الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

أغدا ألقاك.. كيف قتلت كوكب الشرق شاعر السودان الأول بقصيدته الشهيرة!

صدى البلد

كوكب الشرق، يكتب الشعراء دواوينهم، أملا في أن تعجب إحداها أم كلثوم وتقرر غناؤها، لتكون بمثابة باب الحظ الذي فتح بمصراعيه أمامهم، فبعدما كانت القصائد حبيسة الدواوين، تخرج الآن للنور، وليس أي خروج، بل تتوهج في حفلات أم كلثوم التي يطرب لها حشود الجماهير من أنحاء العالم.

وفي مبادرة لسيدة الغناء العربي، قررت أن تغني لشعراء عرب من مختلف الدول، في إطار جولتها لدعم المجهود الحربي بعد حرب 1967، لتهبط بجولتها أخيرا في دولة السودان ومن بين الشعراء المغمورين هناك، اختارت أم كلثوم، قصيدة الشاعر "الهادي آدم" "الغد" ، وتغير اسمها إلى "أغدا ألقاك" وتحيي بها حفلا في القاهرة، وتخرج بها للجمهور لأول مرة على مسرح النيل عام 1971.

ولكن إذا لم يحالفك الحظ فلن يسعك اللحاق به ولو كنت على ظهر جواد، فبعدما ابتسم الحظ للشاعر السوداني المغمور، كشر عن أنيابه أمامه، لتضع قصيدته التي غنتها أم كلثوم، الهادي آدم حبيس جدران قصيدته، لينسى الجمهور قصائد الشاعر ودواوينه، وتظل "أغدا ألقاك" هي الوحيدة التي تذكروها.

وبالرغم أنه يشهد له النقاد ودارسو تاريخ الأدب في بلاده، بأنه من أوائل الذين ساهموا في نهضة الشعر في البلاد، من خلال الجمعيات الأدبية التي كان يشرف عليها في المدارس التي عمل فيها في شتى بقاع السودان، إلا أنه لم يتوقع أن تصبح حياته أسيرة هذه القصيدة، فالهادي آدم شاعر رقيق غزير الإنتاج فله 3 دواوين هي "كوخ الأشواق" "عفوا أيها المستحيل" و "نوافذ العدم" وتضم الدواوين أكثر من مائة قصيدة تقريبًا، كما له مسرحية شعرية بعنوان "سعاد" إلا انه لم يغن أحد من الفنانين السودانيين أيًا من قصائده، ولم يتناولها النقاد بالقدر الكافي من الاهتمام أو الدراسة.

وصف البعض هذه القصيدة باللعنة، فبعدما ألفها الشاعر أصبحت هي العقدة الوحيدة في حياته، يسأله الصحفيون عنها، غير مبالين بالدواوين والقصائد الأخرى التي ألفها، لتكون قصيدته النعمة التي تحولت للنقمة في حياته، ليرحل "الهادي آدم" عن عالمنا بهدوء وصمت عام 2006، عن عمر يناهز الـ80، ويعتبر النقاد في الخرطوم الراحل أنه ظل لعقود في مصاف الشعراء الكبار، ليس على مستوى السودان، وإنما على مستوى العالم العربي، ورغم انتمائه لجيل سابق للحركة الشعرية المعاصرة، فإنه يعتبر من الشعراء المحدثين.

ظلت قصيدة "أغدا ألقاك" تلاحقه حتى بعدم مماته، فتم منحه وسام الجمهورية الذهبي بسببها، كما كرمته السفارة المصرية بالخرطوم، وبعد وفاته في عام 2006 نعته وسائل الإعلام بـ «رحل صاحب أغدا ألقاك».

وهكذا ظلت القصيدة تطارده حتى بعد وفاته وبقيت هي جوهرة قصائده ومن شدة توهجها لم يلتفت أحد لغيرها من أعماله العديدة، فبقيت قصيدة أغدا ألقاك و بقي هو "شاعر أغدا ألقاك".