قناة صدى البلد البلد سبورت صدى البلد جامعات صدى البلد عقارات Sada Elbalad english
عاجل
english EN
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل

حب في زمن الحرب.. قصة الزواج المستحيل لسائق مدرعات خاض 4 حروب آخرها نصر أكتوبر.. فيديو


قصة حب استمرت رغم الحروب، والموت، والمستقبل المجهول، بطلها رجل بسيط كان يخدم في صفوف القوات المسلحة لعدة سنوات خاض خلالها عدة حروب آخرها حرب أكتوبر عام 1973، والبطلة زوجته التي انتظرته بعد الخطبة 7 سنوات، وبعد الزواج أعوام أخرى، لم تتخل عنه، وكذلك هو الذي لم يفكر إلا فيها فقد كانت أسرته الوحيدة وحلم حياته الذي تمنى تحقيقه، عاصرا هذه الفترة وأحلامهما عن اليوم الذي سيعيشان فيه معا في وضع مستقر، لا حرب، ولا خوف، ولاحزن، وكتبها الله لهما بزواج استمر حتى الآن لمدة تزيد عن 57عاما.

مرت الأعوام وانتهت الحرب وكتب الله لهما العمر المديد، ويعيشان حاليا معا في منزل بسيط بمنطقة شبرا.. بمجرد الدخول من الباب الصغير ترى صورة معلقة على الجدار اليمين هذه الصورة الوحيدة لهما خلال فترة خطبتهما، يظهران فيها شباب طموحين، هذه الصورة هي وسيلتهما للتغلب على مصاعب الحياة، نظرة واحدة لها وتذكر أيام الحروب الصعبة تجعلهما راضيان عن أي مشكلة قد يمران بها.

عاصر عم محمد محمد علي خليل صاحب الـ 74 عاما، سبعة رؤساء لمصر أولهم الملك فاروق ومحمد نجيب، ومعشوق الملايين جمال عبدالناصر، وبطل الحرب والسلام محمد أنور السادات، وعاصر أيضا معظم الأحداث السياسية في مصر، وعندما تم تجنيده في القوات المسلحة خاض خلال هذه الفترة عدة حروب كحرب اليمن، وحرب الاستنزاف وحرب النكسة، وأخيرا حرب الانتصار في عام 1973.

لم ينس خليل ما شعر به بعد نكسة عام 1967، تبدلت الأمور وساد الحزن واليأس بشكل عام أما على المستوى الشخصي فبعدما كان يستعد للاستقرار كشاب عشريني أصبح «شايل روحه على إيده».

يروي عم محمد لـ«صدى البلد» شعوره وزملائه الجنود قبل حرب أكتوبر، 6 سنوات كاملة يستعد فيها كل مصري لاسترداد كرامته وعودة أرضه مجددا، كانت الحرب هي الحلم المرجو لكل منهم، لحظة الاشتباك والقتال والهتاف «الله أكبر»، كان الضباط والجنود كيانا واحدا لا يبخل أيا منهم على الآخر بمساعدة قد تصل في بعض الأوقات إلى التضحية بنفسه على حد وصفه، "كنا متحمسين وعاوزين يا نموت وإحنا بنحارب يا ننتصر، لما تقول لعسكري هتموت يقول وماله نموت بس مصر تنتصر"، كانت الظروف في صحراء سيناء قاسية لا طعام ولا شراب متاح طوال الوقت ولكنها لم تزدهم إلا عزيمة وإصرار.

توقفت خلال الشهور السابقة لحرب الانتصار الإجازات وكان الطعام والمياه قليلا جدا، أما ساعات النوم فكان يتم استبدال معظمها بالتدريبات المستمرة.

تخصص عم محمد سائق للسيارات والمدرعات، وتخصص في ميكانيكا السيارات، ورغم فترة دراسته القصيرة إلا أنه تميز بقدرته على إصلاح الأعطال بأي سيارة أو مدرعة في وقت قصير، كانوا بيدربونا كلنا على ظروف الحرب إزاي نبقى مستعدين في أي لحظة حتى لو في نص الليل" كما قال عم محمد.

ليال قاسية مر بها عم محمد وحيدا، فترات الحرب المتكررة ونشأته يتيم الأم لأب قاس جعلته ينشد الاستقرار بالزواج وتكوين أسرة، فتقدم لخطبة الشيماء محمد (71 عاما) حاليا، وتمت خطبتهما في عام 1962، وبعدها بعام تم عقد القران في عام 1963 ظنا منه أن الزواج سيكون في عام 1967، ولكن بسبب النكسة وعدم استقرار حياته تم تأجيل الزواج لمدة عام آخر، حتى تحقق حلمه المرجو في عام 1968 وأصبح له حياته الخاصة الذي طال بحثه عنها.

كان مرتبه الشهري جنيهان خلال الأعوام الثلاث الأولى، وبعد قرار الاستبقاء ارتفع أجره الشهري إلى 19 جنيها شهريا، فاستقرت حياته المادية إلى حد كبير، وأصبح التفكير في العودة لمنزله البسيط واستقبال زوجته الجميلة له أحلامه البسيطة الذي تمنى تحقيقها، أعوام طوال لم يخش فيها الموت ولكن بعد مجئ ابنته الأولى نجلاء، وابنه حسام تبدل الأمر أصبح حريصا على حياته، "كنت مفوض أمري لربنا وزيي زي غيري".

أكثر من نصف قرن مر على هذه الذكريات، كان يظن في كل يوم أنه سيموت، وتظن فيه زوجته التي تم تجنيد زوجها وأخيها وخطيب أختها أنها ستصبح وحيدة، لم تتوافر وسائل للاتصال بينهما لكنه كان يحرص على طمأنتها عليه والاطمئنان عليه من زملائها، الجوابات كانت وسيلته الوحيدة ليبعث في نفسها الأمل من جديد بأنه حي، وفي عام 1970 قررت الانتقال من القاهرة لقريتها بالشرقية حتى يطمئن عليها بأنها مع أسرتها، كان يغيب عليها لشهور طوال، وفي إحدى المرات غاب لمدة خمسة أشهر هو وأخيها، هذه المدة جعلت الجميع قد ظنوا أنهما ماتا، كما قالت زوجته لـ«صدى البلد».

انتهت الحروب وعوضهما الله بإنجاب 10 أطفال عاش منهم 4، تزوجوا وأصبح لكل منهم حياته المستقلة، وبات منزل الجد والجدة مفتوحا لهم، "مين كان يصدق إننا لسة مع بعض لغاية دلوقتي مفيش حرب والحياة جميلة.. أنا دفعت أجمل سنين عمري فدا بلدي" كما قال عم محمد لـ«صدى البلد»، وكلما حانت الفرصة يرويان للأحفاد هذه القصة "لازم أنمي فيهم حبهم لبلدهم من صغرهم".