الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

يسري محمد يكتب: السرقة عند الأطفال.. الأسباب والوقاية والعلاج (1-3)

صدى البلد

لا شك أن الظواهر السلبية والسلوكيات المرفوضة كثرت هذه الأيام فى مجتمعاتنا وبيوتنا ومحاضننا التعليمية أيضا
ولعل أخطر هذه الظواهر وأشدها حزنا فى نفوس الآباء والأمهات هى ظاهرة السرقة عند الأطفال.
 
لما لها من أثر خبيث ونظرة شديدة الغضب فى البيوت والمجتمعات اضافة لكونها تضع الأسرة فى منطقة المشاكل بين الزوجين وكل منها يتهم الآخر بالتقصير والسبب فى ظهور هذه الآفة عند أطفالهم.
 
ونحن اليوم وفى هذه السلسة سنتحدث عن السرقة عند الأطفال كمفهوم واسبابها وطرق الوقاية ثم فى المقال الثالث سبل النجاة والعلاج الفعال.
 
والأهم فى كل ذلك أن تعبر الأسرة بجميع أفرادها أى سحابة صيف تعكر صفوها أو تتسبب فى بث الخلافات والحزن فضلا عن العنف الأسري الذى قد يكون محطة سعيا فى الخلاص من هذه الآفة المرفوضة.
 
أولا: 
تعريف السرقة باختصار هى سعى الطفل لتملك أمرا لا يملكه عن طريق أخذه دون ان يراه أو يعرف بأمره أحد سواء كانت العاب او اموال وسواء كانت من بيت الأسرة أو غيرها فمجرد التفكير فى الأمر مشكلة خطيرة والأخطر أنها مصدر رعب للأسرة والسبب معروف فقد تمتد يد الطفل للخارج مرات ويصبح فى مهب الذهاب لسجن الأطفال أو ما يعرف بالأحداث وهذا تطور شديد الخطورة لان العاقبة لن تكون اصلاح وتهذيب لكن اجرام وفساد أخلاقى وسلوكى.

لذلك فعلى الأسرة أن تعي جيدا مشكلات الابن النفسية والسعى لحلها مبكرا قبل الوقوع فى محظورات لا يحمد عقباها.

ولما كانت السرقة باب داء شديد يتهدد الجميع كان لزاما علينا كمتخصصين أن نوضح بعض أسبابها ولماذا ينجح الطفل الى هذا المستوى، وتلك التصرفات التى يرفضها المجتمع ويحرمها الدين لذلك فالأسباب هى:

أولا الحرمان من الأشياء
إن سعى الطفل للسرقة والتفكير فى الأمر من البداية هو نتاج شيء من الحرمان الداخلى فلربما يقوم الآباء بحرمانهم من بعض الاشياء او الالعاب وهكذا فيلجا الطفل للسرقة أو ما يظنه البحث عن المال الذى ياتى بالشئ المحروم منه.
 
ومع الأسف الشديد فإن الآباء يعمقون الحرمان أكثر بعد ذلك، وهذا من الغباء التربوى فالأصل أن يكون بعد الحرمان عطاء وحوار وفضفضة ولاشك أخذ بالأسباب العلمية الحديثة ويجب فورا الذهاب لمتخصص تحسين سلوك.

ثانيا الشعور بالنقص الداخلى
إن حب التملك عموما ليس شرطا أن يكون من أجل الحصول على شيء ما بقدر ماهو الرغبة فى تملك المال او اللعبة المراد اقتنائها مهما كان الوسيلة فى سبيل الحصول عليها وعليه فإن الطفل يتحرك وينشط ليأخذ أو يسر
ليريح ذاته ويشعرها بالقيمة، بعد ذلك ان يلقى ما أخذه فى النهر أو يحرقه حتى تزول اثاره فعلته خارجيا لكنها يقينا ممتدة داخليا ونفسيا ويظل الطفل يتخطى مراحل جديدة فى الطريق نحو الهاوية من حيث يظن أنه يريح نفسه ويخدم على انتظام مزاجيته وأحواله.

