مفتي الجمهورية يتحدث لـ صدى البلد:
عدم إقامة الشعائر الدينية واجب شرعا
في هذه الظروف
لجأنا للمتخصصين لاستيضاح الأثر
الطبي للصيام في ظل أزمة كورونا
النبي صلى الله عليه وسلم أول من أرسى
قواعد "العزل الصحي"
يجوز صرف الزكاة للمستشفيات لعلاج المرضى خاصة في ظل هذه الأزمة
أكد الدكتور شوقي علام، مفتي الجمهورية، أنه ينبغي أن ندرك ونعي كمسلمين أن عدم إقامة الشعائر الجماعية في ظل هذه الظروف من الناحية الشرعية واجب شرعًا وهو أمر الله تعالى الذي لا تصح مخالفته أو التحايل عليه لأي سبب حتى ولو كان لإقامة الجماعة أو التروايح، ونحن مثابون على الإلتزام بتلك التعليمات.
وأضاف في حواره لـ"صدى البلد"، أنه لا يجوز استغلال العاطفة الدينية لدى عامة الناس وتعريض حياتهم للخطر وربما للموت، بحجة إقامة سنة التروايح أو غيرها.
كيفية الحصول على ثواب صلاة التراويح في البيت؟
الالتزام بالقرارات التي اتخذتها
السلطات من أجل الحفاظ على صحة الناس وأرواحهم هو أمر طالبتنا به الشريعة
الإسلامية ونثاب عليه، وصلاة التراويح هي سنة مؤكدة ويجوز أداءها في البيت فرادى
أو جماعات وهو ما كان يفعله النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فقد صلاها في بداية
الأمر لمدة ثلاثة أيام في المسجد ثم صلاها بعد ذلك في بيته خوفًا من أن تفرض على
أمته صلى الله عليه وآله وسلم.
والذي جمع الناس على صلاة التراويح في المسجد هو الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه، ثم سارت من بعده سنة حسنة، ونحن في ظل هذه الظروف "المسلم مضطر إلى صلاة التراويح في منزله، وإن شاء الله سيكون له أجر الصلاة في المسجد بنيته والتزامه بحفظأرواح الناس".
كيف تعاملت دار الإفتاء مع المستجدات
الحالية تمهيدا لإصدار فتوى بشأن الصوم في أزمة كورونا؟
في مثل هذا النوع من الفتاوى نحن نلجأ
إلى المتخصصين لاستيضاح الأثر الطبي للصيام واحتمالية الإصابة بفيروس كورونا نتيجة
للصيام، واجتمعنا بالفعل بلجنة متخصصة من أهل الطب من التخصصات ذات الصلة بهذا
المرض، وأكدوا لنا أن الصيام لا يؤثر إطلاقًا في احتمالية الإصابة بالفيروس، بل
على العكس بالنسبة للأصحاء فإن الصيام يؤدي إلى تقوية الجهاز المناعي للإنسان،
وبالتالي مكافحة أكبر للأمراض.
أما الحالات المرضية فقد أباح الله لهم الفطر بناء على رخصة شرعية وهي المرض، ثم يقضون ما فاتهم من أيام بعد انقضاء شهر رمضان بإذن الله، ولكن لا يجوز أن يكون مجرد الخوف من المرض مسوغًا للفطر في رمضان، لأنه لا يوجد ضرر متحقق من الصوم في الإصابة بالفيروس حسبما أكد الأطباء.
بالنسبة لصلاة العيد وهي سنة يستحب إقامتها في
الخلاء.. ما حكم صلاتها هذا العام وما موقف الشرع من صلاتها في البيت؟
إذا ما قررت السلطات المختصة إلغاء
صلاة العيد هذه العام فعلى المسلمين أن يلتزموا بهذا القرار لأن القاعدة تقول:
"درء المفاسد مقدم على جلب المصالح"، وحفظ النفس من المقاصد العليا
للشريعة الإسلامية.
كما أن صلاة العيد ليست واجبة ويجوز
أداءها في البيت فرادى أو جماعات لمن فاتته، فإذا ما تم إلغاء صلاة العيد هذا
العام فإنه يجوز للمسلم أن يصلي صلاة العيد في بيته مع أسرته جماعة بنفس هيئتها
بدون خطب.
وصلاة العيد ركعتين، ويؤدى المصلى فى الركعة الأولى 7 تكبيرات بعد تكبيرة الإحرام ويكمل الركعة بصورة عادية، وفي الركعة الثانية تكبيرة القيام ثم 5 تكبيرات ثم يكمل الركعة ويجلس للتشهد ويسلم.
ما سبب كثرة الأسئلة التي تتلقاها دار
الإفتاء في هذه الآونة؟ وهل تتعلق بالمشاكل الأسرية؟
للأسف صحيح.. فهناك الكثير من
الأسئلة والمشكلات الأسرية التي تعرض علينا في دار الإفتاء المصرية، ما يؤكد أننا في حاجة ماسة وشديدة إلى إدارة حضارية للخلاف الأسري، لأن هذا الخلاف الأسري
هو ظاهرة موجودة، وواقع لا يمكن أن تنفك عنه أسرة، سواء حصل الخلاف بنسبة كبيرة أو
بنسبة صغيرة، لكن الأسرة الذكية والرشيدة والعاقلة هي التي تستطيع أن تحتوي هذه
الخلافات وتميتها في مهدها.
والفتاوى الواردة إلى دار الإفتاء
تتراوح بين 4000 - 4800 حالة بخلاف ما يسجل بدفاتر الطلاق، مؤكدًا أنها مشكلة
تهدد الأمن القومي واستقرار المجتمعات لكونها مشكلة مقلقة، والنسبة تزيد في
السنوات الخمس الأولى، والتزايد في هذه المشكلة لا يتوقف على مصر بل هي مشكلة
موجودة في كافة الدول.
كل هذا دعانا إلى أخذ عدد من
الإجراءات لمواجهة هذه الظاهرة، حيث أطلقنا عدة برامج لتأهيل المقبلين على الزواج
يسعى لتدعيم وتزويد الشباب بالمعارف والخبرات والمهارات اللازمة لتكوين حياة زوجية
وأسرية ناجحة، ويهدف إلى تدريب وتأهيل وإرشاد المقبلين على الزواج على مهارات
الحياة الزوجية وكيفية التعامل مع المشكلات والضغوط الحياتية التي يواجهها الزوجان
للحفاظ على الترابط والتماسك الأسري.
كما أنشأنا وحدة للإرشاد الأسري لحماية الأسرة المصرية، والحفاظ على ترابطها، إيمانا منها بأن قضية الطلاق لا تعد مشكلة اجتماعية وحسب بل هي بمثابة قضية أمن قومي؛ ذلك أن تفكك الأسر المصرية بالطلاق، وتعتمد وحدة الإرشاد الأسري في سبيل تحقيق أهدافها المنوطة بها على مجموعة من الخبرات والكفاءات المختلفة التي تشمل الجانب الشرعي، والنفسي، والاجتماعي، والمهاري؛ لتستوعب بذلك التنوع كافة جوانب العلاقة الأسرية وما يحيط بها من مشكلات تحتاج إلى تحليل علمي دقيق لفهم الأسباب والدوافع والوصول إلى العلاج المناسب.
كثير يسأل: لماذا تغلقون المساجد
وتتركون أماكن تجمعات أخرى.. فكيف نرد عليهم؟
علينا أن ندرك ونعي كمسلمين أن عدم إقامة الشعائر الجماعية في ظل هذه الظروف من الناحية الشرعية واجب شرعًا وهو أمر الله تعالى الذي لا تصح مخالفته أو التحايل عليه لأي سبب ولو كان لإقامة الجماعة أو التروايح، ونحن مثابون على الإلتزام بتلك التعليمات.
ولا يجوز استغلال العاطفة الدينية لدى
عامة الناس وتعريض حياتهم للخطر وربما للموت، بحجة إقامة سنة التروايح أو غيرها،
فلا بأس أن يقيم الإنسان صلاة التراويح في بيته مع زوجته وأبنائه الذين يختلط بهم
ويعايشهم دون ضرر مع الأخذ بالتدابير الصحية البسيطة التي تلتزم بها عامة الأسر في
البيوت.
