الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

نحن نعيش فى مجتمع مشغول بالكلام الفاضى


المجتمع الذى نعيش فيه مجتمع نحبه ونعشقه وندين له بالولاء , ليس لأنه أفضل المجتمعات ولكن هو المجتمع الذى ننحاز إليه بفضل الطبيعة التى أوجدتنا فيه , بإيجابياته وسلبياته , فالإيجابيات نتغنى بها وننشدها لباقى المجتمعات , على اعتبار أننا الأفضل مقارنة بالجميع , والسلبيات نحولها الى إيجابيات حتى ولو بالكلام , ولكثرة السلبيات التى حولناها الى إيجابيات فقط , أصبحنا نعيش فى مجتمع مشغول جدا "بالكلام الفاضى" .

وللأسف أن الأغلبية فى مجتمعاتنا تخلت عن مسئوليتها الحقيقية تجاه الوطن وتجاه أنفسهم وأبنائهم , وأرادوا أن يحملوا المسئولية لغيرهم ـ سواء أشخاص أو حكومات ــ فالأغلبية لا تريد تحمل المسئولية بالقدر المطلوب فى ظل إستعدادها للخمول والتكاسل والتواكل وندب الحظ , وتحميل المسئوليات على عاتق الحكومات تارة , والأسرة تارة أخرى , وقد يتحمل "الحظ" نصيب الأسد من المسئولية , لدرجة ان هناك أشخاص تخلوا عن مواقفهم فى العمل بسبب مبررات ليس لها علاقة بالدين أو العرف , بل أن هناك أشخاص تخلوا عن أعمالهم كلها بسبب أنها لم ترضى طموحاتهم أو مستقبلهم , مع أنهم لو سعوا فى أعمالهم المرفوضة حتما سيحققون شيئا ملموسا , يضعهم فى مكانة مرموقة.

والمجتمع المنُتقد الآن من خلالى أرى أنه تخلى عن إبداعه ومسئولياته الحقيقة فى التطور والبناء وفى شتى المجالات الإنسانية, وبأليات التغيير والنظام المجتمعى القائم على القيم النبيلة , والتفكير العميق , والسلوك الإنسانى الذى يتضمن العلم والمعرفة ورقى التفكير وتشكيل الوجدان , لذلك تجد من يفتقد للبناء لا يستطيع أن يعطى فى أى مجال حتى ولو درس هذا المجال , فالطبيب التقليدى لا نحتاجه فى هذا العصر بل نحتاج الى طبيب يغزو العالم ليعبر عن دولة ذات سيادة تُخرج أبنائها بمستويات يحسدها عليها الجميع فى كل الدول , والمهندس التقليدى لا يحتاجه المجتمع بل يحتاج المهندس الذى يستطيع أن يحدث حالة فنية فى البناء والتنفيذ , والمدرس الذى يتواكل على الدروس الخصوصية , هو أول معول من معاول الهدم فى المجتمع لأنه لم يراعى ضميره فى مستقبل أبنائه الطلاب , والفنان الذى يرسم من اجل نفسه , شخص واهم , لأنه يعيش فى مجتمع متكامل ولا يجب أن ينعزل فى برج عاجى بعيدا عن الناس , والفلاح الذى يرفض الواقع وينقم على المهنة لن ينتج وسيفشل وتبور أرضه , والشاعر الذى يكتب القصيدة الغير مفهومة , ليتغنى النقاد بها ويقولوا أن المعنى فى بطن الشاعر , هو فى الأساس لم يقدم فنا ولا شيئا من فنون الشعر, وإختصارا وقياسا على باقى المهن والهوايات , يجب أن يتعب الجميع ولا يتواكل كل منا على الأخر , والتفرغ للعمل بعيدا عن التحليلات الغير منطقية بالعمل والجهد والشقاء , فإن الله لن يضيع أجر من أحسن عملا , والعمل يجب أن يكون واضحا مفهوما يخدم المجتمع لا يخدم صاحبه فقط , حينها سنصبح لدينا القوة فى التقدم والرقى والإستعداد لقيادة العالم .
ولهذا وضح الإسلام وكل الأديان السماوية أن العمل عبادة , وليس الكلام هو العبادة , وليس الحسد هو العبادة , ولكن الجهد الممزوج بالعرق وسهر الليالى هو من يصنع الأشخاص ويصنع الأسر , ليؤسس المجتمعات العميقة الهادفة التى يُعمل لها ألف حساب حتى وإن ذكرت فقط على الألسنة .
"يا سادة " , يا أيها السيد فى الوطن السيد ... لا تنظر الى غيرك بقدر نظرك الى نفسك وقدراتك لتطويرها والإستفادة منها , ويجب أن لا يضيع وقتك فى البحث والتنظير فقط , فقد يطول البحث أعواما وأعواما ويبقى الباحث محلك سر , لذلك يجب تغيير الإرادة وتطويرها وتغيير المعطيات والمبادرات والإرتقاء بالمبادىء من أجل تحقيق الأهداف , فإن لم يتحقق الهدف فى طريق فحتما سيتحقق فى الأخر .
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط