مرشد الإخوان يحدد 5 خطوات للحرية ويقول: "صار بعض الناس عبيدًا للشهوات فالشهوة هي التي تُحرِّكُه وتقيمه وتقعده"

صار بعض الناس عبيدًا للشهوات، فالشهوة هي التي تُحرِّكُه وتقيمه وتقعده
أصبحت كلمة الحرية تعني الحياة والأمل والسعادة، فالحرية هِبَةٌ من الله عز وجل
القيود تمنعك وتحرمك مما يضرك ويؤذيك..وهذا هو فهم الإخوان المسلمين
قال الدكتور محمد بديع المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين أن الحرية هي ثمرة الثورات العربية وأنها جعلت الشعوب الأبيَّة تدفع الغالي والنَّفيس في سبيلها، بل وتقدم الكثير من شهدائها ثمنًا لها، واصفاً إياها بثمرة الثورات .
وأضاف بديع :"لذلك أصبحت كلمة الحرية تعني الحياة والأمل والسعادة، فالحرية هِبَةٌ من الله عز وجل وهي الحق الأول من حقوق الإنسان وهي تُولَدُ معه "وقد وَلَدَتْهم أمَّهاتُهم أحرارًا"، وهي من أهم قضايا الشعوب، ومن المبادئ التي يتحرك بها السياسيون، ويتناشد بها الشعراء، فالكل يطمح لاستقلال بلاده، وأن يكون شعبه حرًّا في اتخاذ القرارات لمصلحته ومجتمعه وأمته، فسعادته يوم أن يرى الحرية وقد تمتع بها الجميع، ويرى أحرارًا أينما حلَّ أو نزل، يعملون الخير ويُقدِّمون المعروف لكل إنسان يعيش على أرض الوطن، ويمتدُّ خيرهم لكل الشعوب التي تنزل بهم الشدائد، أو تحلُّ بهم الكوارث، ويتعارفون ويتعاونون في إعمار الأرض".
وتابع بديع خلال رسالته الأسبوعية :"هذه الفترة التي نمرُّ بها تحتاج إلى المؤمنين حقًّا الذين تحققوا بالإيمان بعد الإسلام، ونحن على وعد الله الحق يوم ينطق الحجر والشجر قائلاً: "يا مسلم.. يا عبد الله.."، وليس المسلم فقط، فالإسلام لم يمنع أو يضع قيودًا، وإنما من ضوابطه أنه لا يمنع إلا ما يضرّ الإنسان فقد كانت الجنة مباحة إلا شجرة واحدة (فَلَمَّا ذَاقَا الشَّجَرَةَ) حدث ما حذَّر منه الله عز وجل، ولم يحدث ما وعد به الشيطان آدم وحواء فقد دَلَّاهما بغرور (ومَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إلا غُرُورًا) هو وذريته، فالقيود تمنعك وتحرمك مما يضرك ويؤذيك، وهذا هو فهم الإخوان المسلمين، فقد عبَّر عن ذلك الإمام البنَّا بقوله: "إذا قيل لكم إلامَ تدعون؟ فقولوا: ندعو إلى الإسلام الذي جاء به محمد والحكومة جزء منه، والحرية فريضة من فرائضه، فإن قيل لكم: هذه سياسة! فقولوا: هذا هو الإسلام، ونحن لا نعرف هذه الأقسام".
وأوضح بديع أن الحرية ليست الإيذاء والتعدِّي على حقوق الآخرين، والسَّبّ والشتم والتلفظ ببذيء القول؛ بل هذا نوع من أنواع عبادة الذات والشهوات، ومحاولة للتسلًّط وفرض الرأي على الآخرين؛ لأن الحرية هي الاعتراف بالآخر، وأنه موجود له قيمته الإنسانية وحقوقه المدنية، وتنتهي حريتي عند حدود وحريات الآخرين؛ حتى الجماد والنبات والحيوان لهم حقوق مؤكداً أن الحرية هي السبيل إلى تحقيق العدالة المفقودة.
وأضاف :"الذين يخافون من الحرية؛ لأنهم لا يعرفون قيمتها وأثرها، الذين يخافون من الحرية؛ لأنهم لا يثقون في الآخرين، الذين يخافون من الحرية؛ لأنهم يفتقدون القيم والمبادئ الرفيعة، الذين يخافون من الحرية؛ لأنهم أنانيون مُتكبِّرون جاهلون لمعنى الحرية، أو لأنهم عبيد لشهواتهم ولو ذاقوا حلاوة العبودية لله تعالى لهانت عليهم الدنيا بأسرها وليس شهواتها المحرَّمة فقط، الذين يخافون من الحرية؛ لأنهم يريدون أن يستغلوا الآخرين ليحققوا أهدافهم المتعارضة مع أهداف غيرهم والحرية تقودها سُلْطة لا فوضى، فلا يتخيل وجود مجتمع بدون سلطة سياسية".
ووضع بديع 5 خطوات أساسية نحو الحرية أولها تحريك العقل وتعويده على التفكير بحرية بالتحرُّر من قيود الفكر المعلَّبة والأفكار الجاهزة، وإعطاء الفكر مرونة في الحوار الداخلي والنَّقد الذاتي بروح التمحيص والفهم، وتغيير منهجية التربية بتعليم أبنائنا الحُريَّة منذ صغرهم ونفسح لهم المجال للحوار واستخدام عقولهم للتعبير عن آرائهم ونشر المعرفة وتحطيم الجهل فالمعرفة تُحرِّر الفرد؛ لأنها تقضي على الخوف الداخلي، وكذلك على النزوات والرغبات غير المشروعة .
وتابع :"الحرية حركة وجهد لأنها فعل يعتمد على الوعي واكتساب التجارب، فهي بالمعنى الدقيق والعميق تحتاج إلى سعي مكثف وجهد مركَّز لاكتسابها والنموّ عبرها والإيمان بحرية الآخر قبل حريتي لأن الحرية مفهوم شامل لا يتحقق كماله الاجتماعي العام إلا بتحققه العام، دون قمع لحرية الآخر، أو الاستبداد بالرأي، أو استخدام العنف، خاصة عند نقد الآخر، إن حرية كل إنسان لا تتوافر ولا تتمتع بفرص التحقق إلا بتعايش حريات في مجتمع حريات (يُمثِّل) مجتمعات سياسية مُؤلَّفة من أناس أحرار متحلِّين بالشعور والحرية، شركاء في الوطن والمسئولية عن حمايته ونهضته، كما هم شركاء في أرضه وهوائه ومائه وخيراته ومؤسساته".
وطالب بديع بأن نحصن أنفسنا بالثقة في الله وفي قدراتنا، والثقة في غيرنا، وعدم التخوين للآخرين، والتوجه نحو البناء لا الهدم، والتعمير لا التخريب، والاستمرار في العمل لا التوقف أو وقف الإنتاج، أو المواصلات وقطع الطرق، مضيفاً:" أُمِرْنا أن نميط الأذى عن الطريق فلا نضع الأذى أو العوائق في الطريق؛ لأن هذا ذنب وجريمة، ولنتدرَّع بالصبر، فقد ورث الشعب المصري بلدًا عملت فيه معاول الهدم لعقودٍ طويلة، وورث المصريون نظامًا بثَّ الفساد في البلاد والعباد، وركام هدمه وأنقاضه بعد أن حطَّمناه يحتاج التخلص منه إلى وقتٍ طويل، فالعلاج لا يتم إلا بتشخيصٍ للمرض، ووصفٍ للدواء، وزمن للعلاج يتناسب مع نوع المرض وطبيعته، ومدى تغلغله في خلايا الجسم لكننا على ثقةٍ تامةٍ من تعافي الأمة والنهوض بها، فشعبها عظيم، ومُقدَّراتها هائلة، وكنوزها لا حصر لها، والجميع يتنبَّأ بأنه لن يمضي هذا العقد إلا وقد صارت أمتنا في مقدمة ركب الأمم، هيا نعمل جميعًا".
وأضاف :" فنحن اليوم في عهد الحرية فادعم الحرية، وكن حرًّا مهما كان انتماؤك الحزبي أو ديانتك؛ لأن معنى حريتي أن البلد غالية عليَّ جدًّا، ونحن في مصر اليوم وهي تتعرض إلى حريق، واجب الأحرار أولاً إطفاء الحريق، ثم نرى معًا الطريق، وإنني لمطمئن تمامًا لوعد الله تعالى ثم عظمة هذا الشعب ووعيه، ورغبته الأكيدة في البناء والعمل الجاد، والحفاظ على مؤسسات الدولة العريقة من شعبها العريق، فمؤسسة الرئاسة المنتخبة ملك الشعب، والجيش والشرطة والبرلمان والأزهر والكنيسة والمجتمع المدني مؤسسات ملك الشعب المصري العريق ولكن من الناس من يختار أنواعًا من العبودية غير العبودية للبشر الصريحة، ولما فطن الخصوم إلى الكيفية التي يستعبدون بها البشر أوقعوهم في أنواع من العبوديات المبتكرة، وذلك بطرقٍ جديدة في فتح أبواب العبودية، بأن يكون الناس عبيدًا لأفكارهم بما يهيمنون عليهم من مصالح وأهواء، وهكذا انتشرت حريات هي في الحقيقة عبوديات، فصار بعض الناس عبيدًا للشهوات، فالشهوة هي التي تُحرِّكُه وتقيمه وتقعده، وكل ذلك فروع على الأصل الشيطاني الإبليسي الذي يدخل للنفس البشرية من باب الشهوات وباب الشكوك والشبهات".