الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

سيد مندور يكتب : مجالس الصالحين

سيد مندور
سيد مندور

تذكرت حديث سيدنا رسول الله صلوات ربى وسلامه عليه:( إِنَّمَا مَثَلُ الجليس الصالحُ والجليسُ السوءِ كحامِلِ المسك، ونافخِ الكِيْرِ فحاملُ المسك: إِما أن يُحْذِيَكَ، وإِما أن تبتاع منه، وإِمَّا أن تجِدَ منه ريحا طيِّبة، ونافخُ الكير: إِما أن يَحرقَ ثِيَابَكَ، وإِما أن تجد منه ريحا خبيثَة ) أخرجه البخاري ومسلم عن أبي موسى الأشعري.

نجد من هذا الحديث أن الجليس الصالح فى مجالسه كله خير، كما بين لنا خير الأنبياء ومثله بحامل المسك أى أن مجالسة الصالحين فيها الخير والرحمات وخير المجالس هم أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم الذي وصفهم المولى تبارك وتعالى فى كتابه الكريم فقال : مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ ۚ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ ۖ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا ۖ سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِم مِّنْ أَثَرِ السُّجُودِ ۚ ذَٰلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ ۚ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَىٰ عَلَىٰ سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ ۗ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا.

وأروى لحضراتكم إحدى جلسات الحبيب المصطفى مع أصحابه، ذكرت فى كتاب " المواهب اللدنية في المنح المحمدية " لعارف بالله الشيخ قطب الدين القسطلاني، ثم نقل عنه قوله : "وقال الطبري : خرجه الجندي. وكذلك ذكرها الشيخ طه عبد الله العفيفى فى كتابه وصايا الرسول المجلد الأول.

جلس رسول الله صلى الله عليه وسلم مع أصحابه رضي الله عنهم ، وسألهم مبتدأً بأبي بكر رضي الله عنه ماذا تحب من الدنيا؟
فقال أبو بكر رضي الله عنه : أحب من الدنيا ثلاثا : الجلوس بين يديك ، والنظر إليك ، وإنفاق مالي عليك.
ثم توجه بالسؤال لسيدنا عمر بن الخطاب رضى الله عنه .. وأنت يا عمر ماذا تحب من الدنيا ؟ فقال : أحب ثلاثا : أمر بالمعروف ولو كان سرا ، ونهي عن المنكر ولو كان جهرا ، وقول الحق ولو كان مرا. 

ثم توجه بالسؤال لسيدنا عثمان رضي الله عنه .. وأنت يا عثمان ماذا تحب من الدنيا ؟ فقال أحب ثلاثا : إطعام الطعام ، وإفشاء السلام ، والصلاة بالليل والناس نيام. 

ثم توجه بالسؤال لسيدنا على بن أبى طالب رضى الله عنه وكرم الله وجهه.. وأنت يا على ماذا تحب من الدنيا ؟ فقال : أحب ثلاثا : إكرام الضيف ، والصوم بالصيف ، وضرب العدو بالسيف.

ثم سأل أبا ذر الغفاري رضي الله عنه : وأنت يا أبا ذر ماذا تحب في الدنيا ؟ فقال أبو ذر : أحب من الدنيا ثلاثا : الجوع، والمرض ، والموت. 

فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ولِمَ ؟ فقال أبو ذر : أحب الجوع ليرق قلبي ، وأحب المرض ليخف ذنبي ، وأحب الموت لألقى ربي.

فقال النبي صلى الله عليه وسلم : وأنا حبب إلي من دنياكم ثلاث : الطيب ، والنساء ، وجعلت قرة عيني في الصلاة . 

وحينئذ تنزل جبريل عليه السلام وأقرأهم السلام وقال: وأنا أحب من دنياكم ثلاثا : تبليغ الرسالة ، وأداء الأمانة ، وحب المساكين.

ثم صعد إلى السماء وتنزل مرة أخرى وقال: الله عز وجل يقرؤكم السلام ويقول : إنه يحب من دنياكم ثلاثا : لسانا ذاكرا ، وقلبا خاشعا ، وجسدا على البلاء صابرًا.

فهكذا كانت جلسات أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم كلها أنوار ونفحات فنسأل الله تبارك وتعالى أن يجمعنا بهم يوم القيامة .. وإلى جلسة أخرى بمشيئة الله.