الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

هل بنى الفراعنة أهرامات في السودان؟

اهرامات السودان
اهرامات السودان

عندما تسمع كلمة أهرامات يتبادر إلى ذهنك اسم مصر أو أهرامات الجيزة، لكن من الحقائق الأثرية أن دولة السودان تضم أهرامات تعتبر من منجزات الحضارة المروية في فن العمارة الجنائزية.

نعم هناك أهرامات في السودان، وهناك أهرامات في النوبة، مثلها مثل أهرامات الجيزة . ويعد أبرز وأهم أهرامات السودان هرم الملكة (أماني شيختو) التي حكمت في منتصف القرن الأول قبل الميلاد . وقامت الملكة ببناء هرمها في القرن الأول قبل الميلاد، كما قامت ببناء معبد آمون في منطقة مروي وقصر واقع على مسافة 80 كلم إلى الشمال من الخرطوم.

أهرامات السودان تعد واحدة من أهم منجزات الحضارة المروية، فقد تطورت الحضارة المروية وأصبح من إنجازاتها الدفن في أهرام، يقول المحاضر في جامعة النيلين الدكتور صلاح حسن مطر الاخيضر:" إن مما لا شك فيه أن اتصال السودان القديم ثقافيًا بالحضارة المصرية القديمة في جميع مراحلها "قديمة ووسطى وحديثة" شكّل الجزء الأكبر من ً المصادر والشواهد في السودان القديم في جميع مراحله الحضارية خلال أربعة قرون بدليل اعتماده على اللغة المصرية القديمة ". 

مميزات الأهرام الكوشية
يقول الدكتور صلاح حسن مطر الاخيضر ان الأهرامات الكوشية تتميز بوجود "المقصورة الجنائزية" التي تحتوي على معلومات تاريخية هامة حول الملك المدفون، مما أتاح الفرصة للعلماء، للتعرف عن كثب على الفترة المروية تاريخيًا. ومن المميزات أيضًا "طريقة بناء الهرم الكوشي"، التي لم تبنَ مثل رصيفاتها في مصر عبر العصور، فضلًا عن "الأدعية من كتاب الموتى في المقصورة الجنائزية"، التي لم تخالف كثيرًا تلك الموجودة في حضارة مصر السفلى.

أهرامات نوري 
ويضيف الاخيضر: فيما يتصل بأهرامات نوري، انتقل الدفن إلى منطقة نوري التي لم تبعد عن منطقة الكرو كثيرًا، وأبرز الأهرامات التي اكتشفت هناك هي: "تهارقا "، و"اسبلتا"، ولكن نوعية الصخور التي استخدمت كان رديئة جدًا مقارنة بأهرامات مروي، مما أدى إلى اندثارها وعدم قدرتها على الصمود. وهناك مجموعة من الأهرامات مثل: "البركل"، و"الشمالية"، التي تضم هرم مُذهب للملكة أماني شيختو.

وتابع: هناك أسماء عدة عرف بها السودان في الأزمنة السابقة خلال حضارة كوش الثانية مروي، والتي عُثر عليها في المصادر الأثرية الكتابية المكتوبة باللغات القديمة في تلك الحقبة السابقة لكوش الثانية، وقد تحدث عن الحضارة المروية الرحالة والمؤرخين الذين تحدثوا عن مروي وهي "كوش الثانية"، وتحدثوا عن مواقعها على الخريطة وحدودها في كل الفترات من القرن الثامن قبل الميلاد إلى القرن الرابع الميلادي،.

وأضاف: إن الأهرام الكوشية كانت متطورة من ناحية البناء والطراز المعماري ومداخلها وغرف الدفن فيها وتوزيعها الطبوغرافي في المواقع وما في داخلها من نصوص،مشيرا إلى تطور الدفن قبل أهرام كوش، حيث تطور الدفن من كومة، إلى مصطبة، ثم إلى هرم في جبانة الكرو التي تعد أول المدافن الملكية في حضارة كوش الثانية.

وأشار إلى أن مملكة كرمة 2500- 1500 ق.م، ليس بها مدافن هرمية، ولكن انتقل الدفن من مدافن الكرو الهرمية، إلى مدافن نوري الهرمية، ثم تم العودة إلى مدافن الكرو مرة أخرى، وعقبها انتقل الدفن إلى جبل البركل ثم إلى البجراوية الجنوبية، ثم إلى البجراوية الشمالية في مروي والمدافن الغربية الهرمية في البجراوية.

وتضم خريطة مواقع الحضارة المروية الكوشية "مروي"، "كرنوب"، "جبل موية"، "الشلال الثاني"، " كرما"، "البركا"، "نوري"، كما أن الباحثين جزموا بوجود اختلافات لافتة بالنسبة للمواقع الأثرية، لكن الحفريات والأدلة الحديثة أثبتت أن "نبتة" كانت هي المركز الديني، أما المركز والثقل السياسي لهذه الحضارة، فكانت لـ "مروي" خلال القرن الثاني إلى الرابع الميلادي.

ومن أسماء السودان في المصادر الأثرية مثل "تا-ستي" وتعني أرض القوس، "تا-نحسي"، وتعني أرض النحسي، "تا-خنتي" وتعني أرض خنتي، "إرجت، مجا، يام، كاعو، واوات"، و"كوش"، وأثيوبيا. أما الاسم الشائع للسودان وهو "كوش"، مستمد من الحضارة المروية، والتي تناولها بالدراسة الباحثون، أما أثيوبيا، فهو اسم أطلقه الإغريق على المنطقة الجنوبية في مصر، وتقلص استخدامه مع مرور الوقت بعد أن أطلق العرب على هذه المنطقة اسم السودان.

مملكة كرمة 
حضارة كرمة هي "كوش الأولى" التي سبقت فترة حضارة مروي، وتعتبر من أعظم الحضارات في القارة الأفريقية، لأنها قائمة على البنيان الطيني، وهو أمر نادر في ذلك الوقت، وقد ازدهرت هذه الحضارة بشكل لافت في منطقة "الشلال"، أما أبرز الآثار التي تم اكتشافها في تلك المنطقة، فتمثلت في الحصون المنيعة والمنازل والمدافن، لأنها كانت تعتبر نقطة تلاقٍ حضاري وتجاري ما بين مصر وغيرها من الدول التي كانت تتعاون معها فيما يتصل بالتجارة.

أما بالنسبة لشكل المدافن وطريقة الدفن في مملكة كرمة، فقد كانت تتم بشكل طولي عبر وضع الميت بشكل قرفصائي، فضلًا عن القرابين التي كانت توضع معه في القبر بحسب ما أظهرت الحفريات عند الدفن، فكان يدفن معهم خدمهم وهم أحياء، فضلًا عن وضع الفخاريات والأكل والمشروبات ورؤوس الأبقار.

ويشير الباحث إلى أن فكرة دفن الملوك في الأهرامات مستوحاة من ثقافة الدفن في المملكة المصرية، لكن قبل تبني هذا النوع من الدفن، كان الناس يدفنون في "الكومة " الترابية، وهي أرض مسطحة كانت تستخدم لدفن الملوك، ومن ثم تطور الأمر بالدفن في "المصطبة "، وكان اتجاه الدفن متأثرًا بالطريقة المصرية القديمة بالتوجه شرقًا.