الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

أستاذ عقيدة تنصح بـ5 أمور للفوز بالجنة.. وتؤكد: « المغفرة والأجر العظيم وباب الريان » جوائز للصائمين.. و10 أفعال تبطل «العبادة»

صدى البلد

  • الدكتورة إلهام شاهين:
  • على المسلم فعل 5 أمور عند استقبال رمضان للفوز ببركاته
  • الصيام وقاية تحجز المؤمن عن أن تمسه النار
  • القرآن والصوم يشفعان للعبد يوم القيامة
  • الصيام تجتمع فيه جميع أنواع الصبر


أكدت الدكتورة إلهام شاهين، أستاذ العقيدة والفلسفة بجامعة الأزهر، أن رمضان ضيف عزيز ويجب أن تستعد له جيدًا وألا نضيع جوائزه «الرحمة والمغفرة والعتق من النار»، منوهًة بأن الله عز وجل اختص نفسه بكتابة أجر الصائم.

وقالت «شاهين» في حوارها لـ«صدى البلد»، إنه علينا أن نفرحْ بقدوم رمضان، ونستعدَّ له بترك المعاصي، ومضاعفة القربات، والإخلاص في الطاعات، وإنهاء حالات الخصام والقطيعة مع كل الناس.. وإلى نص الحوار


متى فرض الصيام على المسلمين؟

فرض صيام شهر رمضان في السنة الثانية من الهجرة، وصام الرسول صلى الله عليه وسلم تسع رمضانات.

وضحي لنا الحكمة من جعل الصوم أيامًا معدودة؟

أمر الله تعالى عباده بالصيام أيامًا معدودة، فقال تعالى: «أَيَّامًا مَّعْدُودَاتٍ فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ فَمَن تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ وَأَن تَصُومُواْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ» (البقرة 184).

جعل الله عز وجل مدة الصوم المفروض «أيامًا معدودات» كما ذكر القرآن الكريم، والحكمة في ذلك أن الإنسان لو أسرف في تجويع نفسه لأضعف جسمه، وأنهك قوته، وفقد الوقود الذي يحتاج إليه في عمله ونشاطه، خاصة إذا كان يبذل جهدًا عظيمًا في وظيفته كأصحاب الأعمال اليدوية المتعبة الشاقة، لذلك جعله الإسلام شهرًا واحدًا في العام، وحث على وجبة السحور ليقوى الإنسان على صوم النهار.


حلّ علينا أول أيام رمضان.. فكيف نستقبل الشهر المبارك؟

للفوز ببركات رمضان علينا 5 أمور، أولًا: أن تفرحْ بقدوم رمضان، وتستعدَّ له بترك المعاصي، ومضاعفة القربات، والإخلاص في الطاعات، فكم من متشوفٍ إليه أقعده عن صيامه المرضُ! وكم من منتظِرٍ له باغتَهُ الموتُ وألمَّ به الأجل وتعلم أنه من فضْل الله عليك، ومحبتِه لك: أنْ نَسَأَ في حياتك، حتى تتزوَّد من خير رمضان هذه السنة؛ «قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ» (يونس: 58)، فلا يظفر بنعمة إدراك رمضان، والاغتراف من خيراته، إلا المبشَّرون برحمة الله.

ثانيًا: أن تتوب توبة صادقة لأننا بشرٌ، تارةً نخطئ وتارةً نصيب! فالمسلم مهما بلغت درجات إيمانه معرض للخطأ، والمؤمن مهما وصلت درجات تقواه قابل لِلزَّلَلِ. ومن حسن حظ العباد أن الله رحيم بهم، يصفح عنهم ويغفر لهم ولا يآخذهم بأخطائهم ان اعترفوا بها وندموا عليها. لذلك، يتعين على المسلم أن يستقبل رمضان وكله عزم على ترك الآثام والسيئات، والتوبة الصادقة من جميع الذنوب، والإقلاع عنها وعدم العودة إليها كي يتوب الله عليه، ويخرج من رمضان نقيا طاهرا كيوم ولدته أمه.

ثالثا: فتح صفحة جديدة مع من حولك وإنهاء حالات الخصام والقطيعة مع كل الناس والتصالح معهم وذلك حتى يتقبل الله عملك، رابعًا: تبييت نيَّة الصوم من الليل، وتناول السَّحور - ولو جرعةَ ماء - مع تأخيره إلى قبيل الفجر؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم -: «السَّحُور أَكْلُهُ بركة؛ فلا تَدَعوه ولو أن يَجْرَعَ أحدُكم جرعةً من ماء؛ فإن الله وملائكته يصلُّون على المتسحرين»؛ "صحيح الجامع"، ويقول - صلى الله عليه وسلم -: «فصلُ ما بين صيامنا وصيام أهل الكتاب أَكلةُ السحر»؛ مسلم.

ومن السنة أيضًا تعجيلُ الفطر بمجرد سماعك كلمة (الله أكبر) من الأذان؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم -: «لا يزال الناس بخير ما عجَّلوا الفطر»؛ متفق عليه. وادعُ عند إفطارك لنفسك بالفلاح، ولأبنائك وإخوانك بالصلاح، ولسائر المسلمين بالنصر والتمكين؛ فإن للصائم المخلص دعوةً لا تُردُّ؛ كما في الحديث: «ثلاث دعوات لا ترد: دعوة الوالد لولده، ودعوة الصائم، ودعوة المسافر»

خامسًا: العلم بأحكام رمضان يجب على المؤمن أن يستقبل رمضان ويستعد له بمعرفة شروطه و أحكامه وموانعه وغيرها من المسائل الفقهية المتعلقة به، حتى لا يخطئ في جنب الله وهو غافل، أو يعصيه من حيث لا يدري. فمصادر العلم في زمننا كثيرة وينابيعه في عصرنا غزيرة. وقد أوصانا الحق تعالى بالتفقه في أمور ديننا فقال: «فَاسْأَلوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ» (الأنبياء:7).

ما مراحل تشريع الصوم على المسلمين الأوائل؟ 

الصوم لم يفرض على المسلمين كما هو اليوم مرة واحدة، وإنما مر بثلاث مراحل، فكان «أياما معدودات»: قيل إنها الإثنين والخميس، وقيل أنها ثلاثة أيام من كل شهر، وقيل هي نفس الشهر 30 يومًا.

والمرحلة الثانية التخيير بين الصيام والإطعام في شهر رمضان، والمرحلة الثالة الإلزام بالصيام إلا لأهل الأعذار المرضى وكبار السن من الضعفاء والمسافر.

وتفصيل ذلك المرحلة الأولى: لم يكن الصوم واجبًا على كل مكلف فرض عين، وإنما كانت هناك رخصة، فمن شاء صام، ومن شاء أفطر ولو كان بغير عذر، شريطة أن يطعم عن كل يوم مسكينًا الدليل قول المولى –عزوجل-: «وَعَلى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِين» (البقرة:184)، أي: من كان مطيقًا للصوم قادرًا عليه ولكن أراد أن يفطر فليفطر ويطعم مسكينًا عن كل يوم.

المرحلة الثانية: كان فيها الصوم على سبيل الإلزام، ونسخ حكم التخيير بالنسبة للقادر، فيبدأ فيها الصوم من وقت العشاء، إلى مغرب اليوم التالى، فكان الصحابة –رضوان الله عليهم- يصومون طِيلَة اليوم والليلة، إلا ما بين المغرب والعشاء الدليل: أولًا: على نسخ حكم التخيير للقادر: قول الله –تعالى- فى محكم التنـزيل: «فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرٍ» (البقرة:185)

ثانيًا: بالنسبة لوقت الصيام: روى البخارى –رحمه الله- عن البراء بن عازب –رضى الله عنه-، قال: «كان أصحاب محمد –صلى الله عليه وسلم- إذا كان الرجل صائمًا فحضر الإفطار، فنام قبل أن يفطر، لم يأكل ليلته ولا يومه حتى يمسى، وإن قيس بن صِرمَة الأنصارىّ كان صائمًا، فلما حضر الإفطار أتى امرأته، فقال لها: أعندكِ طعام؟، قالت: لا، ولكن أنطلق فأطلب لك، وكان يومه يعمل، فغلبته عيناه، فجاءته امرأته، فلما رأته قالت: خَيْبَةً لك. فلما انتصف النهار غُشِى عليه، فذُكر ذلك للنبى –صلى الله عليه وسلم-، فنزلت هذه الآية: «أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلى نِسَآئِكُمْ»، ففرحوا بها فرحًا شديدًا، ونزلت: «وَكُلُواْ وَاشْرَبُواْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الفَجْرِ...»

