب المطالبة بحساب المشروبات مما أدي إلى تطور الخلاف وقام أحد العاملين بالكافيه بطعن "محمود" بآلة حادة مما أدى إلى مقتله وتم القبض علي صاحب الكافيه وعدد من العاملين وتمت إحالتهم للنيابة العامة التي تجري تحقيقاتها الآن لمعرفة ملابسات الجريمة.

ولكن ما حدث بعد ذلك غريب جدًا وهو قيام أجهزة المحليات في محافظتي القاهرة والجيزة بحملات مكبرة وتم هدم وإزالة أكثر من 100 كافيه بالمحافظتين بدعوى أنها مخالفة وتمت إقامتها بدون ترخيص وهذا منطق غريب.. فهل لو قتل الشاب "محمود" في أحد محلات السوبر ماركت كانت المحليات ستقوم بهدم محلات السوبر ماركت المُخالفة؟ وهل سبب الخلاف والذي أدى إلى قتل الشاب هو أن الكافيه مُخالف وتم إنشاؤه بدون ترخيص حتى ينتفض مسئولو الأحياء بهدم هذه الكافيهات المُخالفة ألم يتم إنشاء وإقامة هذه الكافيهات نهاراً جهاراً أمام أعين الأجهزة المسئولة بالمحليات منذ عدة شهور أو سنوات وتم التغاضي عنها وغض بصر المسئولين لوجود تواطؤ بين أصحاب هذه الكافيهات ومسئولي الأحياء مقابل مصالح مادية وأن الكل يعرف القاصي والداني أن فساد المحليات تخطي الركب ووصل للأعناق وليس الآن ولكن منذ زمن بعيد.

وعن مسألة هدم هذه الكافيهات فهي سياسة تخريبية وخسارة للاقتصاد القومي وتشريد للعمالة بها حيث إن المائة كافيه التي تم هدمها يعمل بها في المتوسط حوالي 1500 عامل بمُعدل 15 عاملاً في الكافيه الواحد وهذه العمالة مسئولة عن حوالي 1500 أسرة، وبسبب هذا الإجراء التخريبي انضم هؤلاء العمّال إلى جيش البطالة الذي بلغ حسب النشرات الرسمية 13% والذي يصل علي أرض الواقع إلي أكثر من 20% من قوة العمل في مصر من جراء تردي الأحوال الاقتصادية منذ عام 2011 نتيجة فوضى 25 يناير التي أثرت بالسلب في كافة نواحي الحياة المصرية.

ولذا أليس من الأجدى أن تبدأ المحليات وعلى رأسها وزارة التنمية المحلية باتباع سياسة جديدة نحو المخالفين وهو مصادرة المبني المخالف وتغليظ العقوبات المالية فقط بدلاً من سياسة الهدم والتخريب التي تنتهجها الآن، فمثلاً في حالة العمارات المُخالفة التي تم بناؤها بدون ترخيص أو هناك أدوار بالعمارة تمت إقامتها زيادة على ما هو موجود بالرخصة يتم تشكيل لجنة هندسية لفحص العمارة، فلو أن البناء غير سليم حسب المواصفات والأساسات لا تتحمل المبني في هذه الحالة فقط وجب هدم البناء أو العمارة ولكن في حالة أن البناء سليم حسب المواصفات المطلوبة وكانت الأساسات سليمة تتحمل المبني أو الأدوار المُخالفة، وهنا يتم إصدار قرار وزاري بمُصادرة العمارة أو الأدوار المُخالفة لصالح الدولة وبيعها بالمزاد وتورد الحصيلة للخزينة العامة ويتم أيضًا تغريم صاحب العمارة غرامة مساوية لما تم مُصادرته، وفي حالة أن الشقق المُخالفة كان بها سكان يتم تقدير قيمة هذه الشقق بمبلغ معين ويحصل قيمة هذا المبلغ مُضاعفاً من صاحب العمارة، وهنا سيتم توفير عائد مادي لخزينة الدولة والحفاظ علي الكيان المبني كجزء من الاقتصاد القومي وعدم تشريد العمالة في حالة أن كان هذا المبني منشأة اقتصادية أو سياحية مثل الكافيهات وذلك أفضل من سياسة التخريب والتدمير التي تنتهجها المحليات حالياً.