قناة صدى البلد البلد سبورت صدى البلد جامعات صدى البلد عقارات Sada Elbalad english
english EN
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل

كورونا ومركز مكافحة الأوبئة


كنا وكنا وكنا , هذا ما تسمعه من أى عربى مثقف عند الحديث عن الماضى العلمى للعرب بصفة عامة والطبى بصفة خاصة , فستجد من يكلمك عن العالم العربى الحسن ابن الهيثم الذى قام بتشريح العين ووصفها بدقة قبل الجميع منذ القدم , وعن إنجازات ابن سينا صاحب كتاب القانون فى الطب , وابن النفيس الذى اكتشف الدورة الدموية الصغرى منذ مئات السنين قبل ان يخترع غيرهم أجهزة الاشعة الحالية التى تصورها.

وقائمة طويلة من العلماء العرب الذينأثروا الحياة العلمية فى شتى فروع العلم , كان ذلك عندما تفرغ العلماء للعلم , وتفرغ الساسة للسياسة , وتفرغ القادة للجيوش , وتفرغ الأطباءللطب , وتفرغ الفقهاء للفقه , كل ذلك كان فى الماضى المضئ , ماضى أضاءت فيه منابر العرب العلمية بقاع العالم أجمع , فى الطب والهندسة والفلك وغيرها من شتى فروع العلم , ثم أهملنا البحث العلمى بعد ذلك , وتحدث كل واحد فيما يعلم وفيما لا يعلم معًا , فتخلفنا وسبقتنا باقى الأممفى كل شئ مفيد للبشرية.

تذكرت كل ما سبق وانا أتابع تسابق المختبرات العلمية فى الولايات المتحدة وفى اليابان والصين ودول الاتحاد الأوروبى هذه الأيامللوصول إلىلقاح لفيروس الكورونا الجديد , مراكز أبحاث عامة وخاصة , تجارية وغير تجارية , تعمل ليل نهار لاكتشاف وأنتاج وتسويق اللقاحات والأدويةلهذا الفيروس الذى ضرب معظم دول العالم ناشرًا الخوف والهلع فى شتى بقاع الأرض, عشرات المراكز البحثية تعمل على هذا الفيروس ولا يوجد بينها مركز عربى واحد فى أى دولة عربية , قد يكون عدد كبير من العلماء العرب يعملون فيها , بعدما وجدوا من يقدر تميزهم وعبقريتهم فى هذه الدول.

ولا أعرف ماذا ننتظر لنفعل مثلهم اليوم , فلدينا الأموالولدينا الكوادر العلمية فى بلادنا العربية , ربما ليس لدينا الإرادةالعربية المتكاملة لإنشاءكيان عربى موحد يتبنى الجمع بين القدرات البشرية والمادية العربية فى زمان ومكان واحد , ولكن اليوم بات واجبًا علينا جميعًا تعويض بعض ما سبقنا , وإنشاءكيان عربى موحد للبحث العلمى الطبى على الأقل, كيان عابر للنزعات القبلية والعرقية الضيقة , كيان يحمل فيه العالم العربى جواز سفر علمى عابر لكل الحدود ومتجاوز لأى خلافات عربية عربية مهما كانت طبيعتها.

لقد بات ذلك واجبًا علينا اليوم قبل الغد , من أجل الحفاظ على أرواحنا وأموالنا , فما ينفقه العرب من أموال لشراء اللقاحات والادوية الجديدة للحفاظ على الأرواح العربية , كاف لإنشاءعشرات مراكز مكافحة الأوبئةوالأمراضفى كل دول العالم العربى , مراكز طبية مختصة بمواجهة أىوباء جديد من تلك الأوبئةالتى تخرج علينا فى كل عام تقريبا , أوبئة جديدة تأخذ الأرواحوتدمر الاقتصاديات العربية فى طريقها , ونبقى نحن منكسى الرؤس ننتظر ان يكتشف غيرنا لقاحات واقية أو أدوية شافية ليرسل لنا ما يفيض عن حاجتهم.

لذا أتمنى أن تتبنى أجهزة الأمنالقومى فى الدول العربية إنشاءمركز علمى طبى موحد للأبحاثالطبية ومكافحة الأوبئة والأمراض, مركز يتمتع فيه العلماء بحماية استخباراتيةوصلاحيات تنقل بين الدول العربية بحرية دون اى قيود مهما كانت العلاقات السياسية بين دولة وأخرى , وصلاحيات أًصدار قرارات طبية ذات سيادة فى حالة تفشي أى وباء , ويتم ضم كل الكوادر العربية المتميزة والمبدعة فى مجالات مكافحة الأوبئةوالأمراضلهذا المركز وفروعه.

واقتراحيبتولى أجهزة الأمنالقومى ذلك المركز كى تكون الاختيارات بعيدة عن أى ضغوط لتعيين أصحاب الرضى والمحسوبية والواسطة فيه , فلدينا العديد من الأسماءوالمسميات البراقة للبحث العلمى فى القطاع الطبى لم تقدم شئ يُذكر لأن الاختيارات للكوادر لم تكن مناسبة من ناحية والموارد المالية أيضًا , وما تبرع به بعض العرب من عشرات الملايين من الدولارات لدعم المنظمات الدولية المعنية بفبروس كورونا خلال هذا الشهر فقط يكفى للانفاق على البحث العلمى العربى الجاد لسنوات قادمة , فنبدأ اليوم فى ذلك.

لدينا الكوادر العلمية العربية ولدينا الأموالالعربية , يتبقى لدينا الإرادةالعربية للجمع بينهما , لنبدأ اليوم قبل ان ننفق كل ما نملك للحصول على اللقاحات والادوية غدًا, ثم يتركنا العالم فريسة للأمراضوالأوبئة, أو يجعلنا حقل تجارب لكل ما هو جديد لديهم , ما ينجح فينا يستخدموه من أجل شفاء مرضاهم , وما يفشل فينا يتجاهلوه بعد ان نواري فى الثرى موتانا .