الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

تقويمنا القبطي وهويتنا المصرية



في عام 1235 ق.م. قسم المصريون القدماء السنة إلى 12 شهرًا، وكل شهر 30 يومًا، يضاف إلى ذلك خمسة أيام تسمى الشهر الصغير أو أيام النسى، ويضاف في السنة الرابعة يومًا إلى أيام النسى، فتصبح ستة أيام بدلًا من خمسة، وذلك بأمر من الملك بطليموس الثالث عام 238م، فأصبح عدد أيام السنة 365 يومًا كالسنة الشمسية تمامًا. 

وقد أحيا المصريون بعد الميلاد هذا التقويم ثانية، وجعلوا بدايته من عام 284م، تخليدًا لعام الاستشهاد الأعظم في تاريخ الكنيسة المصرية؛ حيث قام الإمبراطور دقلديانوس في ذلك العام بشن حملة تعذيب وتنكيل وقتل للمسيحيين عامة، وكان أشدها بين المصريين. وهذا التقويم يبدأ من سبتمبر وينتهي بأغسطس من كل عام. وشهور التقويم القبطي على النحو التالي:
- 1 توت(11/12 سبتمبر): نسبة إلى الإله المصري توت أو تحوت إله الحكمة والعلم والكتابة وحامى الكتبة.
2- بابة(10/11 أكتوبر): "أبة" هو الإسم الأصلى للأقصر، وكذلك نسبة إلى عيد أوبت وهو عيد انتقال الإله آمون من معبده في الكرنك إلى معبده في الأقصر.
3- هاتور(10/11 نوفمبر): نسبة إلى حاتحور، إلهة العطاء والحب والموسيقى.
4- كيهك (10/11 ديسمبر): معناه عيد اجتماع الأرواح.
5- طوبة(9/10 يناير): مشتق من الكلمة المصرية القديمة تاعبت وهو أحد الأعياد.
6- أمشير(8/9 فبراير): إشارة إلى عيد يرتبط بالإله "مخير"وهو إله الرياح والزوابع.
7- برمهات (10/11 مارس): ربما نسبة إلى عيد يتعلق بالملك أُمنحتب.
8- برمودة(9 أبريل): نسبة إلى إلهه الحصاد رنودة.
9- بشنس(9 مايو): نسبة إلى الإله خونسو، إله القمر وممثل دور الإبن في ثالوث طيبة.
10- بؤونة(8 يونيو): نسبة إلى وادى الملوك، وهو العيد الذي ينتقل فيه آمون من شرق النيل إلى غربه.
11- أبيب(8 يوليو): عيد الإلهة أبيبي.
12- مسرى(7 أغسطس): نسبة إلى مسو-رع أي ولادة الإله رع.
وقد ربط المصريون القدماء بين تلك الشهور ووقائع الأيام، حيث ارتبط كل شهر لديهم بمثل أو بحكمة بعينها، وهي لاتزال مستخدمة حتى اليوم بين المصريين معبرة عن حكمتهم وخفة روحهم ودعابتهم، دون أن ندرك أنها مصرية الأصل. ولازلت أتذكر أمي –رحمها الله- وهي تردد هذه الحِكم أثناء تقليبها الروزنامة كل صباح، دون أن أعي وقتها ما تُتمتم به.
وهذه الأمثال والحكم جميعها مرتبطة بحياة الفلاحين حتى الآن، لاسيما الزراعة والفيضان وعلاقتهما بالمناخ؛ وهي على النحو التالي:
توت: توت ري ولا تموت؛ أو قول للحر موت، كناية عن انحسار موجة الحر بمصر.
بابه: خش واقفل الدرابة، أي البوابة، وذلك اتقاء للبرد.
هاتور: يقول للبرد طور طور(قم)، كناية عن بداية البرد؛ أو هاتور أبو الدهب منثور، أي موسم زراعة القمح.
كيهك: صبحك مساك، شيل يدك من غداك وحطها في عشاك، كناية عن قصر أيام الشتاء.
طوبة: تخلي الشابة كركوبة، كناية عن البرد الشديد، فتقوم الشابة منحنية من البرد.
أمشير: أمشير أبو الزعابيب الكتير ياخد العجوزة ويطير، أو يفصص الجسم نسير نسير، كناية عن شدة الهواء.
برمهات: روح الغيط وهات، أي نضج المحاصيل الشتوية.
برمودة: برمودة دق العامودة، أي دق سنابل القمح بعد حصدها.
بشنس: بشنس يكنس الغيط كنس، كناية عن انتهاء الحصاد تمامًا وخلو الأرض.
بؤونة: تنشف المياه من الماعونة كناية عن الحر؛ أو بؤونه نقل وتخزين المونة.
أبيب: أبو اللهاليب، كناية عن الحر الشديد؛ أو أبيب فيه العنب يطيب.
مسرى: مسرى تجرى فيه كل ترعة عسرة، وفيه يحدث فيضان النيل وازدياد مياه الترع فتغمر الأرض الجدباء.
وأتساءل في نفسي: طالما أن هذه التقويم مصري أصيل، فلماذا لا نستخدمه رسميًا إلى جانب التقويم الهجري؟ أليس استخدامه رسميًا يبرز سمات مصر الحضارية، أسوة بالصين التي لاتزال تستخدم التقويم الصيني القديم حتى الآن؛ أو كالشوام الذين لا يزالون يستخدمون التقويم السُرياني أيضًا؟


المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط