الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

أبناء النيل لا يعرفون المستحيل.. عمر شحاتة حكاية مصرية.. قصة بائع السمك الذي أصبح مستشار وزير الاتصالات بمملكة أفريقية

عمر شحاتة خلال استضافته
عمر شحاتة خلال استضافته بصدى البلد

  • كفاح عمر شحاتة من بائع سمك لمستشار وزير بمملكة ليسوتو
  • تفاصيل تكريم عمر شحاتة من وزير الري المصري
  • مملكة ليسوتو الأكثر فقرا بأفريقيا بحاجة لخبرات المصريين

شاب مصري لم يقرر سطر قصة نجاحه بالخارج من خلال الهجرة لدولة غنية أو مشهورة، فاستطاع إثبات قدراته وعمله المتقن في دولة تعد الأفقر في أفريقيا وتقلد فيها مناصب عليا أيضا، الشاب عمر عبد الله شحاتة أول مصري يقيم بمملكة ليسوتو الأفريقية، والذي طوّر أساليب الري بالمملكة ويشغل حاليا منصب مستشار وزير الاتصالات والعلوم والتكنولوجيا بالمملكة.

عمر عبد الله شحاتة شاب مصري مقيم في مملكة ليسوتو الأفريقية، يعمل في مجال الزراعة بالهيدروبونيك والزراعة المتطورة، يقيم الشاب المصري بالمملكة منذ أكثر من 15 عاما لتتكلل قصة كفاحه بهذا النجاح، بدأ كفاح عمر منذ أن كان في مصر فكان يعمل في تصنيع ورق البردي، وصنع الشراشيب للملابس، وعمل أيضا بمحل السمك الخاص بعمه، فخلال دراسته بكلية الحقوق لم يفضل البقاء دون عمل، فقرر العمل بأي وظيفة تكون متاحة ومناسبة له.

سافر عمر شحاتة للمرة الأولى إلى المملكة بعد نصيحة صديق له من جنوب أفريقيا يعيش في مصر، وعرف منه أن جنوب أفريقيا بلد جميل وغني بالفرص، فسافر للعمل دون وجود معرفة لأي شخص هناك، وعاش في جنوب أفريقيا لمدة عام لاحظ خلاله وجود أصحاب الجنسيات المختلفة في البلد بأكمله، فقرر الانتقال إلى مملكة ليسوتو.

بدأ حياته فيها بممارسة أكثر من عمل يدوي كعادته للعمل في مصر، واستقر الشاب المصري خريج كلية الحقوق على التخصص في مجال الزراعة المتطورة بطريقة الهيدروبونيك.

وبعد ممارسته للزراعة بهذه الطريقة جيدا، قابل عمر محافظا في المملكة وعرض عليه فكرة تعميم الزراعة بهذا الشكل، ونالت الفكرة إعجابه وطلب مشاهدة نتيجة خلال شهر، وبعد تنفيذ المشروع في الفترة المحددة، جاءت قيادات من الحزب الحاكم لطلب تنفيذه في أماكن أخرى عانت من الجفاف في إقليم ليتستيد بسبب قلة الأمطار، ووجد لهم حلا وهو استنبات الشعير، ويقول لـ «صدى البلد»: "بننتج كل يوم طن شعير لأننا بنزرع بنظام الدرجات الرأسية، وفي اليوم السابع بنطلع طن وبيكون كافي لإطعام 500 خروف أو ماعز و120 بقرة و200 حصان والأرانب".

بعدها طلب جلالة الملك أن يرى أعمال عمر، وفور مشاهدتها في محافظة ليتستيد المجاورة لليسوتو، أصر على نقل هذه الخبرات إلى المملكة ومع تزايد مجهودات عمر شغل هذا المنصب، فأصبح مستشار وزير الاتصالات والعلوم والتكنولوجيا لمملكة ليسوتو.

"مكنتش أعرف حاجة عن المجال ده عرفته بالصدفة"، يقول شحاتة: "تعرفت على رجل عجوز بجنوب أفريقيا وتحدث معى عن الزراعة بـ«الهيدروبونيك» ونصحني بالالتحاق بالدورات التدريبية ومتابعة كل ما يتعلق بهذه الزراعة على مواقع التواصل الإجتماعي وأمدني بأسماء مواقع متخصصة فى الأمر".

أعجب شحاتة بهذه الطريقة في الزراعة ولكن لم تتوفر لديه المعلومات كافية عنها لممارستها بشكل احترافي، خاصة أنه لم يطبقها أي شخص من قبل بمملكة ليسوتو الأفريقية، فكانت مواقع التواصل الاجتماعي وسيلته لتطوير موهبته باستمرار حتى الاحتراف.

