الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

د. وليد جاب الله يكتب: في بكين .. إنهم فقط يعملون

د. وليد جاب الله
د. وليد جاب الله

في الطريق إلى بكين ربما تنتظر أن تجد مبنى مطار في غاية الأناقة والإبهار، ولكن بمجرد وصولك تجد أن المطار مُبهر بالفعل ولكن في البساطة والعملية، فالمطار كبير جدًا من حيث الحجم، والانتقال بين أجزاءه بواسطة قطار كهربائي ينقل الركاب من مبنى الوصول إلى مبنى استلام الحقائب، والمُلفت في المطار أنه يتسم بتصميم عملي يعتمد في الأساس على الإضاءة الطبيعية من خلال أسقف بسيطة تسمح بدخول نور الشمس مع أقل قدر من الإضاءة الكهربائية، وستجد أحدث الأجهزة والأطقم المُدربة التي تُساعد على إنهاء الإجراءات للركاب بسرعة فائقة لتنتهي إجراءات دخول بكين بسرعة وسهولة ويسر.

وبالخروج من المطار ستُشاهد عاصمة عريقة ومُتنوعة ليس فقط من الطُرز المعمارية، ولكن أيضا في وسائل الانتقال حيث تجد الأتوبيسات، والسيارات الفارهة، والسيارات المُتوسطة، والصغيرة، بل ستجد نموذج مُتطور من السيارة ثلاثية العجلات (التوكتوك) كما ستجد الدرجات البُخارية، والدرجات الهوائية، لتقتسم كل هذه المركبات (بما تُعبر عنه من تفاوت في الدخول) الشارع المُزدحم بكل نظام دون أن يُخالف أي منها قواعد المرور.

وعندما تصل إلى وجهة إقامتك ستجد بشاشة في الاستقبال، وستجد الطعام الذي يُناسبك، وبنظرة بسيطة في الشارع مساء أول يوم ببكين ستجد من الناس من يركب وسائل الانتقال، ومن يُمارس الرياضة، والأولاد والبنات الذين يتنزهون، وستجد عُمال نظافة بُسطاء يقومون بتنظيف الشوارع من أوراق الشجر التي لم تسطع الآلات تنظيفها صباحًا، وفي الشوارع الرئيسية أنفاق وكباري لعبور المشاة يلتزم المارة باستخدامها للعبور، ولن تجد لافتات عملاقة أو أي مظهر من مظاهر التصنع رغم وجود الكثير من المباني التي تُمثل تُحف معمارية.

وفي بكين يُمكنك زيارة جامعة فودان، ومتحف وكالة شينخوا الإخبارية، والكثير من مقرات المؤسسات التي تلاحظ أنها خليط بين مباني عريقة يتم الحفاظ عليها وتطويرها، وإلى جوارها مباني حديثة تُحافظ على الشكل الحضاري بصورة تُناسب العصر بأحجام وارتفاعات أكبر، وكل ذلك وسط حدائق في مُنتهى الروعة.

وتتم إدارة تلك المؤسسات من أطقم بمنهى المهارة تُداوم في عملها ساعات طويلة الأمر الذي تطلب أن تحتوي كل مؤسسة على مكان لوقت الراحة يُمكن فيه تناول الوجبات سيما وأن وجبة الغذاء في الصين موعدها يكون مُبكرًا ربما قبل الثانية عشر ظُهرًا. ستجد الجميع يعمل برضا وابتسامة مهما كان قدر عمله، وستلمح حب الوطن في أعين الجميع، ليس أثناء العمل فقط ولكنك تجد الشعب الصيني يذهب لعمله مُبكرًا ويسير بخُطى سريعة تُساعد عليها رشاقة أجسامهم، ستجدهم يتحركون بسرعة في الشارع المُزدحم بسياراتهم ودراجاتهم، وأثناء الخروج من المترو، أو عبور الطريق من كباري وأنفاق المُشاة، وغيرها.

لكن ومع تلك السرعة لا تري أي ضجر أو حزن في الوجوه. ليسوا ملائكة وهناك من يُخالف المرور وتُحرر ضده المُخالفة، وهناك من يُخطئ ويُعاقب لكن تلك الحالات الفردية لا تؤثر في سيمفونية العمل والانضباط والوطنية لدى الجميع. باختصار، ستجد نفسك أمام عاصمة عريقة، وشعب عملي يُمارس الحياة بابتسامة ونظام ورضا، لا يُقدم نفسه في صورة أسطورة، ولكنك تجد أنهم فقط يعملون ويُمارسون الحياة بديناميكية تُشكل أسطورة حقيقية، فماذا وراء تلك الصورة؟ أستكمل العرض في المقال القادم.