الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

د. إنجي فايد تكتب: الملهمة.. حواء القري

صدى البلد

ستبقي أبدا ملهمة للمبدعين في مختلف المجالات، فأري الآن عددا من مصممي الأزياء يستوحون خطوط أزيائهم من ملابس المصري القديم ويستخدمون الرموز والأشكال المصرية القديمة في إكسسواراتهم فـ "BULGARI" جعل من زهرة اللوتس خطا كاملا من مجوهراته  متخذا إياها عنصرا أساسيا في التصميمات، وبيت الأزياء العالمي "CHANNEL" أقام في خريف 2019 عرضا كاملا لأزياء مستوحي من أزياء المصري القديم، بنفس الطابع من الثنيات والكسرات، واستخدم ديكور المعبد المصري القديم كخلفية للعرض، وهاهو زهير مراد مصمم الأزياء اللبناني يستخدم "النسر المجنح" عنصرا أساسيا في إكسسوارات الملابس، كذلك   الصدرية المصرية المشهورة اتخذها كحلية أساسية في عرضه هذا العام.
 
وحينما نذهب لأبعد من هذا،  نجد في القرن التاسع عشر وبعد اكتشاف مقبرة توت عنخ آمون والعثور علي الأثاث الجنائزي له ..استوحي فنانو تلك الفترة من هذا الاكتشاف، خطوط الآثاث والموتيفات المصرية القديمة ليشكلوا خطا جديدافي الفن  عرف بـ"ART DECO"..ومع التعمق أكثر فأكثر لنصل الي حضارات العالم القديم، نجد أن الفن المصري شكل سمة حضارات عدة، نذكر منها اليوم الأقدم وهي الحضارة الفارسية، فرغم أن العمارة الفارسية لها طبيعتها الأصيلة إلا أن التأثيرات المصرية عليها كان لها دور واضح في المظهر النهائي  لتلك العمارة والمعروف بـ"الفن الإخميني" الذي يظهر فية التأثير المصري واليوناني/الأيوني، فاليونانيون عاشوا في آسيا الصغري- في رمزية الفكر وتطبيق عناصر معمارية بحذافيرها .. فنجد الفرس يحلون قصورهم بالكورنيش المصري القديم، فالناظر الي مداخل مدينة برسبوليس ( عاصمة الفرس زمن الملك دارا)- تخت جمشيد حاليا- سيلحظ مباشرة التأثير المصري، حيث نجد الكورنيش المصري الذي ظهر في الحضارة المصرية القديمة بداية من مجموعة زوسر من الدولة القديمة وفي معبد الأقصر والكرنك بالدولة الحديثة، ولم تخل القصور والمعابد المصرية منه.
  كما نجد أن الفرس أعجبوا كثيرا بقرص الشمس المجنح وزينوا به بوابات قصورهم  فنجده أعلي منحوتات المداخل بالقاعة الرئيسية لمبني التريبيلون (البوابة الثلاثية) بالعاصمة الفارسية برسبوليس، فهو عنصر زخرفي مصري أصيل، و يمثل اندماج "الإله رع" مع أجنحة حورس ويرمز للملك الذي تمتد سلطته شمالا وجنوبا.
 
 لم تقف حالة الإلهام عند هذا الحد، فنجد أن الملك الفارسي "شاه شاه" مصورا  علي جدران قصره ومعبده وهو ممسك بزهرة اللوتس المصرية، ونجد كذلك صور النبلاء وهم يحملون زهور اللوتس في أيديهم في منحوتات السلالم الشمالية لمبني التريبيلون في برسبوليس.. كذلك ظهور الملك دارا الأول جالسا  وهو  ممسك بزهرة اللوتس في يده اليسري، وهكذا كانت صوره علي المدخل الشمال لقاعة العرش في عاصمته برسبوليس.
 
وفي قاعة الاستقبال في العاصمة سوسه الفارسية، نجد الأعمدة محلاه بتيجان مركبة الجزء السفلي منها علي طراز زهرة اللوتس، التي كانت ترمز للحياة عند المصري القديم،  فقد استخدمها في الأدوية والطقوس الدينية والعطور، ونجد العديد من المناظر علي الجدران تصور الآلهة تحمل تلك  الزهرة وتقربها من أنف الملك تعبيرا وتأكيدا لحياته،  فهي الزهرة المقدسة للإله حتحور.
 
 كيف نحت الفنان تماثيل الملوك بالوقفة المصرية الشامخة،  فنجد تمثال الملك دارا المكتشف في الركن الجنوبي الغربي من بوابة قصر دارا بالعاصمة سوسة تتقدم قدمه اليسري عن اليمني ومنحوت عليها عند القاعدة من الجانبين المقابلين 24 شخصا متراصين في صفين وخلف كل شخصية خرطوش مصري. هذا التكنيك يوضح أن نحت التمثال تم علي أيدي مصرية وقد تبين من تلك الخراطيش أن التمثال صنع في مصر 494ق.م ونقل الي سوسة،  ويؤكد ذلك نوع الحجر المصنوع منه، وهو الحجر البركاني المستقطع من وادي الحمامات بمصر.
 
لقد عشق الفرس الفن المصري وولعوا به وصبغوا معمارهم بطرزه وعناصره الزخرفية المعمارية،  فنجدهم يستخدمون النحت بأشكال حيوانية كعنصر زخرفي معماري يزينوا به مداخل قصورهم، وتعد مصر من أولي الحضارات التي استخدمت الهيئة الحيوانية كعنصر زخرفي معماري،  فنجد طريق الكباش للملك ونيس في سقارة يرجع للدولة القديمة ومحفوظ بمتحف إيمحتب،  وطريق كباش الملك "جدكارع أسيسي" من الأسرة الخامسة،  والأمثلة عديدة لاستخدام الهيئة الحيوانية كعنصر زخرفي معماري كما في معبد الكرنك.
فليس أدل علي هذا الحديث سوي ما قاله الشاعر حافظ إبراهيم وصدحت به سيدة الغناء أم كلثوم في أنشودة "وقف الخلق ينظرون جميعا كيف أبني قواعد المجد وحدي ..وبناة الأهرام في سالف الدهر كفوني الكلام عند التحدي"...وهكذا يعيد الزمان نفسه ليقف العالم ينظر لمصر كيف تستعيد مجدها في فترة زمنية قصيرة وتبهر العالم بما حققته علي جميع المستويات ..تحيا مصر