" لما تتجوزي سافري مع جوزك"، جملة اعتادت الفتيات في مصر على سماعها، تعلقت الكثير منهن بذلك الأمل في السفر بالزواج، إلا أنهن في الغالب لا ينلن سوى وعود تبدد وتصطدم بالواقع، يسخرن حياتهن في سبيل سعادة أسرهن في بيت الزوجية، إلا أنه في عالم مواز، احتفلت إحداهن بعيد ميلادها الـ 66 في تركيا، في رحلة لم تخطر ببالها يوما ولم تتوقع السفر يوما بعيدا عن حدود بلدتها الصغيرة.

حظيت سعاد محمد، بإبن حقق لها أمنيتها بعد سنوات طويلة، ليزيح عن عاتقها حملا ويخفف عنها من وطأة الحياة القاسية التي عاشتها ، ومرارة الأيام التي رمت على عاتقها ثقلا لم يزل يوما، وتحت شعار :"سافر انت لست شجرة"، جهز الابن أحمد جمال مفاجأة لوالدته للاحتفال بعيد ميلادها السادس والستون.

عاشت سعاد حياة لا تحسد عليها، بداية من طلاقها من زوجها، مرورا بـ معيشتها الصعبة مع ابنها الوحيد، الذي كرست له كل حياتها، رافضة الزواج بعد انفصالها عن زوجها، تبذل قصارى جهدها لتوفير حياة هنيئة له، تدخر المال الذي كرسته كله لتعليم ابنها، بضعة جنيهات من المعاش وبحنان ورعاية الأم تمكنت من إنبات الشاب الذي جنت ثماره اليوم، بعدما أنهى تعليمه الجامعي واتجه للعمل في كافة المهن لجمع لمال لإزاحة الحمل عن والدته التي ذاقت الأمرين معه.

وبعد تخبط هنا وهناك، والانتقال بين وظيفة وأخرى، وجد الابن طريقه للسفر إلى تركيا والعمل هناك، ليبتسم له الحظ، ويترك بلاده محلقا إلى هناك، تاركا والدته وحيدة.
وتحت شعار " سافر انت لست شجرة"، لم يحبذ الفتى فكرة بقاء والدته وحيدة، فهما رفيقا درب تعاهدا على السير سويا به، وفي عيد ميلادها بعث لها بتأشيرة سفر، ويفاجئها بقرار سفرها في رحلة خاطفة إلى تركيا، لم تتوقع الأم خروجها خارج حدود مدينتها الصغيرة بالقرب من بورسعيد، لتبدأ الأم بعدها في إجراءات سفرها، وتحلق لأول مرة من مطار الغردقة إلى تركيا.
ومع أول خطى لها في تركيا، لم يدع الابن والدته تعود إلى ديارها، فاتخذ اجراءات إقامتها معه، وقرر عدم تركها، ليستقر الثنائي معا، يؤانسان بعضهما البعض، يتجولان في البلاد، تحول الابن لمرشد سياحي لوالدته، يريها معالم البلاد والطبيعة التي سحرتها، ليعيشان سويا هناك ليكملا طريقهما كما اعتادوا دائما.