الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

الكريسماس والسياسة.. محطات تاريخية امتزجا فيها بوقائع أغرب من الخيال

تتويج الإمبراطور
تتويج الإمبراطور الروماني شارلمان

يبعد عن التصور أن احتفالات عيد الميلاد المجيد أو الكريسماس لها صلة وثيقة بالسياسة، فشأن الاحتفالات عمومًا، يميل الناس في الغالب إلى قضاء أوقات ممتعة في الكريسماس بين الاحتفال والتمنيات بعام أفضل، لكن الحقيقة أن الكريسماس شأن كل شيء آخر كان من الصعب أن يفلت من جاذبية السياسة.

ورصدت صحيفة "بوليتيكو" الأوروبية سبع محطات تاريخية جمعت بين الكريسماس والسياسة، وكان لها أثر حاسم في مجرى التاريخ بعد وقوعها.

ولم يرد ذكر تاريخ محدد لميلاد المسيح عليه السلام في الأناجيل المختلفة، ومع ذلك يفسر المؤرخون سر الاحتفال بالكريسماس في تاريخ 25 ديسمبر من عام، والحقيقة أن هذا التاريخ  لم يُعتمد موعدًا للكريسماس سوى بعد أكثر من 300 عام على ميلاد المسيح، عندما اعتنق الإمبراطور الروماني قسطنطين الديانة المسيحية في أوائل القرن الرابع الميلادي، وحرم اعتناق سواها من المعتقدات في الإمبراطورية الرومانية.

سر يوم 25 ديسمبر

وهناك مدرستان للمؤرخين تقدمان تفسيرين مختلفين لتحديد يوم 25 ديسمبر موعدًا للكريسماس، وتذهب المدرسة الأولى إلى أن هذا اليوم بالأساس هو يوم الانقلاب الشتوي الذي يؤشر لبداية فصل الشتاء وكان عيدًا لدى أتباع الديانات الوثنية في أوروبا قبل انتشار المسيحية، يحتفلون به بأداء طقوس ماجنة، فلما تحولت الإمبراطورية الرومانية إلى المسيحية رغبت في إحلال أقدس أعيادها محل العيد الوثني كي تمحو ذكراه.

أما المدرسة الأخرى فتذهب إلى أن بعض الكهنة المسيحيين أجروا "حسابات لاهوتية" لمعرفة اليوم المحدد لميلاد المسيح عليه السلام، من خلال حساب 9 أشهر بعد اليوم الذي تلقت فيه السيدة العذراء مريم البشارة بحمل المسيح في رحمها، والذي تحدد وفقًا لحسابات لاهوتية أيضًا باعتباره يوم 25 مارس.

 تتويج الإمبراطور شارلمان

في 25 ديسمبر عام 800 ميلاديًا كان ملك الفرنجة شارلمان يحضر قداس عيد الميلاد في كاتدرائية القديس بطرس بالفاتيكا، وكان جاثيًا بقامته الفارعة على ركبتيه للصلاة عندما فوجئ مع جميع الحضور بالبابا ليو الثالث يضع تاج الإمبراطورية الرومانية المقدسة على رأسه.

ويشكك بعض المؤرخين في الرواية التي تزعم أن شارلمان فوجئ بتتويجه إمبراطورًا، ويذهبون إلى أن هذا التتويج كان نتيجة صفقة مفيدة لشارلمان والبابا ليو العاشر، فالأخير كان بحاجة إلى ملك قوي يسبغ عليه الحماية، بينما كان شارلمان بحاجة إلى سند شرعي لطموحه في حكم الإمبراطورية الرومانية.

حفل تتويج يتحول إلى حريق

كان يوم 25 ديسمبر عام 1066 هو اليوم الموعود لتتويج دوق نورماندي ويليام الفاتح، الشهير بلقب ويليام اللقيط، ملكًا على إنجلترا في حفل كبير بكنيسة وستمنستر بالعاصمة لندن.