وقال العلماء: والمقصود إن الله –سبحانه وتعالى- استغنى بذكر الأشد «وهو الجماع» عن الأدنى «وهو الأكل والشرب وغير ذلك من مبطلات الصوم» المرحلة الثالثة: هى ما نحن عليه الآن وهو ما ذُكر فى حديث البراء –رضى الله عنه- السابق، فيبدأ الصوم من طلوع الفجر الصادق، وينتهى بغروب شمس اليوم التالى، والدليل: قول المولى –عزوجل-: «وَكُلُواْ وَاشْرَبُواْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّواْ الصِّيَامَ إلى الَّليْل» (البقرة:187)، كما تبين فى حديث البراء –رضى الله عنه- السابق، ونُسِخ حكم التخيير بالنسبة للقادر على الصوم، وكذا الصيام المتواصل من العشاء للمغرب التالى.

بماذا ينفع الصوم العبد يوم القيامة؟

ورد وصح من أحاديث أن الصيام الفرض وصيام السنة ينفعان العبد فى القبر وفى يوم الحساب ومما ورد في القبر، فإن الصيام يمنع صاحبه من عذاب القبر، ينافح عنه من الجهة التي وكل بها، يقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: «إنَّ الميِّتَ إذا وُضِع في قبرِه يسمَعُ خَفْقَ نعالِهم حينَ يولُّونَ عنه، فإنْ كان مؤمنًا، كانتِ الصَّلاةُ عندَ رأسِه، وكان الصِّيامُ عن يمينِه، وكانتِ الزَّكاةُ عن شِمالِه، وكان فعلُ الخيراتِ مِن الصَّدقةِ، والصِّلةِ، والمعروفِ، والإحسانِ إلى النَّاسِ عندَ رِجْلَيْهِ، فيؤتى مِن قِبَلِ رأسِه، فتقولُ الصَّلاةُ: ما قِبَلي مدخلٌ، ثمَّ يؤتى عن يمينِه، فيقولُ الصِّيامُ: ما قِبَلي مدخلٌ، ثمَّ يؤتى عن يسارِه، فتقولُ الزَّكاةُ: ما قِبَلي مدخلٌ، ثمَّ يؤتى مِن قِبَل رِجْليهِ، فتقولُ فعلُ الخيراتِ مِن الصَّدقةِ، والصِّلةِ، والمعروفِ، والإحسانِ إلى النَّاسِ: ما قِبَلي مدخلٌ.." صحيح الترغيب. 

وأما في يوم القيامة، فيقول النبي صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ فِي الْجَنَّةِ بَابًا يُقَالُ لَهُ: الرَّيَّانُ، يَدْخُلُ مِنْهُ الصَّائِمُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، لاَ يَدْخُلُ مِنْهُ أَحَدٌ غَيْرُهُمْ، يُقَالُ: أَيْنَ الصَّائِمُونَ؟ فَيَقُومُونَ، لاَ يَدْخُلُ مِنْهُ أَحَدٌ غَيْرُهُمْ، فَإِذَا دَخَلُوا أُغْلِقَ، فَلَمْ يَدْخُلْ مِنْهُ أَحَدٌ" متفق عليه. ويأتي الصيام شفيعا لصاحبه يوم القيامة، يدافع عنه، ويحاج عنه، فيستجيب الله ـ تعالى ـ له. يقول النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ: "الصِّيَامُ وَالْقُرْآنُ يَشْفَعَانِ لِلْعَبْدِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ. يَقُولُ الصِّيَامُ: أَيْ رَبِّ، مَنَعْتُهُ الطَّعَامَ وَالشَّهَوَاتِ بِالنَّهَارِ، فَشَفِّعْنِي فِيهِ. وَيَقُولُ الْقُرْآنُ: مَنَعْتُهُ النَّوْمَ بِاللَّيْلِ، فَشَفِّعْنِي فِيهِ. قَالَ: فَيُشَفَّعَانِ" صحيح الترغيب.

والصيام وقاية، تحجز المؤمن عن أن تمسه النار، وفي الحديث القدسي: «الصِّيَامُ جُنَّةٌ يَسْتَجِنُّ بِهَا الْعَبْدُ مِنَ النَّارِ، وَهُوَ لِي، وَأَنَا أَجْزِي بِهِ» صحيح الترغيب. والصيام الحقيقي، المشتمل بالإخلاص، والمكنوف بصحة الإخبات، محرقة للذنوب، وممحاة للمعاصي.

يقول النبي- صلى الله عليه وسلم -: «من صام رمضان إيمانًا واحتسابًا، غفر له ما تقدم من ذنبه، ومن قام رمضان إيمانًا واحتسابًا، غفر له ما تقدم من ذنبه، ومن قام ليلة القدر إيمانًا واحتسابًا، غفر له ما تقدم من ذنبه» متفق عليه، بل إن صيام يوم واحد لله، كفيل بأن ينجيك من أهوال يوم القيامة، ويجنبك رعب الصراط وتطاير الصحف، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «مَنْ صَامَ يَوْمًا فِي سَبِيلِ الله، بَاعَدَ اللهُ وَجْهَهُ عَنِ النَّارِ سَبْعِينَ خَرِيفًا" متفق عليه.

بمَ وعد الله عباده الصائمين؟

أولًا: المغفرة يوم القيامة والأجر العظيم الذى لا يعلمه إلا الله تعالى قال تعالى: «وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا» (الأحزاب: 35)، قال تعالى: «كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا أَسْلَفْتُمْ فِي الْأَيَّامِ الْخَالِيَةِ» (الحاقة:24)، وقال وقيع وغيره: هي أيام الصوم، إذ تركوا فيها الأكل والشرب.

وروى عن أبي هريرة أن رسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏قال: «كل عمل ابن آدم له، إلا الصيام هو لي، وأنا أجزي به، والصيام جنة، إذا كان يوم صيام أحدكم فلا يرفث ولا يصخب، فإن شاتمه أحد أو قاتله فليقل: إني صائم. والذي نفس محمد بيده لخلوف فم الصائم أطيب عند الله يوم القيامة من ريح المسك، للصائم فرحتان يفرحهما، إذا أفطر فرح بفطره، وإذا لقي ربه عز وجل فرح بصومه»، وفي إحدى الروايات «كل عمل ابن آدم يضاعف الحسنة بعشر أمثالها إلى سبع مائة ضعف إلى ما شاء الله يقول الله إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به يدع شهوته وطعامه من أجلي للصائم فرحتان فرحة عند فطره وفرحة عند لقاء ربه ولخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك»

ويحفظ الصوم صاحبه من الدخول فى النار، وقوله صلى الله عليه وسلم: «والصيام جنة»، الجنة: ما يستر الإنسان ويجنه، والمعنى أن الصوم يستر صاحبه، ويقيه من ارتكاب المعاصي والوقوع فى المآثم الموجبة لدخول النار

ويقبل الله شفاعة الصيام لصاحبه، فعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «الصيام والقرآن يشفعان للعبد يوم القيامة يقول الصيام أي رب منعته الطعام والشهوات بالنهار فشفعني فيه ويقول القرآن منعته النوم بالليل فشفعني فيه قال فيشفعان».

ويجعل الله تعالى الصيام من أسباب دخول الجنة بل إنه يخصص للصائمين باب الريان يدخلون منه قبل غيرهم عن حذيفة رضي الله عنه قال: أسندت النبي صلى الله عليه وسلم إلى صدري فقال: «من قال: لا إله إلا الله ختم له بها دخل الجنة، و من صام يومًا ابتغاء وجه الله ختم له به دخل الجنة، ومن تصدق بصدقة ابتغاء وجه الله ختم له بها دخل الجنة».

