الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

زين ربيع شحاتة يكتب: الأسرة وأمن الدولة الاجتماعى

صدى البلد

شهدت مصر فى يناير من عام 2011 م هزة اجتماعية كبرى صاحبت أحداث سياسية واقتصادية لا زالت تعانى من أثارها الدولة المصرية ومؤسساتها حتى الأن ، وعقب هذه الأحداث سارع علماء السياسة بوضع الأطر التى يمكن من خلالها تخطى هذه الأثار وصولًا إلى الأستقرار السياسي و إعادة بناء المؤسسات الدستورية ، وكذلك علماء الأقتصاد وتجاهل علماء الإجتماع تأثير هذه الأحداث على الأسرة المصرية ولم تسعى مؤسسة إجتماعية بتقديم مشروع أو مبادرة إسترشادية للجهات الرسمية يمكن من خلالها مواجهة الظواهر الإجتماعية التى ستخلفها هذه الأحداث ، حتى وجدنا أنفسنا أمام حالات طلاق تتزايد يوم بعد يوم حتى وصلت إلى مستوى الظاهرة حسب ما أعلن رسميًا على جريدة الأهرام بأن معدلات الطلاق وصلت إلى حالة كل دقيقتين ونصف ، وهرع علماء الإجتماع و المتخصصين إلى أن الأسباب الإقتصادية هى السبب الرئيسي فى محاولة لنفى التهمة عنهم ، وتناسي هؤلاء أن الشعب المصرى تزداد لحمته كلما زادت الأزمات ، وإذا كان السبب أزمة إقتصادية لماذا لم نرى هذه الظاهرة وقت كانت الدولة المصرية تستعد لحرب أكتوبر؟ ، والتسليم بأن حالات الطلاق أسبابها إقتصادية يعنى إتهام المرأة المصرية بالعجز فى حين أن تاريخها يشهد بالصلابة و الإقدام ، لذلك نجدها بعيدة كل البعد عن هذا الأتهام .

بالنظر إلى الأسرة كنواة تكوين المجتمع ومن ثم الدولة فأنه يمكن مواجهة إرتفاع هذه الظاهرة فى إطار النظر إليها كدولة كما وصفتها الدكتورة إيمان عبدالله أستاذ الإرشاد النفسي ، لذلك يمكن تطبيق نظرية الدولة و النظام على الأسرة خصوصًا أنها تعتمد فى بداية تكوينها على عقد زواج ، وأى علاقة إجتماعية تعاقدية قابلة للإنفصال مثل عقود العمل و عقود الشراكة عكس العلاقات غير التعاقدية كالعلاقة بالأشقاء أو الأبناء ، لذلك يلزم لإستمرارية العلاقات التعاقدية أن يمتلك كل طرف الحد الأدنى من المعرفة والمعتقدات التى تساهم فى جودة البناء وإستمراريته و فى مقدمة شروط تعاقد الزواج سنة الله و رسوله ، فالثقافة الدينية وغرس القيم الإسلامية وتصحيح المفاهيم المغلوطة لدى البعض ، فالمرأة كرمها الدين و خلقها الله من الرجل فهى جزء لا يتجزأ من جسده فهل هناك من يمسك بآلة حادة لإزاء بدنه ، فكيف به يقبل أن يؤذى المرأة التى هى جزء منه ؟ ، وكيف تتناسى المرأة تعاليم الإسلام فى التعامل مع زوجها وتدخل معه فى مراهنات سلطوية تكون سبب فى العديد من المشكلات الأسرية وقد تفضى إلى ما هو أكثر من ذلك ، وفى سياق الحديث عن الصراعات السلطوية نعود إلى مفهوم الأسرة كدولة لنرى أن أى دولة أونظام يحكم بمجموعة من القواعد والقوانين منها المؤسسي كقانون الأحوال الشخصية ، ومنها الثقافى و الأخلاقى الذى يعتمد على القيم والعادات والذى يختلف من منطقة إلى أخرى ومن أسرة إلى أخرى حسب المستوى الثقافى والفكرى ، ومنها القواعد الإستراتيجية الى توجه السلوك بناءً على حساب التكلفة والمزايا المحسومة أو حسابات المنطق كأن ينظر طرفى الأسرة إلى مزايا الإستقرار فى ظل الظروف التى تدفعهم بقوة نحو الإنفصال و تداعيات الإنفصال عليهما وعلى الأولاد فى المستقبل القريب و البعيد.

وإذا كانت الأسرة دولة فأن الدول تعتمد على الحوار فى صناعة الإستقرار بين عناصرها المختلفة والذى يتطلب بعض القيود لضمان نجاح هذا الحوار وفى مقدمتها البعد عن الإعلام و التدخلات الخارجية وأن يتصدرالحوار نقاط الإتفاق قبل الوصول إلى نقاط الإختلاف و نقطة اللا عودة ، كذلك هى الأسرة لو تم تنمية الحوار بين عناصرها بعيدًا عن التدخلات الخارجية ، فسيكون الحوار هو جسر الإستقرار ، كما أن الدولة و أنظمتها دائمًا تفصل بين الظاهر و أسبابه كنظرية المسرح و الكواليس ، فلكل أسرة ظروفها و كواليسها الداخلية التى لا يسمح لأحد بالإطلاع عليها وهو ما يؤكد أن المقارنات الأسرية دائمًا يجانبها الصواب ، و لعل أهم عوامل إستقرار الدول هى القوانين الصلبة التى تحكم العلاقة بين عناصر المؤسسات الموكل إليها حفظ النظام والتى تحدد صلاحيات كل عنصر منها بدقة تجنبًا لأى بقع تصنعها إجتهادات فردية ، كذلك هو الحال فى الأسرة فعلى الطرفان ضرورة وضع قواعد صارمة لكل علاقة تمس أمن الأسرة و تهدد إستقرارها والتى ستحول بين الأسرة وبين الأخطار المحتملة و إذا تطلب الأمر يعلن قائد الأسرة حالة الطوارئ و يفرض الأحكام العرفية على كل عناصر الأسرة لواجهة المخاطر إقتصادية كانت أو إجتماعية لتبقى الأسرة أمن الدولة الإجتماعى .