الجهود التى تبذلها الدولة، من أجل التنمية الاقتصادية، فى بلادى مصر، تسير بمعدلات مقبولة، غير أنها لم تصل بعد إلى المستويات التى يحقق المعدلات المطلوبة، للقضاء على المشاكل المزمنة التى يعانى منها الاقتصاد القومى، خاصة فيما يتعلق بالتشغيل والانتاج، وهما المدخلان الرئيسيان للعلاج، باعتبار التشغيل يساهم فى القضاء على البطالة بين الشباب، والانتاج يوفر الاحتياجات الداخلية، ويحقق الاكتفاء الذاتى، ويقضى على الاستيراد، ويدعم التصدير، مصدر العملات الصعبة، إلى آخر ذلك من النتائج الاقتصادية.
الوصول إلى المستويات المطلوبة للتنمية المستدامة، ليس فقط فى حاجة إلى توافر الموارد الاقتصادية، وعوامل الانتاج، المتعارف عليها اقتصاديا، ولكنه يحتاج أيضا، وبجانب الإدارة الرشيدة، إلى منظومة إعلامية، تساهم فى دعم التنمية، وهى منظومة غائبة حتى الآن، لأسباب كثيرة، نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر، عدم وجود التخصص الإعلامى، بمعنى عدم قدرة المنظومة الإعلامية، على إدارة برامج اقتصادية متخصصة، هادفة، لا من حيث القدرة على الإعداد، ولا من حيث انتقاء المصادر، والتى يجب أن تكون ذات صلة مباشرة بقضايا وشئون الاقتصاد.
فى الدول المتقدمه، تعمل منظومة الإعلام وفقا للتخصص، ولا يوجد، كما هو الحال فى بلادى مصر، ما يسمى بالصحفى، أو الإعلامى الشامل، الذى تتلخص مهمته، فى مجموعة من أرقام الهواتف، وأسماء أصحابها، الذين يشكلون عددا محدودا من المصادر، التى لا تتورع فى الافتاء فى جميع المجالات، طالما تم تسليط الضوء عليها، وهو الأمر الذى يحدث ضررا شاملا، تمتد آثاره، الى الاقتصاد وبالتبعية إلى المجتمع والناس.
إعلام دعم التنمية يجب أن يكون نابعا من المعرفة، والالمام العلمى بالمشاكل الاقتصادية، وتناولها تحليلا، ورأيا، ومقترحات، بجانب ضرورة وجود مراكز بحثية متخصصة، حتى تدعم القرار الاقتصادى، وتساعد فى اتخاذه معتمدا على قاعدة بيانات، واستطلاعات رأى واقعية، تساهم فى اتخاذ القرار العام.
الإعلام الاقتصادى، لا يزال يفتقد إلى الآليات والمعرفة، الكفيلتين بأن تكون لديه منظومة أداء إيجابية تساهم فى دعم برامج وأهداف التنمية، خاصة فى ظل الأوضاع الحالية التى تشهدها الدولة، من ارتفاع للأسعار، وظهور المنافسات الاحتكارية، وضعف الانتاج، وتدهور بعض القطاعات، خاصة قطاع الزراعة، المنوط به توفير الاحتياجات الأساسية من الغذاء.
علاج المشاكل الاقتصادية، فى حاجة إلى سياسات اقتصادية قائمة على العلم، متحررة من أهداف الأرباح، خاصة تلك المتعلقة بأنشطة الدولة، بجانب منظومة إعلامية جيدة تدعم برامج التنمية، على أن يسبق ذلك كله إرادة حقيقية، رسمية، ومدنية، وشعبية، لرفع المعاناة عن المواطنين، والعمل على عودة الاقتصاد لسابق قوته.