والإسلام حثنا على حِفَظِ النَّفس
وصيانتها بكلِّ الطُّرق والسُّبل التي تدرأ عنها الهلاك، وتمنع عنها الضرر؛ ومن
ذلك ما قعَّده الفقهاء من القواعد الوقائية في الشريعة الإسلامية بقاعدة الدَّفع
أقوى من الرَّفع، ودرء المفاسد مقدم على جلب المنافع، و إذا حدث ما يعرض الإنسان
للهلاك من أمراض، ففي هذه الحالة نقول لا تذهب إلى المسجد حتى ينتهي الوباء.
ونحن نعلم أن المسلمين جميعًا حزنوا
لغلق المساجد، فقلوبهم تتعلق ببيوت الله، ولكن لا داعي للجدل والمزايدة، خاصة في
ظل الأزمة التي نمر بها، كما أن حفظ النفس مقدم على جلب المصالح، والدولة اتخذت
إجراءات من شأنها تخفيف الكثافات في المصالح الحكومية وبالتالي تخفيف الزحام في
المواصلات العامة.
هل يجوز الاعتكاف في المنازل؟
اعتكاف الرجل لا يكون إلا في المسجد
وليس له اعتكاف في البيت، ونظرا للظروف التي نمر بها من غلق المساجد ونحوها، فإن
الرجل الذي اعتاد الاعتكاف في السنوات السابقة وكانت نيته الاعتكاف هذا العام فإن
الله سيجازيه أضعاف الثواب، ومثل ذلك من تعود على صلاة الجماعة وأداء العمرة في
رمضان سيجازيه الله عن ذلك حتى ولو لم يفعل.
ويمكن للمرأة الاعتكاف في بيتها وهو
المرجو الاعتكاف في مصلاها بالمنزل مثل حجرة بمفردها أي تعتكف على ذكر الله
والصلاة وتلاوة القرآن في هذه الغرفة.
هل يجوز تعليق الحج بسبب كورونا؟
التريث في قرار الحج هذا العام لمواجهة انتشار فيروس كورونا يتفق مع أحكام الشريعة الإسلامية للحفاظ على أرواح وسلامة المعتمرين وضيوف الرحمن، والامر ينبع من الحرص على الالتزام بالتعليمات الصحية وأمن واستقرار المشاعر الدينية وكل ما يتخذ من إجراءات لضمان تحقيق ذلك يتفق مع أحكام الشريعة لكونها منوطه بحفظ أرواح الحجاج وضيوف الرحمن، ولا شك ان كافة القرارات المتعلقه بغلق المساجد وتعليق مناسك الحج والعمره تأتي استنادًا للقاعدة الفقهية "درء المفاسد مقدم على جلب المصالح".
لماذا لم يعلق الرسول الصلاة رغم وجود الطاعون؟
النبي صلى الله عليه وسلم أول من أرسى
قواعد "العزل الصحي"، لما حدث في طاعون عمواس والذي ذكر فيه ابو
عبيدة بن الجراح حديثًا سمعه من النبي صلى الله عليه وسلم يقول فيه: "إذَا
سَمِعْتُمْ بِهِ بِأرْضٍ، فلاَ تَقْدمُوا عَلَيْهِ، وإذَا وَقَعَ بِأَرْضٍ
وَأَنْتُمْ بِهَا، فَلا تخْرُجُوا فِرَارًا مِنْهُ".
وتعليق الجمع والجماعات أمر مشروع عند
الأوبئة والأمراض والمطر الشديد والخوف، وعلم النبي صلى الله عليه وآله وسلم
الصحابة الكرام ذلك، وطبقوه في ظروف أقل خطورة مما نمر به الآن، والأصل فى ذلك ما
ورد في الصحيحين أن ابن عباس قال لمؤذنه في يوم مطير: "إذا قلت: أشهد أن لا
إله إلا الله، أشهد أن محمدًا رسول الله، فلا تقل: حى على الصلاة، قل: صلوا فى
بيوتكم»، قال: فكأن الناس استنكروا ذاك، فقال: «أتعجبون من ذا، قد فعل ذا من هو
خير مني، إن الجمعة عَزْمة -أي: واجبة-، وإني كرهت أن أحرجكم فتمشوا فى الطين
والدَّحض -أى: والزلل والزلق".
