سذاجة أم عمالة؟

حالة من التخبط سادت قيادة الإخوان إزاء مشهد القوة الذى بدا واضحاً بين جميع فصائل القوى الوطنية عند اتحادها فى مواجهة استبداد الجماعة وحزبها المتمسح فى «الحرية والعدالة» الذى يؤكد لنا يوماً بعد يوم صحة ما أطلقناه عليه من تسمية بأنه حزب «الديكتاتورية والندالة».
فقد أعلن الإخوان فى البداية أنهم سينزلون إلى ميدان عابدين لمواجهة مليونية القوى الوطنية فى التحرير، لكنهم فوجئوا بأن أهالى عابدين يرفضونهم بعد أن اغتالوا ابن عابدين الثائر الشاب محمد جابر صلاح «جيكا»، فعدلوا من مخططاتهم ووجهوا أتباعهم للتجمع أمام جامعة القاهرة، منارة التنوير المصرية التى أخرجت طه حسين وأحمد لطفى السيد وزكى نجيب محمود ونجيب محفوظ وغيرهم، والتى هى منهم براء، فقد خرج طلبة الجامعة يعلنون رفضهم تجمع إخوان الفكر الظلامى على أبوابها، فتراجعت قيادات الحشد الإخوانى وأعلنت أن الإخوان لن ينزلوا على الإطلاق.
لكن فى ساعة متأخرة من ليلة الثلاثاء عاد الإخوان وقالوا إنهم وإن كانوا قد ألغوا نزولهم فى القاهرة والجيزة إلا أنهم سينزلون فى الإسكندرية وبعض المحافظات الأخرى التى لديهم عليها بعض السيطرة.
إن هذا التذبذب والتراجع إنما يمثل تطوراً جديداً على الإخوان الذين كانت قوتهم على الحشد المنظم هى أهم ما يميزهم، والسبب فى هذا التطور هو اتحاد جبهة القوى الوطنية التى تناست لأول مرة منذ قيام الثورة خلافاتها الثانوية فخيبت آمال كل من عول على الخلاف الذى يمكن أن ينشأ بين البرادعى وحمدين أو بين حمدين وعمرو موسى.
وإذا كانت جماعة الإخوان قد تراجعت تكتيكياً أمام جبهة القوى الوطنية فإنها قد أرسلت عملاءها ليعملوا على تفتيت هذه الجبهة، وهكذا وجدنا بعض الجماعات التى تدعى الثورة تنفذ مخططات الإخوان بإحياء هذه الخلافات بدعوى النقاء الثورى الذى لا يسمح بأن يضع فلان يده فى يد علان، ولا أن يجلس علان مع ترتان، بينما كانوا هم أول من وضع يده فى يد الإخوان وأتى لنا بمحمد مرسى الذى يجاهرون اليوم بمعارضتهم لحكمه.
لقد تشكلت لأول مرة جبهة القوى الوطنية وأثبتت أن قوتها فى اتحادها ولا ينبغى أن يكون هناك الآن مكان لمثل هذه المراهقة السياسية التى تعبر عن سذاجة أصحابها ولا أريد أن أقول عمالتهم.
نقلا عن المصرى اليوم