الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

على جمعة: إنكار العدالة نتج من ضغط الحالة الإسرائيلية على العقل الغربي

الدكتور على جمعة،
الدكتور على جمعة، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف

قال الدكتور على جمعة، مفتي الجمهورية السابق، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، إنه "في حلقة نقاشية مع مؤسسة ألمانية حول قضية العدالة، أكدت أن العدل في الإسلام اسم من أسمائه –تعالى-، وعلق أحدهم على ذلك بأن هناك في العقائد اليونانية القديمة إله العدل، وفهمت حينئذ الفرق بين النسبي والمطلق، وكيف أن إله العدل هذا الذي لا وجود له والذي كان مجرد صورة في أذهان من أنشأه قد تغير بتغير تلك الصورة، وتغير أيضًا عندما فهم الناس أنه ليس هناك آلهة متعددة".

 

وأضاف «جمعة»، عبر صفحته الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك»، أن العدل الذي هو صفة من صفات الباري - سبحانه وتعالى-، فهو يلزمنا بالعدالة لأنه قد ألزمنا أن نتخلق بأخلاقه وأن نتمثل أوامره امتثالًا ثابتًا؛ لأنه- سبحانه- هو الباقي، وعرفت مدى استعداد هذا العقل - الذي كان يؤمن أولا بآلهة متعددة- لقبوله لهذه النسبية المفرطة، ثم جرنا الحديث إلى مدى تطبيق العدل على القضية الفلسطينية.


وتابع عضو هيئة كبار العلماء: "وإذ بأحد المعقبين يقول: إن تمسككم بالعدل هو الذي يعطل القضية، فيجب عليك أن تجلسوا للمفاوضات وأن تقبلوا بالممكن والمتاح، وهو يمكن أن تطالب به وليس لكم أن تطالبوا بالعدل؛ لأن العدل ليس ممكنًا بل هو عائق ومانع للوصول إلى السلام، وقلت له: إن الجلوس إلى المفاوضات شيء، ومفهوم العدل شيء آخر، فالجلوس إلى المفاوضات يلزم من أجل الوصول إلى السلام وإلى ارتكاب أخف الضررين، وإلى الوصول إلى أمن الناس والحفاظ على مقاصدهم الرئيسية من حفظ النفس والعقل وحقوق الإنسان وكرامته ونحو ذلك".


اقرأ أيضًا:  بالقرآن والسنة.. على جمعة: مفهوم العدل ثابت عبر العصور في كل المجالات


وأوضح المفتي السابق أن نتائج هذه المفاوضات تحكم بمبدأ آخر معروف في السياسة وهو مبدأ (خذ وطالب) فإذا كانت السياسة هي فن الممكن، فإنها لا تقف عند الحصول على جزء من الحق، وإنما بعد ذلك تعيد المطالبة بما هو ممكن، وتستمر هذه المطالبة حتى تتحقق العدالة، أما إنكار مفهوم العدالة في نفسه، ووصفها بأنها لا تغني ولا تسمن من جوع، فهو أمر خطير نتج من ضغط  الحالة الإسرائيلية على العقل الغربي، ضغطًا شوهه من ناحية، وجعله خارجًا عن حد المنطق من ناحية أخرى، وما كان له كذلك إلا لتقديم النسبي على المطلق لتحقيق المصالح.


ونبه إلى أنه من خلال هذا المعنى يمكن أن نفسر مواقف دول الشمال ودول الجنوب، فيما يتعلق في اتفاقية الجات، وحقوق الملكية الفكرية، واستخدامات المواد الخام، بل فيما يتعلق بمفهوم الحضارة الواحدة، ومفاهيم النهايات، نهاية التاريخ، ونهاية الإنسان، ونهاية الحضارة إلى آخر ما أطلقوا عليه (Ends) وهذا الوضوح في التفريق بين النسبي والمطلق ليس شائعًا عند كل أفراد العالم الغربي، أو العالم الحديث، بل إنه كذلك في أذهان القيادات ومتخذي القرار سواء في مجال السياسة أو الفكر وعند كثير من أساتذة الجامعات والمشتغلين بالإعلام.

 

وأكمل: "لذلك نرى أيضا أن كثيرًا من أفراد الشعوب يشعرون بذلك التناقض بين الإيمان بالقيم المطلقة، وبين قرارات حكومتهم وقيادتهم وتصرفاتهم، ومن أجل ذلك نرى كثيرًا من مؤسسات المجتمع المدني تعترض على الحرب في العراق، وتعترض على العولمة، وتعترض على الصهيونية، ونحو ذلك، فهم لا يتصورون أن هذا التقديم النسبي على المطلق أو لإنكار المطلق نفسه، ومذهب النسبية منقوض من داخله حيث إن الإيمان بالنسبية المطلقة في حد ذاته يشتمل على مطلق، فلا يستطيع أحد حتى أولئك أن يتخلصوا من الإيمان بهذا المطلق، وكأنه يرغمه على الإيمان به".