استعان شحاتة بموقع «يوتيوب» لمشاهدة طريقة الزراعة المائية المتطورة وطرق تطبيقها، ولكن بعض المشاكل الذي كان يواجهها خلال الزراعة بـ«الهيدروبونيك» لم يجد لها حلا على «يوتيوب» فقرر الاستفادة من تجارب الآخرين في الوطن العربي، ودشن جروبا خاصا بممارسين والمهتمين الزراعة بـ«الهيدروبونيك».

ويقول عن تجربته في تطوير قدراته في الزراعة المائية من خلال "فيسبوك": «أي حد عنده مشكلة في مزرعته كان بيبلغ التاني ونقوم بإرسال بعض صور المشكلة لبعض ونوجد الحلول معا»، وهذا كان البداية لتغيير مجاله كليًا إلى الزراعة المائية، ويرجع الفضل إلى «السوشيال ميديا»، خاصة استفادته من معظم أصدقائه بشرق آسيا وهم متطورون جدا في المجال.

كشف عمر عبد الله، مستشار وزير الاتصالات والعلوم ببملكة ليسوتو، كواليس تكريمه بمصر من قبل وزارة الري خلال زيارته الأخيرة للقاهرة برفقة جون تيسيكي ماسربيانى، وزير الاتصالات والعلوم والتكنولوجيا في مملكة ليسوتو.

وذكر عبد الله تفاصيل هذا التكريم خلال استضافته في «صدى البلد»، فالبداية كانت عندما تواصل معه السفير المصري بجنوب أفريقيا لتوضيح رغبة وزير الري المصري لتكريمه نظرا لجهوده الذي بذلها طيلة 15 عاما بمملكة ليسوتو، ورغم سعادته بهذا الخبر إلا أنه تعجب من اهتمام المسئولين بجهوده.

وقال إن زيارته لمصر كانت سياحية برفقة وزير الاتصالات والعلوم والتكنولوجيا بمملكة ليسوتو، وفور وصولهما قابلا وزير الري المصري، مشيرا إلى أنه لم يتمالك دموعه من الفرحة والسعادة بهذا التكريم.

وأضاف أن المقابلة تحولت إلى عمل، حيث تباحث الوزيران إمكانية تنسيق زيارة لوفد مصري للمملكة، وعبر الوزير الأفريقي عن رغبته في استقبال مصريين في مجالات مختلفة للتدريب هناك، وبعد الانتهاء من التكريم ذهبوا للقرية الذكية بالمعادي.

وانتهى لقاء الوزيرين بالاتفاق على تنسيق زيارة وفد مصري للمملكة، مع إرسال مهندسين وأطباء وحرفيين مصريين لتدريب أهالي المملكة، وبعدها ذهب الوزيران في جولة بالقرية الذكية والتي كانت سبب فخر لشحاتة أمام الوزير الأفريقي نظرا للتقدم التكنولوجي بها والتي نالت إعجابه حتى أنه طلب إنشاء قرية ذكية مشابهة لها في مملكة ليسوتو.

وعلى حد وصف شحاتة، فإن مملكة ليسوتو متأخرة جدا، وبعد زيارة وزير الاتصالات إلى مصر طلب من شحاتة ضرورة دراسة طريقة تطبيق نفس النظام المصري بالمملكة، ويقول شحاتة لـ"صدى البلد": "الوزير قالي لما نرجع ليسوتو هنتابع مع الحكومة للتعامل مع مصر بدل الصين"، مشيرا إلى أن المصانع الموجودة بالمملكة كلها من الصين، ما دفع أحد الوزراء لمحادثة شحاتة وعرض عليه تقديم محافظة كاملة للمصريين، حيث إنه يفضل التعامل مع مصر كدولة أفريقية بدلا من الاعتماد على الصين في كل شيء بالمملكة.

أما هذه المملكة الأفريقية قد تكون غير معروفة للبعض، وهي دولة حبيسة داخل جمهورية جنوب أفريقيا وكل المعابر والحدود الخاصة بها تكون من خلال جنوب أفريقيا، وهي غنية جدا في المياه حتى أنها تبيعها لدولة جنوب أفريقيا والبلاد الأفريقية المجاورة، ورغم أنها من أفقر الدول الأفريقية إلا أنها غنية بمناجم الماس والذهب، فاقتصادها قائم على التجارة بالماس والذهب الخام، والأعمال اليدوية كالغزل والنسيج.

وتقع المملكة على هضبة مرتفعة وتعد الدولة الوحيدة التي تقع بالكامل على ارتفاع لا يقل عن 1400 متر، ويقطنها 2.3 مليون نسمة معظمهم يعمل في مجال رعي الأغنام أو الزراعة خارج المملكة، وتتسم هذه المملكة بالفقر الشديد، ويتداول سكانها عملة المالوطي والتي تعادل 1.20 جنيه وأيضا الراند الجنوب أفريقي.


-