«نحن لسنا أحرارا بعد، نحن فقط وصلنا لحرية أن نكون أحرارا».. أحد أشهر الأقوال التي خلدها التاريخ، للمناضل الأفريقي نيلسون مانديلا رئيس جنوب أفريقيا الأسبق، وأشهر من نادوا بإنهاء نظام الفصل العنصري في تلك الدولة، التي عانى أبناؤها من أصحاب البشرة السمراء ويلات الاضطهاد والتهميش العنصري لحساب أصحاب البشرة البيضاء.
في بلدة "مفيزو" على ضفاف نهر "مباش" بولاية "ترانسكاي" بجنوب أفريقيا، ولد «نيلسون مانديلا» في 18 يوليو 1918، حيث كان والده يعمل مستشارا لزعماء القبائل في المنطقة، وكان متوقعا له أن يصبح زعيما، لكن خلافا نشب بينه وبين الحاكم المحلي التابع للاستعمار أدى إلى تجريده من لقبه وثروته كلها، لينتقل الأب مع عائلته إلى قرية صغيرة، وكان يطلق على طفله الصغير في تلك الفترة اسم «روليهلالا مانديلا»، والتي تعني «المشاكس» في اللغة العربية، قبل أن يتحول اسمه إلى «نيلسون مانديلا» وقت التحاقه بالمدرسة.

بعد دراسته في الثانوية، استقر مانديلا في جوهانسبرج والتي التحق فيها بجامعتها لدراسة القانون، والذي سرعان ما انخرط في الحركات المناهضة للفصل العنصري حتى انضم إلى حزب المؤتمر الوطني الأفريقي، حتى كان خلال كل تلك السنوات ينادي بالحل السلمي للقضاء على العنصرية، حتى وجد السلمية غير مجدية، فبدأ في التحول إلى أساليب جديدة تعتمد على الإضراب والعصيان المدني، وقاد حركات الاحتجاج في دولته.

وبعد عامين من سجن «مانديلا» أعيدت محاكمته عام 1963 ليتم الحكم عليه بالسجن مدى الحياة، ليقضي داخل جدران سجنه 27 عاما، أمضى 18 عاما منها في السجن في جزيرة "روبن"، أصيب خلالها بالسل والعديد من الأمراض نتيجة ضعف الخدمات الصحية التي كانت تقدم للمساجين من أصحاب البشرة السمراء، لكنه لم يستسلم خلال كل تلك السنوات فحصل على درجة البكالوريوس في القانون عبر نظام المراسلة مع جامعة لندن.

وفي العام الذي أطلق فيه سراح «مانديلا» انتُخب رئيسًا للمؤتمر الوطني الأفريقي سنة 1991، وتفاوض مع رئيس البلاد فريدريك ويليام دي كليرك، على إجراء أول انتخابات متعددة الأعراق في البلاد، ليبدأ أول خطوات القضاء على العنصرية في جنوب أفريقيا، ليتم بعدها منحه جائزة نوبل للسلام بالمشاركة مع نظيره كليرك عام 1993، ويتم بعدها إجراء أول انتخابات ديمقراطية في البلاد بتاريخ 27 أبريل 1994، ليصبح بذلك مانديلا أول رئيس أسود في تاريخ جنوب أفريقيا.