الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

هند العربي تكتب: التخبط واللاوعي السياسي!

صدى البلد

نفتقد كثيرا إلي الوعى السياسى بين أفراد المجتمع، علي الرغم من أنه أمر ضرورى وأساسي لإحداث أى تغيير مطلوب ومثمر ومن أجل بناء دولة عصرية متقدمة، الوعي السياسي والمتمثل في مجموعة من القيم والمبادئ والاتجاهات السياسية التي عن طريقها تعطي الفرد المشاركة الفعالة في خدمة المجتمع وحل مشكلاته وبالتالي تدفعه إلى التحرك من أجل تطويرها وتغييرها نحو الأفضل والمصلحة العامة، وليس كل الحديث في السياسة صحيح وخاصة بين العامة ممن لا يدركون العديد من الأمور في دائرة من القيل والقال التي لا فائدة منها، فقد يبدو لنا مثلًا أن صنيعا واحدا من الناس خطأ وقد يكون الصواب معه، فنجد دائما الشعب الذي يمتلك وعيا سياسيا متقدما ومتحضرا مثال الدول الأجنبية لديهم وعي في كافة المجالات السياسية والاجتماعية والثقافية، على عكس الشعب الذي يغيب عنه الوعي فيعم به الجهل والفشل، فالوعي السياسي يختلف من دولة إلى دولة أخرى، ويتحقق الوعي لدي الأفراد من وسائل الإعلام والبيئة التي تربي بها، والعكس قد يأتي عن طريق غياب حوار مجتمعي مع الإعلام تحديدا لنشر الوعي الصحيح داخل المجتمع، أي أن لابد أن يكون الفرد لديه ثقافة جيدة وقادر علي القيادة والحديث في أي شيء ويتثقف من خلال ما يتم عرضه وتداوله عبر الشاشات، بالفعل ثقافة المجتمعات متغيرة وهو ما أدي إلى اختلاف الوعي.

فما نشاهده هذه الأيام هو غياب تام للوعي، فتجد كل من -هب ودب- يتحدث في السياسة ويتكلم في أشياء ليس في اختصاصه بل ويجادل في أمور هو ليس فقيها فيها كالدين وغيره، فغياب الوعي عند الأفراد، وما قد يضر المجتمعات والشعوب، وإن كنت أري أن السبب وراء ذلك غياب دور الإعلام في تنمية الوعي المجتمعي لدي الشعب، فعليها العديد من الأدوار الواجب اتخاذها على الصعيد السياسي من خلال ما تقدمه من مواد اتصالية من خلال برامج التوعية وفتح حوار مع هؤلاء كل هذا يؤدي الي تفتح العقل لدي الفرد لاكتسابه لمهارات الوعي المجتمعي، فقد باتت قوة مستقلة في المجتمع كما أنها تلعب دورا مؤثرا في عملية صنع القرار السياسي إذ تتعدد الأدوار التي تقوم بها في الحياة السياسية المعاصرة، فهي تقوم بتشكيل مفاهيم الناس وتصوراتهم بالنسبة للحقيقة في كافة مسالك الحياة.

إذن الوعي السياسي عبارة عن مجموعة من عمليات جمع المعلومات، وتشكيل الأفكار على نحو يجعل الأشخاص أكثر تفاعلا مع بيئتهم ومع ما يحيط بهم من أحداث يحدد مواقفهم، ومدى مشاركتهم في نشاطاتها وصنع القرارات السياسية داخل المجتمع، في حين تتسم ملامح ضعف الوعي السياسي في أزمة الهوية حيث يجهل أفراد المجتمع هوية نظامهم وطبيعته، فهل هو نظام قبلي أم ديني أم علماني، أم غير ذلك، الأمر الذي يجعل الصورة غير واضحة ومشوشة لدى الأفراد مما يجعلهم غير قادرين على تحديد حقوقهم وكيفية التعامل مع المواقف والاختلافات السياسية.

كما تساهم التنشئة السياسية التي يتبناها أي حزب سياسي في تعليم الفرد القيم والاتجاهات السياسية، والأنماط الاجتماعية ذات المغزى السياسي، للتفاعل مع السلطة والمواقف السياسية المختلفة، وهنا تصبح عملية تلقين تفرض على الفرد من قبل المجتمع، كما ان العزوف عن المشاركة السياسية تعد ثالث هذه الملامح نتيجة شعور أفراد المجتمع بأن الواقع السياسي الجديد لم يحل مشاكلهم الإجتماعية والاقتصادية.

وتعد أزمة الإندماج الإجتماعي ثاني هذه الملامح نتيجة بعض القصور الذي يعاني منه المجتمع لاسيما على الصعد الاجتماعية والإقتصادية وهي آثار متراكمة عبر عقود طويلة جعلت الأفراد يلتفون حول تقسيماتهم الطائفية والعشائرية أو القومية، وبالتالي أصبح الوعي السياسي مغيبا عن المجتمع وحل محله التعصب والانحياز غير الواعي.

والعائق الكبير يقع بالدرجة الأولى على النخب وخصوصا النخب السياسية والثقافية فى داخل المجتمع، الذي من المفترض عن طريقهم يتم تثقيف وتوعية الناس بها والعمل على تشجيعهم على تحقيقها، لأن مفهوم الوعى السياسى نسبى يتكون من مراحل عديدة وانواع مختلفة، وتعريف ابناء الشعب بالقضايا المهمة لهم من أجل زيادة وعيهم بذلك وهذا يعنى ضرورة وجود خطط وبرامج لتوعية الجماهير وحمايتهم من حملات التضليل التى سيتعرضون لها، وعليه كان لزاما فتح كل قنوات النقاش والحوار البناء بين الجميع فى مناخ حر ومفتوح للجميع.

وعليه، فمن الواجب على كل مواطن ان يدرك بكل ما يحيط به وان يتفاعل معه بايجابية وان يكون له هدف، وعلي من يرغب فى إحداث التغيير السياسى أن يستمع لكل فئات وأفراد المجتمع مع إتاحة حلقة اتصال تقوم علي توعية الناس بها وان يختاروا الوسائل المناسبة للقيام بذلك، فأفراد المجتمع عبارة عن جماعات وفئات مختلفة تعيش مستويات مختلفة ومراحل متنوعة من الوعى السياسى، مع العلم أنه لابد من التعامل مع كل فئة من فئات المجتمع بالطريقة والاسلوب الذى تفهمه وبالمنطق الذى تقبله وفى الوقت الذى يتناسب معها. فعلى سبيل المثال فى الوقت الذى قد تعيش فيه فئة من الشعب.

ختاما... قضية الوعى السياسى قضية جوهرية وأساسية من أجل إحداث التغيير وبناء مجتمع مدنى ومتحضر، والفشل في تحقيقه بالطرق السلمية سينتج عنه فراغ سياسى يملىء بوعى آخر قد يكون زائفا، او عاجزا، أو مستسلما، او ناقصا، ويؤدي الى العجز على العمل مع الآخرين والفشل فى وضع الخطط والاستراتيجيات التى تتطلبها المرحلة، وننساق وراء التخبط السياسى وغياب المقدرة على الاتفاق وعدم إحترام الرأى المخالف مهما كان صادقا وخلق التعصب، في المقابل ان معرفة الأبعاد للوعى السياسى سوف يسهل علينا كيفية التعامل مع التحديات التى سوف تواجهنا ويقودنا إلى تحقيق الأهداف المنشودة فى أسرع وقت ممكن وبأقل التكاليف، ويسهل التعايش مع كل فئة من فئات الشعب وإمكانية التعامل مع كل مرحلة بالأساليب المناسبة.

-