لكن الحفل تحول إلى كارثة لأن حراس ويليام الفاتح النورمان الواقفين خارج الكنيسة ظنوا أن أصوات الاحتفالات الصاخبة بالداخل صادرة عن مجموعة تحاول تدبير انقلاب واغتيال الملك الجديد، فانطلقوا يشعلون النيران في بنايات محيطة بالكنيسة ويثيرون الفوضى في المدينة، وكان ذلك نذيرًا بسنوات صعبة من حكم ويليام الفاتح حفلت بالاضطرابات السياسية والمجاعات.

إلغاء الكريسماس

شكل العام 1647 نهاية المرحلة الأولى من حرب أهلية طويلة في إنجلترا، وانتصر في تلك المرحلة الجمهوريون البرلمانيون على الملكيين، ومن باب استعراض القوة والسلطة أعلن المنتصرون أنهم لا يعتبرون الكريسماس عيدًا دينيًا أو عذرًا لترك الأعمال لأنه ليس مذكورًا في الأناجيل، وأصدروا مرسومًا بإلغاء احتفالات 25 ديسمبر من ذلك العام.

وبموجب المرسوم البرلماني، ألغيت إقامة القداديس في الكنائس، وأُجبر أصحاب المتاجر على إبقاء متاجرهم مفتوحة، في إجراءات تهدف إلى نزع الخصوصية عن يوم الكريسماس بحيث يمر كأي يوم عادي، لكن بعض المتدينين من العامة شعروا بالاستفزاز وانخرطوا في أعمال شغب ومظاهر احتفالية قصدوا بها تحدي القرارات التعسفية.

معركة جورج واشنطن الكبرى

في شتاء العام 1776 كان تاجر التبغ الأمريكي السابق والقائد العسكري والرئيس الأمريكي لاحقًا جورج واشنطن بحاجة إلى انتصار على القوات البريطانية التي ثارت ضدها 13 ولاية أمريكية مطالبة بالاستقلال عن التاج البريطاني.

وكانت قوات جورج واشنطن منهكة من طول القتال ومعنوياتها في الحضيض، لكن في ليلة الكريسماس 25 ديسمبر من هذا العام ألقى جورج واشنطن خطبة ألهبت حماس جنوده، وشن هجومًا حاسمًا ضد القوات البريطانية عبر نهر ديلاوير، في أجواء شتوية عاصفة وتحت وابل منهمر من الثلوج.

إعدام شاوشيسكو

في رومانيا، لا يرتبط تاريخ 25 ديسمبر بمناسبة الكريسماس وحدها، ففي ذلك اليوم من عام 1989 جرت محاكمة عسكرية سريعة للديكتاتور الشيوعي نيكولاي شاوشيسكو، إثر اضطرابات واسعة النطاق عمت البلاد وتحولت إلى ثورة عارمة بسبب الحكم القمعي والفقر وتردي مستويات المعيشة.

وعندما وصل الثوار إلى أبواب قصر الحكم في العاصمة بوخارست حاول شاوشيسكو وزوجته إيلينا الفرار بطاشرة مروحية، لكن وحدات منشقة من الجيش الروماني سرعان ما أحبطت محاولة الهروب، وأجرت محاكمة سريعة لشاوشيسكو وزوجته بتهمة قتل الثوار وتخريب الاقتصاد، وجرى إعدامهما رميًا بالرصاص في ثكنة عسكرية أمام عدسات الكاميرات.

انهيار الاتحاد السوفييتي

بالرغم من أن المسيحيين الأرثوذكس في روسيا والعالم يحتفلون بالكريسماس يوم 7 يناير، فإن يوم 25 ديسمبر من عام 1991 كان موعدًا لحدث غير وجه النظام العالمي كله.

ففي ذلك اليوم أُعلن رسميًا تفكيك الاتحاد السوفييتي، وقدم آخر زعيم سوفييتي ميخائيل جورباتشوف استقالته، ليخلفه الرئيس الروسي السابق بوريس يلتسين، وهو اليوم الذي صرح الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بأنه يثير لديه ذكريات سيئة.