الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

مفرمة المال العام في "بنها العسل"


مدينة بنها هى عاصمة محافظة القليوبية وتشتهر بــ "بنها العسل" وتندمج فيها الأصالة والحداثة معا، ويوجد بها من التراث والفن الذى تتميز به عن باقى مدن مصر، كما أن بها ألوف المثقفين الذين فتحت عيونهم على فكر أجدادهم البنهاوية وأبناء القليوبية الذين كانوا أعلاما يهتدى إليهم الطلاب من كل بقاع مصر .. كما أن تراثها الشعبى ومفرداته يتميز بطابع مختلف يؤكد أن هذه المدينة متفردة فى كل نواحى الحياة .

أما الطبيعة الجغرافية لمدينة بنها متميزة لدرجة كبيرة وخاصة أنها تقع على هيئة شبه جزيرة فيحدها الماء العذب من ثلاث نواحٍ ومن الشرق والجنوب يحدها الرياح التوفيقى ومن الغرب يحدها فرع دمياط، كما أن مبانيها متفردة الى أقصى درجة وشوارعها الرئيسية التى كانت فى الماضى عنوانا للحضارة قبل أن تُبتلى بأن تكون حقول تجارب مرورية , وكان الكثير يطلق عليها " زمالك القليوبية " لاقترابها الى درجة كبيرة فى شكل حى الزمالك بالقاهرة .

كل ما سبق كان محاولة لرسم صورة المدينة الصغيرة والجميلة فى الماضى .. أما الآن فتبدلت الصورة الجمالية الى صورة مليئة بالعشوائية ومليئة بالسلبيات التى حولتها الى حالة تستحق الدراسة أو على الأقل العرض، فضياع التناسق في مكونات الطبيعة داخل مدينة بنها كان بفعل بشرى مع سبق الإصرار والترصد لإخراج صورة قاتمة السواد، فهو ناتج عن فشل مرتبط بسياسة او استراتيجية معينة من المحافظين السابقين حينما كانوا يقومون بالارتجال في إصدار القرارات السريعة دون دراسة والتى نتج عنها إهدار ما يقرب من نصف مليار جنيه دون فائدة واحدة .

فالجميع فى بنها أجمع على أن المنشآت التى صرفت عليها محافظة القليوبية ما يقرب من نصف مليار جنيه ليس لها فائدة واحدة تذكر بل إن لها عيوبا كثيرة , أهم هذه العيوب على الإطلاق ضياع المظهر الحقيقى والحضارى للمدينة الجميلة بالإضافة الى الزحام المرورى الذى نتج عن التحويلات المرورية الجديدة , فلا يعقل أن يلغى كل شوارع المدينة وتتحول المدينة الى شارعين فقط .. الأول يبدأ من منطقة الكوبرى وحتى منطقة الأهرام مرورا بمنطقة سعد زغلول والثانى يبدأ من منطقة الأهرام الى منطقة الكوبرى مرورا بكورنيش النيل، فهذه التحويلات المرورية الجديدة صعبت الحركة على الجميع دون استثناء بل إنها زادت الطين بلة حينما زاد التكدس المرورى بعكس توقعات من قام باقتراح وتنفيذ الفكرة , مع العلم أن هذه التحويلات صُرفت عليها عشرات الملايين منفردة عن باقى الإنشاءات التى لم تنفع المدينة بل أضرتها .

كما أن المحاور المرورية الجديدة والتى تم إنشاؤها مؤخرا عند منطقة الكوبرى على خط 12 وخط 13 يختلط الأمر على روادها بسبب خطأ فى الرسم والإنشاء , مما جعل المحافظ السابق اللواء عمرو عبد المنعم يطلب دراسات جديدة لكيفية ربط المحاور ببعضها برغم أن تكلفة تلك المحاور المرورية وصلت الى 233 مليون جنيه فى حين أن هذا الرقم كان من الممكن اختزاله الى 70 مليون جنيه وتوفير ما يقرب من 160 مليون جنيه إذا تم إنشاء نفقين يقومان بدور المحاور المرورية وخاصة أن الدور الأوحد لهذه المحاور هو عبور السكة الحديد فقط .

كما أن نفق كلية علوم برغم أن هذا النفق قام بدور حيوى فى ربط شمال وجنوب المدينة ببعضهما إلا أن إنشاءه لم يكن على المستوى الذى يليق بمشروع صُرفت عليه عشرات الملايين .

ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد بل إن نفق الإشارة الذى يتم العمل فيه الآن ضرب مثلا كبيرا فى العشوائية وخاصة أن النفق لن يخدم إلا اتجاها واحدا وضيع الملامح الجميلة لمنطقة كورنيش بنها ولقصر ثقافة بنها والذى يعد علامة مميزة من علامات محافظة القليوبية لكونه يقترب من مبنى إدارة جامعة بنها والذى كان فى الماضى قصرا للخديوى عباس حلمى الثانى , كما أنه سيفقد دوره الرئيسى بعد سنوات قليلة لضيق النفق ولضيق الشوارع المجاورة له , فالجميع أجمع أن هذا النفق ينضم الى سلسلة المشاريع التى صُرف عليها المال العام ولن تؤتى ثمارا إيجابية .

يا سادة ... إن العشوائية فى التفكير تساوى الفساد , كما أن القليوبية كانت من المحافظات عثرة الحظ حينما قام بالتناوب عليها أربعة محافظين على مدار عامين برغم أن معظمهم كفاءات ولكن لم يستطيعوا أن يتعرفوا على طبيعة وجغرافية المكان فلم يستطيعوا القيام بمهامهم ومنهم من قصر فكانت بنها العسل مفرمة للمال العام فى مشاريع ظاهرها الخير وباطنها العذاب.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط