بعد زيارات عباس ونتنياهو إلى عمان.. هل ينجح بيت البركة فيما فشل فيه البيت الأبيض.. انتهاء دور واشنطن كراع لعملية السلام يفتح الباب أمام مسقط.. والدبلوماسية المحايدة كلمة السر

نتنياهو ليس أول رئيس وزراء إسرائيلي يزور عمان
السلطان قابوس بحث مع عباس ونتنياهو سبل دفع عملية السلام
عمان وإسرائيل تبادلتا فتح ممثليات تجارية في 1996
دبلوماسيون أوروبيون يثقون بقدرة عمان على تحقيق اختراق مؤثر
لفت الأنظار اليوم إعلان سلطنة عمان عن زيارة رسمية قام بها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أمس الخميس، وامتدت حتى اليوم الجمعة، إلى السلطنة دون إعلان مسبق عنها، وأثارت تلك الزيارة عدة أسئلة وتكهنات بشأن دور جديد تتهيأ سلطنة عمان للعبه كوسيط محتمل بين الفلسطينيين والإسرائيليين في عملية السلام المعطلة منذ فترة طويلة، لا سيما وأن زيارة نتنياهو جاءت مباشرة بعد زيارة قام بها الرئيس الفلسطيني محمود عباس إلى سلطنة عمان الاثنين الماضي.
يأتي ذلك فيما أضاف وجود الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في البيت الأبيض تعقيدات جديدة إلى عملية السلام المجمدة، بسبب انحيازه السافر لإسرائيل، والذي تجلى في عدة قرارات على رأسها الاعتراف بالقدس كعاصمة لإسرائيل، ونقل السفارة الأمريكية لدى إسرائيل من تل أبيب إلى القدس، وتجميد المساعدات الأمريكية لوكالة الأونروا والسلطة الفلسطينية.
وفي هذا السياق، ذكرت القيادة الفلسطينية ومراقبون أن ترامب بهذه السياسات والقرارات قد أفقد الولايات المتحدة دورها كوسيط في عملية السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين، ومن ثم فربما كان الطرفين يبحثان عن بديل مقبول لكل منهما لملء الفراغ الذي خلفه انسحاب واشنطن كوسيط بينهما. فهل يصبح القصر السلطاني العماني "بيت البركة" هو الوسيط المرتقب بديلًا عن البيت الأبيض؟
بحسب صحيفة "العرب" اللندنية، يرى دبلوماسيون أوروبيون أن سلطنة عمان قد يمكنها تحقيق اختراق دبلوماسي بما تملكه من علاقات ممتازة مع كافة الفرقاء الإقليميين والدوليين، وما تملكه خصوصًا من علاقات جيدة مع الطرف الفلسطيني كونها بقيت محايدة عن صراع المحاور الإقليمية التي رعت الانقسام الفلسطيني الحالي بين فتح وحماس كما بين الضفة الغربية وقطاع غزة.
وكان وزير الخارجية العماني يوسف بن علوي قد أعرب عن استعداد بلاده لبذل كل جهد لإعادة بيئة التفاؤل للتوصل إلى اتفاق شامل يضع في الاعتبار مستقبل التعايش السلمي في الشرق الأوسط، لا سيما بين الفلسطينيين والإسرائيليين، وذلك خلال مشاركته في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في 29 سبتمبر الماضي.
وقام بن علوي بزيارة إلى الأراضي الفلسطينية في فبراير الماضي، التقى خلالها الرئيس الفلسطيني محمود عباس، حيث رجح مراقبون وقتها أن الوزير حمل معه مبادرة لإعادة تصويب العلاقة الفلسطينية الأمريكية التي تدهورت إثر إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل وتصديقه على قرار بنقل السفارة الأميركية إلى المدينة.
واختتم رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وزوجته سارة مساء اليوم زيارة رسمية إلى العاصمة العمانية مسقط، التقيا خلالها السلطان قابوس بن سعيد سلطان عمان.
وقام نتنياهو بهذه الزيارة بناءً على دعوة من السلطان قابوس، وجاء في بيان لمكتب نتنياهو أن "زيارة رئيس الوزراء نتنياهو إلى عُمان تشكل أول لقاء رسمي يعقد في هذا المستوى منذ عام 1996"، في إشارة إلى توقيع اتفاقية فتح مكاتب تمثيل تجاري، تمت في ذلك العام.
وبحسب وكالة "الأناضول" شارك في الزيارة كل من رئيس الموساد يوسي كوهين ومستشار رئيس الوزراء لشئون الأمن القومي ورئيس هيئة الأمن القومي مائير بن شبات ومدير عام وزارة الخارجية يوفال روتيم ورئيس ديوان رئيس الوزراء يؤاف هوروفيتس والسكرتير العسكري لرئيس الوزراء العميد أفي بلوت.
وجاء في نص البيان المشترك الذي صدر خلاصةً للزيارة على أن اللقاء "تناول السبل لدفع عملية السلام في الشرق الأوسط، كما تم خلاله بحث قضايا ذات اهتمام مشترك تتعلق بتحقيق السلام والاستقرار في المنطقة"، بحسب التصريح الإسرائيلي.
ولم تعلن إسرائيل عن الزيارة مُسبقا، ولم تكشف عن توقيت توجه نتنياهو لمسقط، لكن وكالة الأنباء العُمانية، قالت إنه وصل أمس الخميس.
وتأتي هذه الزيارة بعد أيام من زيارة مماثلة للرئيس الفلسطيني محمود عباس لعمان، وكانت وكالة الأنباء الفلسطينية الرسمية "وفا" قد قالت إن الرئيس عباس غادر الثلاثاء الماضي سلطنة عمان، التي وصلها الأحد في زيارة رسمية بناء على دعوة من السلطان قابوس.
والتقى عباس خلال الزيارة السلطان قابوس بن سعيد وبحثا "عددا من القضايا وفي مقدمتها آخر التطورات على القضية الفلسطينية، وما يخص مدينة القدس، والعلاقات الثنائية بين البلدين، وسبل تطويرها في شتى المجالات".
وحضر اللقاء الذي عقد في قصر البركة في العاصمة مسقط، أمين سر اللجنة المركزية لحركة فتح اللواء جبريل الرجوب، وعضو اللجنة المركزية لحركة فتح، رئيس الهيئة العامة للشؤون المدنية، الوزير حسين الشيخ، ورئيس جهاز الاستخبارات العامة اللواء ماجد فرج، والسفير الفلسطيني لدى عُمان تيسير جردات.
وقالت قناة "سكاي نيوز" إن استقبال السلطان قابوس لنتنياهو في مسقط أعاد إلى الواجهة محطات من العلاقات بين مسقط وتل أبيب، حتى وإن كانت اتصالات البلدين، قد جرت دائما في نطاق محدود.
ولا تقيم مسقط أي علاقات دبلوماسية رسمية مع تل أبيب، لكن عددا من المسؤولين الإسرائيليين زاروا السلطنة، ففي عام 1994، أجرى رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق إسحق رابين زيارة لعُمان والتقى السلطان قابوس بن سعيد.
وحين توفي رابين سنة 1995، حضر وزير الخارجية العُماني جنازة المسؤول الإسرائيلي الراحل، والتقى خلفه وقتئذ شمعون بيريز، وفي العام التالي، وقعت اتفاقية بين البلدين لفتح تمثيليات اقتصادية، وتم فتح مكتبين في تل أبيب ومسقط.
وقال رئيس أول تمثيلية تجارية لعُمان في إسرائيل وقتها، محسن البلوشي، إن مهمة المكتب اقتصادية في المقام الأول، ولا علاقة لها بالشؤون السياسية، لكن هذين المكتبين لم يستمرا طويلا، فعقب اندلاع انتفاضة الأقصى في 28 سبتمبر من سنة 2000، تم إغلاق التمثيليات الاقتصادية في كل من تل أبيب ومسقط.
واستأنفت عُمان لقاءاتها بالإسرائيليين في عام 2008 حين التقى يوسف بن علوي وزيرة الخارجية الإسرائيلية وقتها، تسيبي ليفني في قطر على نحو علني.
وفي سنة 2009 أبدت عُمان استعدادها لإعادة الاتصالات مع إسرائيل لكن بشرط تجميد البناء الاستيطاني.