وأعد الله تعالى جائزة الصائمين، باب الريان، فعن سهل بن سعد رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إن في الجنة بابا يقال له: الريان، يدخل منه الصائمون يوم القيامة، لا يدخل منه أحد غيرهم، يقال: أين الصائمون؟ فيقومون، فيدخلون منه، فإذا دخلوا أغلق فلم يدخل منه أحد».

هل تجتمع في الصيام جميع أنواع الصبر؟

رمضان شهر الصبر، ومدرسة الصبر، فالصوم تعويد على الصبر، وتمرين عليه، ولهذا ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه سمى شهر رمضان شهر الصبر، وفي حديث آخر عنه صلى الله عليه وسلم قال: «الصوم نصف الصبر» (أخرجه الترمذي).

وينقسم الصبر إلى ثلاثة أنواع: صبر على طاعة الله، وصبر عن محارم الله، وصبر على أقدار الله المؤلمة، وتجتمع هذه الثلاثة كلها في الصوم، فإن فيه صبرًا على طاعة الله، وصبرًا عما حرم الله على الصائم من الشهوات، وصبرًا على ما يحصل للصائم من ألم الجوع والعطش، وضعف النفس والبدن، وهذا الألم الناشئ من أعمال الطاعات يثاب عليه صاحبه، كما قال تعالى في المجاهدين: «ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ لاَ يُصِيبُهُمْ ظَمَأٌ وَلاَ نَصَبٌ وَلاَ مَخْمَصَةٌ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَلاَ يَطَؤُونَ مَوْطِئًا يَغِيظُ الْكُفَّارَ وَلاَ يَنَالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَّيْلًا إِلاَّ كُتِبَ لَهُم بِهِ عَمَلٌ صَالِحٌ إِنَّ اللّهَ لاَ يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ» (التوبة : 120).

وهكذا يتبين لنا عظم الارتباط بين الصوم والصبر وأن الصوم سبيل إلى اكتساب خلق الصبر ذلك الخلق العظيم الذي أمر الله به وأعلى منارة، وأكثر من ذكره في كتابه، وأثنى على أهله القائمين به، ووعدهم بالأجر الجزيل عنده، قال تعالى: «وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلاَّ بِاللّهِ» (النحل: 127»، وقال تعالى: «وَلَمَن صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ» (الشورى: 43)

وقال عز وجل: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اصْبِرُواْ وَصَابِرُواْ» (آل عمران:200)، وقال تعالى: «وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ» (البقرة : 155)، وقال النبي -صلى الله عليه وسلم- في الحديث المتفق عليه: «ومن يتصبر يصبره الله وما أعطي أحد عطاءً أعظم ولا أوسع من الصبر».

فالصائم المحتسب يفيد دروسًا جمة في الصبر من جراء صيامه، فهو يدع الطعام والشراب والشهوة حال صيامه، فيفيد درسًا عظيمًا في الصبر، حيث يتعود فطم نفسه عن شهواتها وغيها، والصائم المحتسب إذا أوذي أو شتم لا يغضب، ولا يقابل الإساءة بمثلها، ولا تضطرب نفسه، فكأنه بذلك يقول لمن أساء إليه: افعل ما شئت فقد عاهدت ربي بصومي على أن أحفظ لساني وجوارحي، فكيف أخيس بالعهد، أو أسيء إليك كما أسأت إلي، «لَئِن بَسَطتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَاْ بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لَأَقْتُلَكَ...» (المائدة:28).

والصائم المحتسب لا يثور لأتفه الأسباب كحال لم يتسلحوا بالصبر، ممن يظنون أن الصوم عقوبة وحرمان، فيخرجون عن طورهم، وتثور نفوسهم، وتضطرب أعصابهم، أما الصائم المحتسب فتراه هادئ النفس، ساكن الجوارح، رضي القلب، والصائم المحتسب يطرد روح الملل، لأن صيامه لله وصبره بالله، وجزاءه على الله، والأمة الصائمة المحتسبة تتعلم لاانضباط الصبر على النظام، والتحرير من أسر العادات.

ما يستحب للصائم فعله؟

يستحب للصائم، السحور: لما ورد عن أنس رضي اللّه عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "تَسَحَّروا فإن في السُّحُور بركة". رواه البخاري ومسلم.

