الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

كواعب أحمد تكتب: إنه ألحد

صدى البلد

إذا نظرنا إلي كل الديانات اليهودية , والمسيحية  , والإسلامية , والرسل الذين أرسلوا قبل ذلك للبشرية  منذ عهد سيدنا نوح , لوجدنا أن الأديان تتفق في شئ واحد , ولا يوجد هذا الشيء في القوانين الوضعية التي وضعها البشر علي مر التاريخ .

هذا الشئ هو الضمير أو السريرة أو النية , فالأديان تقول جميعها إن الله يعاقب علي نوايا البشر إن خيرا يجازيهم خيرا بتلك النوايا , وإن شرا يعاقبهم الله علي تلك النوايا.

وغالبا ما يكون العقاب في الحياة الدنيا قبل الرحيل إلي الآخرة , ولكن بعض العقاب يؤجل للآخرة.

فنجد علي سبيل المثال أن الدين الإسلامي ورد بآياته ما يعاقب علي سوء الظن بالآخرين , وسوء الظن هذا لا يمكن إثباته بأي وسيلة للإثبات , ومع ذلك جل شأنه قال في القرآن : ( إن بعض الظن إثم ) . وجعل الظن في حد ذاته إثما يستحق العقاب لمن شعر به تجاه شخص أو أشخاص آخرين.

لأن الظن توجيه إتهام , ولكنه يكون بداخل نفس الإنسان , ولا يتعدي الخروج من عقله.

وقد حرم الله هذا  الظن حتي لو كان الظن لم يترجم إلي فعل , ولا يعلم به المظنون فيه ( وهو الشخص الآخر الذي أسيء الظن به ) .
ونجد هنا أن الدين لا يمكن أن يكون من فعل أو من وضع البشر , لأن السؤال المهم كيف سيعلم الرسول أن فلانا ظن خيرا أو ظن سوءا .
فكيف يعاقب شخص علي شيء هلامي غير مرئي وغير ملموس , وكذلك إن جعل أن  حسن النية والتفكير في الخير حتي بدون فعل هذا الخير عليه ثواب يجازي عليه الشخص في الدنيا وكذلك في الآخرة .

فكيف سيعلم البشر ( الرسول صلي الله عليه وسلم ) بحسن نية الشخص , كيف سيعلم أن فلانا كان لديه نية الصدقة أو نية الحج أو نية الصلاة فيجازيه بها .
فلو كان هذا القرآن من كلمات بشر أو من تفكير إنسان لكان أكتفي بالأفعال الظاهرة , والتي  من الممكن أن يحاسب عليها الشخص , ولا يدخل في دهاليز النية والقلب والضمير .
بل أن في الحديث القدسي ربط الله عطاءه بظن الشخص به , فقال في الحديث القدسي
عنْ أَبي هُريرةَ، قال إنَّ رسُولَ اللَّه ﷺ قالَ: يقُولُ اللَّه تَعالى: أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي، وَأَنَا مَعهُ إِذَا ذَكَرَني، فَإن ذَكرَني في نَفْسهِ، ذَكَرْتُهُ في نَفسي، وإنْ ذَكَرَني في ملإٍ، ذكَرتُهُ في ملإٍ خَيْرٍ منْهُمْ متَّفقٌ عليهِ.

وعَنْهُ قَالَ: قالَ رَسُولُ اللَّه ﷺ: سبقَ المُفَرِّدُونَ قالوا: ومَا المُفَرِّدُونَ يَا رسُول اللَّهِ؟ قَالَ: الذَّاكِرُونَ اللَّه كَثيرًا والذَّاكِراتُ رواه مسلم.

 ومعني ذلك أن حتي من يعتقد في داخله بصفات الله وأن الله سيرحمه  فهو سيرحمه ومن يعتقد أن رزق الله آت فهو سيرزقه , ومن يري أن الخلاق العظيم غفور رحيم فسوف يغفر له ويتوب  عليه .

كما أن القرآن حرم وجرم من يتحدث عن إنسان بسوء مهما صغر ذلك السوء , فلو شخص ذكر عيبا في شخص حتي لو كان هذا العيب مثلا طول قامته أو قصر قامته أو لون بشرته أو شعره أو ملامحه .

وتلك التحريمات التي تدل علي أن هناك خالق أوضع للبشر حدودا حتي فيما تلفظ ألسنتهم فقد ورد في القرآن قول الله تعالي ( وما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد - صدق لله العظيم . أي أنه يوجد ملك يسجل علي كل شخص ما يقول , فإن قال خيرا سجله حسنة , وإن قال سوءا سجله سيئة .
كما أن الدين الإسلامي وكذلك كل الأديان حرمت قول السوء والغيبة والنميمة وجعلت علي ذلك عقوبة من الخالق فقد ورد في القرآن الكريم قول الله تعالي ( ولا تجسسوا , ولا يغتب بعضكم بعضا , أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتا فكرهتموه ) - صدق الله العظيم .

هنا نجد أن الله سبحانه وتعالي قد شبه من يتحدث عن إنسان في غيبته وكأنه يأكل لخم هذا الإنسان وهو ميت , وذلك لكي ينفر الناس من الحديث عن الناس خلف ظهورهم , وليستشعروا الإحساس بالذنب العظيم في فعل ذلك .

ولا يوجد في القوانين الوضعية مثل تلك العقوبات إطلاقا , لا يوجد تلك الشفافية وذلك الرقي في التعامل , وفي تحسين خلق البشر .
ولو إفترضنا جدلا أنه وضعت قوانين للعقاب علي الظن السوء , فكيف للقوي البشرية مهما كانت قوتها وقدرتها وعلمها أن تصل لمعرفة فيما يدور بخلد الإنسان ولا في ماذا يفكر .