الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

عادات سيناوية.. حكاية الراية البيضاء والـ 50 ألف جنيه

عادة رفع الرايات
عادة رفع الرايات البيضاء

تمثل عادة رفع الرايات البيضاء وأخرى سوداء على مجلس قبلى أو مكان مشهور، في شبه جزيرة سيناء لتعبر عن الأفراح أو المناسبات الدينية او تنفيذا لاحكام صادرة عن القضاء العرفى فى شبه جزيرة سيناء، ولا تزال محل التزام واجب التنفيذ بين بدو سيناء حتى يومنا هذا.

ومغزى رفع الرايات فى هذه الأحكام ، انها تمثل بيان صريح لا يقبل مناقشة ،بإقرار البراءة لأحدهما أمام أبناء القبائل وإعلان خطأ الطرف الآخر.

حيق تظهر الرايات البيضاء كذلك فى المناسبات السعيدة كالأفراح بالخطوبة والزواج والطهور للذكور، والنجاح، والعودة من الحج.

وتمثل الراية البيضاء فى الأفراح إعلان بوجود الفرح، ويوم العرس ترفع الرايات على منزل العريس وعلى المجلس الذي يتم فيه الدعوة للوليمة وتلقي التهاني.

ويفسر حسن سلامه الباحث فى التراث السيناوى هذه العادة قائلا: من المتعارف عليه أن المجتمع البدوى تحكمه قوانين وأعراف تحد من تطور أى مشكلة تحدث، ورفع الرايات الرمزية يمثل عقابا معنويا للمتهم على فعلته وسط القبائل وتكون يشفى غليل المعتدى عليه ويشعر بأنه قد حصل علي حقه معنويا.

وتمثل احكام رفع الرايات البيضاء ، عقاب معنوي بالغ الصعوبة، ورفعها أمر وجوبي تنفيذا لأحكام القضاء العرفي الذي صدر بعد إتمام جلسات التقاضي وفي حضور الشهود والأطراف المتنازعة.

وفي حالة عدم رفع الراية في الأماكن التي تم تحديدها ، يقوم القاضي المختص بفرض غرامة مبالغ مالية طائلة مقابل كل راية.

لذا فقد تزيد الغرامة المالية عن 50 ألف جنيه لكل راية ،فما فوق، وقد تصل لمبالغ خيالية وفقا لنوع وظروف كل قضية وملابساتها.

وأوضح أن الرايات فى القضاء العرفى تنقسم إلى قسمين أولا الرايات البيضاء وهى قطعة قماش أبيض وترمز إلى أن المتهم بحقه فى حالة براءته لابد من رد الشرف إليه، وهى رفع رايات بيضاء يحكم بها القاضى لصالحه وترفع فى دواوين معروفة وذات سمعة مثل ديوان شيخ كبير أو رمز قبلى مؤثر ، ويستمر رفع الراية لمدة يوم الي 3 أيام.

وفى حالات القضايا التي تكون المرأة طرف فيها ، يتولي قاض يسمى "المسعودى" منوط به الحكم فى قضايا الاعتداء الجسدى واللفظى على المرأة.

وعند براءة الرجل المتهم من قبل أهل المرأة يتم إخراج 3 رايات ترفع فى مكان مشهور وفى مفترق طرق ليعرف الكل ببراءة المتهم من التهمة المنسوبة إليه حفظا لكرامته.

وتابع الباحث "حسن سلامة": فى حالات رفع الرايات السوداء وما يطلق عليه مجازا "السواد"، وهى رفع راية سوداء اللون، وتعنى التسويد للشخص فى حالة عدم امتثاله لأى من أنواع القضاء العرفى، بعد استنفاذ كل الإجراءات فى طلبه للتقاضي.

والراية السوداء إجراء شديد من نوعه ، تتمثل فى أنها ترفع تعبيرا عن سواد هذا الشخص ومن يتبعه ، و في كثير من الأحيان يسارع أقارب هذا الشخص بالامتثال الأحكام العرفية حتى لا يوصمون فى وجوههم بالسواد بين العشائر والقبائل.

وقد فصل القضاء العرفي ، فى خلاف نشب على إثر مشادات بين أنصار مرشحين لمجلس النواب بدائرة بئر العبد فى شمال سيناء، تبادل خلالها الطرفان الاتهامات التي اوقعها في ارتكاب اخطاء ، مما اضطرهم ذلك للجوء الي الأعراف القبلية و الخضوع لجلسة عرفية للفصل بينهم من اجل إنهاء الخصام ، وتحقيق السلم الاجتماعي بين القبائل .

وقد حكم القاضي العرفي بفرض غرامة على أحد الأطراف ويقوم بدفعها للطرف الثانى وتقدر بنحو مليون و100 ألف جنيه،علاوة على رفع 3 رايات بيضاء على 3 مجالس لعشائر وعائلات مشهوة بمنطقة بئر العبد ، وفى حالة عدم الالتزام بتنفيذ الحكم ، خاصة رفع الرايات ، يتم تغريم الخصم 50 ألف جنيه عن كل راية.