الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

في الذكرى الـ40 للثورة.. تفاصيل فضيحة إيران كونترا.. وتآمر واشنطن وطهران ضد صدام حسين

صدى البلد

منذ 40 عاما، وصلت الثورة الإيرانية بالخميني ليكون على رأس البلاد بعد عزل الشاه محمد رضا بهلوي، والذي ثار الشعب ضده بسبب تبعيته للقوى الغربية وخاصة الولايات المتحدة.

وأصبح بذلك الأب المؤسس لنظام الملالي الحاكم في إيران حتى اللحظة، والذي قام على شعار "الموت لأمريكا"، ونشأ العداء بين البلدين، والذي وصل إلى ذروته عند احتلال الثوار للسفارة الأمريكية في طهران.

ومنذ ذلك الحين لم تخرج إيران من قائمة أكبر أعداء الولايات المتحدة، فقط يتغير ترتيبها بين الثلاثة الأوائل ربما من حين لآخر. إلا أن قضية كبرى كشفت مدى ازدواجية الإدارة الأمريكية عندما يتعلق الأمر بالمصلحة، ازدواجية تجعل من العدو، عدو وحليف في الوقت نفسه.

حيث شهدت ثمانينيات القرن الماضي فضيحة مدوية للإدارة الأمريكية، وهي قضيحة "إيران كونترا"، والتي شارك فيها مجلس الأمن القومي الامريكي، في صفقات أسلحة سرية وغيرها من الأنشطة التي يحظرها الكونجرس الامريكي وتنتهك السياسة العامة المعلنة للحكومة.

تكمن خلفية الفضيحة في انهماك الرئيس رونالد ريجان بترقب تصاعد وانتشار الشيوعية، ولا سيما في أمريكا الوسطى "الفناء الخلفي للولايات المتحدة.

ففي عام 1979، قامت حركة التحرير الساندينية في نيكاراجوا أخيرا بإسقاط الحكم نظام الديكتاتوري للرئيس أنستاسيو سوموزا ديبايل، حيث أصبح اقتناع ريجان راسخا بأن وجود نظام يساري نشط في هذا البلد من شأنه أن يشعل ثورة في جميع أنحاء المنطقة ويهدد أمن الولايات المتحدة.

وللقضاء على هذه الاحتمالية، ضخت إدارته كميات هائلة من المساعدات العسكرية في عدد من الحكومات في أمريكا الوسطى، التي عانت من الحرب الأهلية وحرب العصابات.

وفي حالة نيكاراجوا، كان التركيز على زعزة استقرار هذه الحكومة وهندسة الإطاحة بنظام الساندينستا ماركسي التوجه.

وجهت واشنطن المساعدات إلى مجموعة مليشيات متمردة مسلحة، "الكونترا" من أجل تحقيق غايتها، غير أن الرأي العام الأمريكي، كان يعارض بشدة وبشكل متزايد هذا التمويل، وعندما أصدر الكونجرس قانونا بحظره، لجأ البيت الأبيض إلى وسائل سرية لمواصلة دعمه.

وكان هناك نصيب للشرق الأوسط أيضا في هذه السياسة، ففي أوائل عام 1985، قام رئيس مجلس الأمن القومي الأمريكين روبرت ماكفارلين، ببيع صواريخ مضادة للطائرات إلى إيران، في اعتقاد خاطئ منه بأن هذه الصفقة ستضمن إطلاق سراح عدد من المواطنين الأمريكيين الذين كانوا محتجزين في لبنان من قبل الجماعات الإرهابية الشيعية الموالية لإيران. وتبعها العديد من صفقات التسليح لإيران في عام 1986، وهو ما يناقض تماما سياسة الحكومة الامريكية المعلنة برفض المساومة مع الإرهابيين أو مساعدة إيران في حربها مع العراق أوإسقاط الرئيس الراحل صدام حسين. والتي تقوم على الاعتقاد بأن إيران راعية للإرهاب الدولي.

وتم تحويل جزء من مبلغ الـ48 مليون دولار الي دفعته إيران مقابل الأسلحة بواسطة مجلس الأمن القومي، الذي أعطى هذا المبلغ إلى الكونترالدعمها في حربها ضد حكومة ساندينيستا.

وكان الكونجرس قد أقر قانونا يحظر تقديم مساعدات عسكرية أمريكية مباشرة أو غير مباشرة إلى الكونترا.

وكانت التحويلات تتم تحت إشراف عضو مجلس الأمن القومي، الكلونيل أوليفر نورث، بموافقة خليفة ماكفارلين، الأميرال جون بويندكستر.

خرجت الأنشطة غير القانونية لمجلس الأمن الوطني إلى النور في نوفمبر من عام 1986، وأثارت ضجة عارمة في المجتمع، واضطرت إدارة ريجان إلى الاعتراف بأنها استمرت في تمويل الكونترا بشكل سري من خلال بيع الأسلحة إلى إيران، والتي كانت في حد ذاتها غير قانونية وفي انتهاك للحظر التجاري المفروض على طهران.

وقال نورث إن الرئيس ريجان ونائبه جورج بوش الأب، كانا على علم بالعمليات السرية، على الرغم من أن كليهما نفى اي معرفة له بالتفاصيل، ولم يتم تقديم أي دليل يثبت تورطهما.

خسر بويندكستر ونورث عملهما، وتمت ملاحقتهما قضائيا، في حين تشوهت صورة الرئيس ريجان، واتهمته لجنة "البرج" التي أسست للتحقيق في القضية بأن يتبنى أسلوبا رخوا في الإدارة يتغافل عن التفاصيل السياسية.

وقد عانت الولايات المتحدة من فقدان مصداقيتها بشكل خطير على الرغم من كونها معارضة للإرهاب. علاوة على ذلك ، أثارت القضية أسئلة جدية حول سلطة الفرع التنفيذي للحكومة ومدى وفعالية إشراف الكونغرس على الشؤون الخارجية ، وهي قضية سلطت الضوء عليها لجنة البرج بشكل ملحوظ عندما استشهدت بالاستشهاد اللاتيني الشهير من الشاعر الروماني جوفينال: "من الذي يرقب الحارس".