الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

جامعًا للمؤلفات الفلسفية.. مؤسسة الفكر العربي تصدر كتاب مسامرات بجوار الموقد

صدى البلد

صدر عن مؤسّسة الفكر العربي ضمن برنامج "حضارة واحدة"،  كِتاب "مسامرات بجوار الموقد"، الذي يعد جامِعًا للمُؤلّفات الفلسفية المَعنية بتعايش الناس ووجودهم وتعامُلهم مع العالَم.
 
يتألّف الكتاب من 221 حِكمة، مليئة بالأقوال المأثورة والفلسفية المُتأثّرة بالكونفوشيوسية، التي يُعنى موضوعُها العامّ بتحقيق الطمأنينة والسلام للإنسان، وإرساء مبادئ عملٍ مُشتركة، مبيّنًا أهمّية تهذيب الذات وتزكية النفْس، وقراءة الكُتب وتحقيق الطموحات، والقناعة والإيمان وغيرها من نواحي الحياة.

الكتاب من تأليف الفيلسوف الصيني وانغ يونغ بينغ (1854)، وتحديدًا في عصر أسرة تشينغ الملكية، ومن تعريب: الدكتور وانغ يويونغ (فيصل)، ومراجعة البروفسور أحمد عويّز،  ولقد كان وانغ يونغ بينغ فلّاحًا يعرف القراءة والكِتابة في المجتمع الإقطاعي، يعيش في المرحلة الأخيرة من عصر أسرة تشينغ المَلكية الصينية، التي مرّت بتغيّراتٍ وتقلّبات، وقد شهدَ تحوّلإمبراطورية تشينغ العظيمة من عصر القوّة والازدهار إلى عصر الضعف والانحطاط، وهي ترزح تحت أزماتها الداخلية والخارجية. 

يكشف الكِتاب ما كان ذائعًا في المجتمع من ترفٍ وبذخ، ويبيّن أنّ تردّي الأوضاع الاجتماعية ناتج عن تدهور الأخلاق ما بين الناس. لقد تميّز المؤلّف ببصيرةٍ ثاقبة تجاه الشؤون السياسية أيضًا، وكان يعيش قلقًا على المُعضِلات المُتفشّية بين المسؤولين الكِبار والصغار، فانتقد المسؤولين المُفسدين، ودعاالأسرة الحاكِمة إلى الإصلاح السياسي وتجديد الأنظمة.

لقد أولى وانغ يونغ بينغ في كِتابه اهتمامًا خاصًّا بقراءة الكُتب ودراسة العلوم وتحقيق الطموحات، وأكّد على تأسيس الدراسة على مكارِم الأخلاق، فضلًا عن تفسير بعض الوسائل الفعّالة في قراءة الكُتب ودراسة العلوم. وكان يهتمّ أيضًا بتعليم الناشئة وتربيتهم، ويظنّ أنّ تميّز الإنسان بالأخلاق والمواهب في وقتٍ واحد يتوقّفعلى دَورٍ كبير يؤدّيه الوالدان. لقد استعان وانغ يونغ بينغ في كِتابه بالأخلاق الكونفوشيوسية، ليشرَح من نواحي الحياة المتعدّدة سُبلًا إلى إعادة بناء الأخلاققائلًا: "الصِدقُ هو أساس تعايش الناس، فلا يُمكن للإنسان أن يستغني عنه؛ والغُفران هو جَوهرمُعالجة الأمور، فعلىالإنسان أنْ يعمل به على مدى حياته". 

أمّا في ما يتعلّق بتحقيق الطموحات، فكان المؤلّف يرجو من الناس أن يُحدّدوا أهداف حياتهم قائلًا: "إنّ الأيام تمرّ على الإنسان مرورَ السحاب، فيجب أن تكون لنفسه مواعيد مُحدّدة، يُنجِز بها أهدافَه". فيلزم أن تكون للناس غاياتٌسامية ومُثل عُليا، إذ إنّ "مَنْكانت له طموحات لا يُحقِّقها غَيرُه، فلا بدّ من أن تكون له مآثر لا يُحقّقها غَيرُه".

وتطرّق بحِكَمِه وأقواله المأثورة إلى أغلب نواحي الحياة الاجتماعية، وربط ربطًا وثيقًا بين الحياة اليومية والمُثل العُليا، ما جعَل حِكَم الفلاسفة القدامى نابضة بالحيوية والإنسانية، ومنح القُرّاء متعةًعميقة. 

لقيَ كِتاب مُسامرات بجوار المَوْقِد منذ صدوره رواجًا كبيرًا بلا انقطاع، وحظيَ بتقديراتٍ عالية حتى عرفه القاصي والداني، في الصين وخارجها، كأنّه جمرة مُستعرة في الموقد، تندلع منها نار مُتأجّجة، تمنح الناس دفئًا وتشعرهم بالهدوء في الليالي القارسة.

لقد انتَقت الترجمة العربية لكِتاب مسامرات بجوار الموْقد ما يقرب من 800 حِكمة من 220 كِتابًا لفلاسفةٍ وأدباء مشهورين في العصور الصينية القديمة، التي تبتدئ بعصر ما قبل أسرة تشين الملكية، وتنتهي بعصر أسرتَي تشينغ ومينغ الملكيّتَين، وقامت بتصنيفها وفق الأفكارالفلسفية، بهدف تنويع مضامينه بقدر الإمكان. وقد تمّ جمع هذه الحِكم تحت عنوان: "عَبق الكُتب بجوار الموقد".

كما حاولت الترجمة العربية للكِتاب أنتُبعد نصوصَه الصينية عن ترتيبها غير المنهجي، فأعادت ترتيبها بحسب موضوعاتها، وقسّمتها إلى ستة فصول، هي: "تهذيب الذات"، و"مُصادَقة الناس"، و"مُعالَجة الأمور"، و"طَلَب العِلم"، و"إدارة الأسرة"، و"تنظيم الدولة".