وتأخير السحور: لحديث زيد بن ثابت رضي اللّه عنه قال: "تَسَحَّرْنا مع رسول اللّه صلى الله عليه وسلم ثم قمنا إلى الصلاة، قلت: كم كان قَدْرُ ما بينهما؟ قال خمسين آية". رواه البخاري ومسلم، ولحديث أبي ذر رضي اللّه عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول: "لا تزال أمتي بخير ما أَخَّروا السحور وعجَّلوا الفطر". رواه أحمد.

تعجيل الفطور: لحديث سهل بن سعد رضي اللّه عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا يزال الناس بخير ما عجلوا الفطر". متفق عليه.

والفطر لى رُطَباتٍ، فإنْ لم يجد فَعَلَى تَمَرَاتٍ، فإِنْ لَمْ يَجِدْ فَعَلَى المَاءٍ، لحديث أنس رضي الله عنه قال: "كان رسول اللّه صلى الله عليه وسلم يفطر قبل أن يصلي على رُطَبَات فإن لم تكن رُطَبَاتٌ فَتُمَيْرات، فإن لم تكن تميرات حَسا حَسَوات مِنْ ماءِ"- حَسَا: أي شَرِبَ- رواه أبو داود والحاكم وصححه، والترمذي وحسنه.

والدعاء عند الفطر، وفي أثناء الصيام. لحديث ابن عمر-رضي الله عنهما- كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا أفطر قال: "ذهب الظمأ وابتلَّت العروق وثبت الأجر إن شاء الله ". أخرجه أبوداود والحاكم والبيهقي.

وكتم الغيظ، فإن سابَّه أحد أو جَهِل عليه أن يقول: "إني صائم إني صائم"، لحديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول اللّه صلى الله عليه وسلم قال: "... فإذا كان يوم صوم أحَدكم فلا يَرْفُث يومئذ ولا يَصْخَب، فإنْ سَابَّه أَحَدٌ أَوْ قَاتَله فَلْيَقُلْ إنِّي صَائِمٌ .. ". رواه البخاري ومسلم.

ويستحب السواك، لحديث عامر بن ربيعة رضي الله عنه قال: "رأيتُ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم مالا أُحْصِي يَتَسَوَّكُ وهوَ صائِمٌ". رواه أحمد وأبوداود والترمذي.

والجود ومُدارسة القرآن: وهما مستحبان في كل وقت ولكن في رمضان أكثر، وروى البخاري عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أجود الناس وكان أجود ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل وكان يلقاه في كل ليلة من رمضان فيُدارسه القرآن فَلَرَسول الله صلى الله عليه وسلم أجود بالخير من الريح المرسلة".

والاجتهاد في العبادة في العشر الآواخر من رمضان، وروى البخاري ومسلم عن عائشة رضي الله عنها "أن النبي-صلى الله عليه وسلم كان إذا دخل العشر الآواخر أحْيى الليل وأيْقظ أهله وشَدَّ المِئْزَرَ".

وتفطير الصائمين، لحديث زيد بن خالد الجهني عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من فطَّر صائمًا كان له مثل أجره، غير أنه لا يَنْقُصُ من أجر الصائم شيئًا". رواه الترمذي وقال: حديث حسن صحيح، وأخرجه ابن ماجه، وأحمد وصححه ابن حِبّان.

اذكري لنا الأفعال التي تبطل الصوم؟

هناك أمور إذا فعلها الصائم فسد صيامه، ومنها: أولًا الجماع، وثانيًا الاستمناء باليد، وثالثًا إنزال المنى متعمدًا عن مُبَاشَرة، كَلَمْسٍ أو قُبْلَة ونحو ذلك، ورابعًا الأكل والشرب عمدًا.

والأمر الخامس: ما كان بمعنى الأكل والشرب بدخول عيْنٍ إلى الجوف من مَنْفَذٍ مفتوح (كالفم – والأنف) عن طريق العمد، وسادسًا القيء عمدًا، وسابًعا خروج دم الحيض أو النفاس من المرأة، ثامنًا الجنون، تاسعًا الردة، عاشرًا الموت.