كيف ترى نزول وباء كورونا هل هو عقوبة من الله علينا؟
الابتلاءات والشدائد من أقدار الله
تعالى التي يجب أن نستقبلها بالإيمان والثبات والأخذ بالأسباب، والابتلاءات تحضنا
على التوبة واللجوء الى الله والتعاون على البر والتقوى والالتزام بتعليمات ديننا
الحنيف، كما أنها تحمل فى طياتها ألطافَه ورحماتِه، والجزم بأن الوباء عقاب من
الله لا يصح لأن هذا أمر غيبى والذى على الإنسان أن يفعله فى مثل هذه الأزمات
عموما أن يرجع إلى الله بالتوبة الصادقة والاستغفار ويكثر من الأعمال الصالحة،
فهذا من أسباب رفع البلاء، والله تعالى يقول: "وَإِن يَمْسَسْكَ اللَّهُ
بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ ۖ
وَإِن يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلَا رَادَّ لِفَضْلِهِ" وفى الوقت نفسه لا يهمل
منطق الأسباب ويؤخذ بها فى الوقاية والعلاج، والنبى صلى الله عليه وسلم يقول:
"لا يوردون ممرض على مصح" رواه البخارى، ويقول: "تداووا عباد الله،
فإن الله سبحانه لم يضع داء إلا وضع معه شفاء".
والأمر لا يختلف من مجتمع لآخر فكل مجتمع فيه الصالح والطالح، والمحسن والمسيئ، فعلينا أن نأخذ بأسباب رفع البلاء وهي منها أسباب دينية وأسباب دنيوية، أما الدينية فالتوبة إلى الله عز وجل والاستغفار والدعاء، أما الأسباب الدنيوية فاللجوء إلى أهل الاختصاص والالتزام بنصائحهم وإرشاداتهم التي فيها النفع والحل بإذن الله.
هل فتاوى كورونا مستحدثة أم هي آراء قديمة؟
هناك بعض الأحكام الشريعة التي تتواقف مع أمثلة لها تراثية مثل الأحكام والفتاوى التي تتعلق بظهور الطاعون في حقب زمانية مختلفة، ولكن هناك كذلك فتاوى حديثة ترتبط بالحالة التي نعيشها الآن مع ظهور فيروس كورونا، فالفتوى ليست جامدة، ولكنها مرنة وتتغير بتغير الزمان والمكان والأحوال والأشخاص، وتراعي طبيعة المجتمعات والمصلحة العامة للناس، وليست مصادمة للواقع ولكنها معالجة لما يطرأ من قضايا يحتاج الناسفيهاإلى رأي شرعي.
هل يجوز إخراج زكاة الفطر مواد طبية كمامات أو كحول مثلا للفقراء؟
أجاز جمع من الفقهاء صرف الزكاة إلى
جميع وجوه الخير من المصالح العامة، التي لا يختص بالانتفاع بها شخص محدد،
كالمستشفيات الحكومية التي يلجأ إليها المرضى الفقراء وذوي الدخل المحدود ؛ وذلك
تفسيرًا لقوله – تعالى: في مصارف الزكاة { وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ }.
وبالتالي يجوز صرف الزكاة للمستشفيات لعلاج المرضى والمحتاجين خاصة في ظل هذه الأزمة التي نعيشها؛ لما تُؤَدِيه من حماية للفقراء من الأمراض، ووقاية من اعتداءات الفيروسات؛ وبذلك فهي مُؤَهْلَة لاستحقاق الزكاة المفروضة؛ وذلك لأن الله -عز وجل- أطلق مِصْرَفْ "في سبيل الله" في الآية ولم يقيده؛ ليكون الاجتهاد في فهم الدلالة عليه مفتوحًا وفقًا للحال والزمان، مما يَدُّل على مُرُونة النصوص الإجمالية التي تقبل تعدد الرؤى في الفهم.