الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

العنبرة والبربوني.. تعرف على موسم جني المحصول عند صيادي البحر الأحمر

صيد السمك في البحر
صيد السمك في البحر الاحمر

فى الخمسينات وحتى أول الثمانينات كان موسم العنبرة أو البربونى ينتظره ويستعد له الكثير من الصيادين والبحارة فى كل عام، آملين من الله عز وجل أن يرزقهم فى هذا الموسم لسداد ما عليهم من ديون للتجار ولشراء احتياجات أسرهم من طعام وكساء وحتى الزواج كان يؤجل لحين الانتهاء من الموسم.

ليتمكن الشباب من تأسيس بيت الزوجية، كان هذا الموسم بمثابة موسم جنى القطن عند الفلاحين، وكان يستفيد منه قطاع كبير من الشباب الصغير الذى يلحق بالكبار فى الإجازة المدرسية الصيفية بعد أن ينتهوا من تأدية الامتحانات لأن موعد الموسم يأتى بعد انتهاء الدراسة مباشرة، كما يستفيد منه أيضا كبار السن وأصحاب الظروف الخاصة الذين لا يقدرون على العمل.

ولكن جرى العرف أن لا ينسى الصيادون أهلهم حتى ولو كانوا لا يقدرون على الصيد عرفانا منهم وأن تاريخهم وخبرتهم التى نقلت إليهم وللشباب تشفع لهم، علاوة على ذلك يتباركون بهم ويقولون: "لا ندرى عسى الله أن يرزقنا برزقهم وبسببهم"، وهذا يجسد معنى التكافل الاجتماعى بين أهل البلد الواحد، مما يقوى الروابط الأسرية والاجتماعية فى مجتمع الصيادين.

يقول صلاح سليمان الرشندى، مؤرخ بالبحر الأحمر: "من الأماكن المشهورة فى صيد سمك العنبر منطقة نمرة 10، وهى قرية عرابية وميرت حاليا، حيث يتوجهون البحارة والصيادين إلى الشاطئ فى اليوم الأول، وجرى العرف أن يقوموا بذبح شاة قبل أن يرموا الشباك فى البحر ويقوموا بطهيها وتوزيعها على الموجودين فى احتفالية جميلة تتلاقى فيها الأجيال ولها طعم خاص عند الصيادين". 

اقرأ أيضا :

وأضاف الرشندى: "بعد تناول الطعام وشرب الشاى الذى تم تجهيزه على الحطب يقومون بتجهيز شباكهم ورميها فى أماكنها، طالبين من الله أن يرزقهم بالرزق الوفير، وسرعان ما يستجيب لهم الرزاق الكريم وتظهر البسمة على وجوههم فرحين بصيدهم الوفير ويتوجهون به إلى البر ثم حمله على الأكتاف إلى التجار الذين يقومون بتمليحه وعمله فسيخا".

وتابع:" من الأماكن المشهورة بصيد العنبرة أيضا خليج "أبو مخادج"، وهو خليج "مكادى" حاليا فى الكيلو 30 جنوب الغردقة، تتوجه الفلايك رافعة أشرعتها قاصدة هذا المكان وتتجمع فية وتتراص بجوار بعضها البعض ووجهها إلى البر، ويتم اختيار الأكبر سنا من بين الريسة ولة خبرة فى إدارة المكان وتوزيع الصيادين على أماكن الصيد ويكون مسئولا عن تقسيم ما يرزقهم به الله فى نهاية اليوم بين بعضهم البعض لأنه فى النهاية الكل متشارك فى المحصول". 

واستطرد: "فى الصباح يتوجهون إلى أماكن الصيد ويعودون فى آخر النهار ومعهم صيدهم، وبعد أن ينتهى ريس المرسى من تقسيم السمك إلى أكوام متساوية على عدد الفلايك الموجودة بطريقة الأسهم يأتون بشخص معصوب العينين وينادون عليه لمن هذا الكوم، يقول لفلان، وهذا الكوم يقول لفلان، وهكذا حتى ينتهوا من التوزيع وتستلم كل مجموعة صيدها ويقومون بتمليح السمك فى البراميل الخشب المخصصة لذلك ثم يتناولون عشائهم ويخلدون للنوم استعدادا إلى يوم جديد".

وأوضح مؤرخ البحر الأحمر أن هناك مهمة للشباب الصغير فى كل فلوكة وهى صيد بعض الأسماك لوجبة العشاء وتحضيره لباقى الأفراد المشغولين بصيد العنبرة على الشعاب، فيقوم الشباب بالخروج "بالهورى" أو المركب الصغير إلى العمق قليلا لصيد بعض أسماك الكشر والمحسنى وغيره وسرعان ما يعودون ومعهم خير كثير، فيقومو بطهوه وكذلك عمل الفطير على الصاج فى البر، وهنا يتحول المنظر إلى لوحة طبيعية جميلة يخطلط فيها غروب الشمس مع الدخان المتصاعد من عدة أماكن مع مجموعة الفلايك المتراصة على الشاطئ الرملى فى منظر جميل يعجز الإنسان عن وصفه.

وقال الرشندى: "هناك تقليد قديم ومتوارث خاص بهذا المكان وهو أن يبدأ أحد الشباب برمى أحد من أقرانه فى البحر دون أن يعطيه فرصة لخلع ملابسه، وذلك أثناء فترة الراحة، ثم يذهبون سويا للبحث عن ضحية ثانية والضحية الثانية تنضم إليهم للبحث عن ثالثة وهكذا تنتشر العدوى فى أرجاء المكان مع توافر عنصر المفاجأة والسرعة حتى يصبح الكل فى الماء، ويقومون بهذا الفعل عندما يكون الصيد قليلا اعتقادا منهم أن ذلك يزيد رزقهم فى اليوم التالى".