الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

سيد مندور يكتب: عاشوراء بين نجاة الكليم واستشهاد السبط

سيد مندور
سيد مندور

يوم عاشوراء هو يوم فاصل فى تاريخ البشر، ففيه حدثان كبيران: الحدث الأول، نجاة سيدنا موسى الكليم ، أما الثاني استشهاد سيدنا الحسين بن الإمام على كرم الله وجهه، السبط كما وصفه جده رسول الله صلوات الله وسلامه عليه .

الحدث الأول : نجاة سيدنا موسى بن عمران من فرعون فحينما كان الحبيب المصطفى صلوات الله وسلامه عليه فى المدينة المنوره وجد اليهود يصومون يوم عاشوراء فسألهم عن سبب صيامه عندهم فقالوا هذا يوم نجى الله فيه موسى من فرعون فقال الحبيب المصطفى نحن أولى بموسى منكم. 

ففى هذا الحدث نجد أنه كان هناك صراع بين الحق والباطل بين فرعون هذا الجبار الكافر الظالم الذى قال أنا ربكم الأعلى وبين سيدنا موسى النبى الكريم الذى إتخذه الله كليما، أى أن هناك صراع بين ظالم ومؤمن وجمع فيه فرعون الظالم جيشه للقضاء على دعوة التوحيد وعلى أتباع سيدنا موسى، حتى وقف أتباع سيدنا موسى والبحر أمامهم وفرعون وجنوده ورائهم حيث بين لنا المولى سبحانه وتعالى هذا الموقف فى كتابه االكريم وكيف كانت نجاة الكليم فقال سبحانه :{وأوحينا إلى موسى أن أسر بعبادي إنكم متبعون، فأرسل فرعون في المدائن حاشرين، إن هؤلاء لشرذمة قليلون، وإنهم لنا لغائظون، وإنا لجميع حاذرون، فأخرجناهم من جنات وعيون، وكنوز ومقام كريم، كذلك وأورثناها بني إسرائيل، فأتبعوهم مشرقين، فلما تراءى الجمعان قال أصحاب موسى إنا لمدركون، قال كلا إن معي ربي سيهديني، فأوحينا إلى موسى أن اضرب بعصاك البحر فانفلق فكان كل فرق كالطود العظيم، وأزلفنا ثم الآخرين، وأنجينا موسى ومن معه أجمعين، ثم أغرقنا الآخرين، إن في ذلك لآية وما كان أكثرهم مؤمنين، وإن ربك لهو العزيز الرحيم}.

فنجد من هذا الموقف إيمان سيدنا موسى، حينما قال: كلا إن معي ربى سيهدين، فكانت المعجزة لأنه سيواصل نشر دعوته ورسالته التى أرسل من أجلها وكان هلاك فرعون الذى خاف على زوال ملكه وجبروته .

الحدث الثاني : استشهاد سيدنا الحسين، السبط
ففى يوم العاشر من المحرم فى العام الحادى والستين من هجرة المصطفى كان أيضا الصراع بين الحق والباطل بين الظلم والإيمان كان الصراع بين هذا الظالم يزيد بن معاويه، الذى كان حريصا على الملك، وبين سيد شباب أهل الجنة سبط رسول الله صلى الله عليه وسلم، ونفس المشهد يتكرر فقد جمع يزيد جيشه لقتل إبن رسول الله وحبيبه الذى قال عنه جده صلوات الله وسلامه عليه : ( حسين منى وأنا من حسين أحب الله من أحب حسينا حسين سبط من الأسباط ).

فماذا حدث مع الإمام الحسين وأهل بيته في كربلاء وفقًا لمصادر أهل السنة؟ مثل كتاب "البداية والنهاية" للإمام ابن كثير وكتاب "تاريخ الرسل والملوك" للإمام الطبري، وكتاب "سير أعلام النبلاء" للإمام الذهبي، وغيرها من المصادر.



ملخص ما حدث أن معاوية الذي كان خليفة للمسلمين بعدما تنازل الإمام الحسن بن علي عن الخلافة له حقنًا لدماء المسلمين أراد أن يورّث الحكم من بعده لابنه يزيد، فأخذ البيعة له في حياته، وهو ما قابله الكثير من الصحابة والمسلمين بالاستياء كون يزيد لا يصلح للخلافة، ولأن الأمر درج على اختيار الخليفة بالشورى بين المسلمين.


ذكر الإمام الطبري في كتابه: "تاريخ الرسل والملوك" أنه لما مات معاوية بن أبي سفيان وبلغ أهل الكوفة موته، وأن "يزيد" قد ورث الخلافة كتبوا إلى سيدنا الإمام الحسين عليه السلام يدعونه إليهم ليبايعوه خليفة للمسلمين، فكتب لهم جوابًا مع رسولهم، وأرسل ابن عمه مسلم بن عقيل عليه السلام بالرسالة إليهم وليتفقد الأمر هناك ومدى جديتهم، فلما وصل مسلم إليهم اجتمع ما يزيد على 50 من زعماء الكوفة وأخذ عليهم العهد والميثاق بالبيعة لسيدنا الإمام الحسين وأن ينصروه ويحموه، ثم تواترت الكتب إلى سيدنا الحسين من جهة أهل العراق، وجاء كتاب مسلم بن عقيل بالقدوم عليه بأهله.

وعندما علم يزيد بن معاوية بتحرك أهل العراق بالبيعة للإمام الحسين خاف على ملكه المغتصب فعزل والي العراق وولى مكانه عبيد الله بن زياد، فقتل مسلم بن عقيل ورماه من أعلى القصر، وكان الإمام الحسين قد تحرك من الحجاز إلى العراق قبل مقتل "مسلم" ولم يعلم ما حدث له.

وقد تخاذل أهل العراق وتخلّى بعض أهل العراق عن وعدهم للإمام الحسين خوفًا من يزيد بن معاوية، وكان الكثير من الصحابة الكرام حذروا الإمام الحسين من الذهاب إلى العراق، منهم ابن عباس رضي الله عنه، فقد كلّمه أكثر من مرة فمن جملة ما قال له: إن أهل العراق قومُ غَدرٍ فلا تغترَّنَّ بهم أقم في هذا البلد وإلا فسِر إلى اليمن فإن به حصونًا وشعابًا ولأبيك به أنصارًا. فقال سيدنا الحسين: يا ابن عم، والله إني لأعلم أنك ناصح شفيق، ولكني قد أجمعت المسير، فقال له: فإن كنت ولا بد سائرًا فلا تسر بأولادك ونسائك فوالله إني لخائف أن تقتل كما قتل عثمان ونساؤه وولده ينظرون إليه.

فقد شهد يوم العاشر من المحرم سنة 61 هجريًا فاجعة كبيرة ألمت بالمسلمين، حيث قتل جيش يزيد بن معاوية الإمام الحسين رضي الله عنه، وقطعوا رأسه الشريفة مع شباب أهل البيت من أبناء الإمام الحسن والإمام الحسين وأبناء السيدة زينب رضي الله عنهم أجمعين، ليس ذلك فحسب، بل سيقت نساء آل بيت النبوة مأسورات بأمر من يزيد بن معاوية.

فكانت المأساة واستشهد الإمام الحسين ورفض سيدنا الحسين أن يتخاذل أو يتراجع عن نصرة الحق وينال بشرى جده بأن يكون سيد شباب أهل الجنة .