ثالثا التقليد الإعلامى
إن الطفل كما قلنا فى مقالات سابقة يظل بالساعات امام الشاشات مستمتعا بأفلام الأكشن من قتل ونهب وسرقة وسوبر مان ومصاص الدماء وكل هذه النوعية تخدم على تكوين شخصية غريبة الأطوار عنيفة منحرفة اخلاقيا وسلوكيا.
 
فيجد البطل الذى يحبه لصا وعاشقا وفى النهاية يكون محل احترام وتوقير فيتسلل إليه هذا الشعور بأنه لا مشكلة من التمتع ببعض المال فى سبيل الحصول على هذه اللعبة التى رآها عند زميله او فى محل الألعاب الذى بجواره سكنه.
 
فيقلد الطفل ويتمادى فى التقليد مرة وأخرى حتى يصبح التقليد من عادة لعبادة اثارها الخبيث يمتد ليعصف بالبيت وييغير مسار الطفل من تعليم الى اجرام ومعاناة لاهله بسبب تفشى الاجرام لاعلامى الموجود فى بيوتنا فى غفلة من الجميع .
رابعا أخلاقيات الوالد
وهذه النقطة بالذات مؤلمة وصعبة جدا اذا يسعى الطفل فى تملك المال بايعاز من ابيه تماما كما يحدث فى معظم الأفلام العربى التى طمست هاوية اولادنا ولوثت فطرتهم فنجد الأب من مدمنى الخمور واللعب المحرم ويخسر مرات ومرات
فيجبر الأبن على أن يمد يده ليسرق قطعة ذهبية من أمه أو عمته أو أى من الأقارب وهذا واقع حقيقى وكم جائتنا مشكلات ملغمة وقنابل مؤقوتة فى هذا الخصوص وكلها تسال عن السبيل والنجاة
أن الوالد المنحرف يغرس فى ذريته المفاسد وسؤء الأخلاق وعليه فأن الجرم يقع عليه هو فى هذه الحالة وليس على الطفل المجبر تحت الترهيب والويل والضرب بتنفيذ اهواء الوالد ونحن هنا لا نقصد أن نطعن فى الاباء على حساب طيبة الابناء بقدر ما نقولأن الاسرة محن يتواجد فيه العنصر الصالح والطالح وليس كل بلاء يكون بسبب الأطفال .
خامسا الفقر والحياة المتعبة
لو كان الفقر رجلا لقتلته هكذا قال الامام على وذلك لاثاره المؤلمة فوجوده بااب تعب ومعاناة وحرمان من كل محبب للنفس لذلك فالكثير من الاطفال الذين يميلون للسرقة وصبحون لصوص هما فى بداية الامر كان وضعهم فقرا وحرمانا فيلجئون للسرقة لاشباع ماحرموا منه وهنا لابد ان نفرق بين أمرين
ليس كل فقير يصبح لص فالعفاف والاستعفاف مقدم وكم من بيوت فقيرة فى اموالها غنية باخلاقها ثرية بعفافها
لا يسمع عنهم أحد ولا يشكون حالهم الا لله عزوجل
الامر الثانى ليس كل فقير يجوز له السرقة فهاذ الامر لم يحدث الا فى عهد الفاروق اذا عطل حد السرقة لان الناس لم تجد ماتاكله فهذه اوجاع يتحملها كل حاكم فنسبة الفقر فى اوطاننا العربية مقلقة ومزلزلة لكن الفاروق قد مات .
ختاما
تجولنا معا فى بداية هذه السلسة من المقالات الثلاثية فى السرقة واسبابها سعيا فى توضيح ورفع ستارة الغفلة عن كل مهتم وناقوس خطر من العاقبة التى تحدث فى حالة تفشى هذه الظاهرة الغريبة والمرفوضة
ونحن فى المقال القادم سنناقش سبل الوقاية من الوقوع فى هذه الافة فالوقاية دائما وابدا خير من العلاج .