الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

إلى رجال الأمن الأبطال في عيدهم


الأمن من النعم الكبرى التي أنعم الله تعالى بها علينا، ولا يعرف قيمة هذه النعمة الكبرى إلا مَن افتقدها، وكلمة الأمن من الكلمات التي تبعث الراحة والطمأنينة والسكينة في النفوس.
يقول النبي (صلى الله عليه وسلم): (مَن أصبح آمنًا في سِرْبِه، معافًى في جَسدِه، عندَه طعامُ يومِه، فكأنَّما حِيزَتْ لهُ الدُّنيا) (أخرجه البخاري في الأدب المفرد)، ومعنى "آمِنًا في سِرْبِه"، أي: توفَّر له الأمانُ على نفْسِه وعلى أهلِه وعائلته، والسِّربُ هو السَّبيلُ أو الطَّريقُ، وقيل: البيتُ... فلنحمد الله على نِعمه الجليلة علينا التي لا تعد ولا تحصى.
وليسمح لي رجال الأمن الأبطال أن أقدم لهم أطيب التهاني وأرق الأماني بمناسبة عيد الشرطة، الذي يذكرنا دومًا ببطولاتهم القديمة والجديدة والمتجددة التي سطَّرها التاريخ ويسطرها بمداد من نور يوما بعد يوم، راجيًا من الله تعالى أن يبارك فيهم ويرعاهم.
•  الدور المحوري لرجال الأمن: 
رجال الأمن هم الركيزة الأساسية لحفظ أمن المجتمع واستقراره من الداخل، ومجابهة الأخطار الجنائية، والمخاطر غير المرئية الخبيثة والخسيسة التي يدبرها المجرمون واللصوص وتجار المخدرات والسلاح وتجار الأعضاء البشرية، إضافة إلى مجابهة جرائم الآداب، والشائعات والإرهاب الإلكتروني، وجرائم البغاة والخارجين عن القانون والإرهابيين..
 إن رجال الأمن هم العيون الساهرة التي لا تنام؛ لبسط الأمن والأمان والطمأنينة.. يسهرون لننام، ويتعبون لنتسريح، ويعرضون أنفسهم وحياتهم للمخاطر.. إنهم المرابطون لحراسة الدين والوطن والعرض والمال... -ولولاهم بعد الله سبحانه وتعالى- لساد الخوف والرعب والهلع، وانتشرت البلطجة والسلاح والسرقات، وعمَّت المخدرات ربوع البلاد... ولولا تضحياتهم لَتمكن المجرمون ولعمَّت الفوضى في كل مكان... فشكرا لكم في يوم عيدكم وفي كل يوم، وهنيئًا لكم يا أصحاب العيون الساهرة مكرمة الله.. ومكرمة رسوله لكم.. يقول (صلى الله علي وسلم): (عَينانِ لا تمَسَّهما النَّارُ: عينٌ بكت من خشيةِ اللهِ، وعينٌ باتت تحرسُ في سبيل اللهِ) (أخرجه الترمذي).
• مكانة الشهداء ومنزلتهم:
ونحن نحتفي بعيد الشرطة، نتذكر بالعرفان الشهداء عمومًا، وشهداء رجال الأمن الأبطال، خصوصا الذين باعوا أنفسهم لله، وتساموا على ما يحبون، واسترخصوا الحياة في سبيل الظفر بالشهادة نيْلًا لإرضاء لله؛ ولقد اختار الله تعالى لهم خير الأسماء والألقاب.. 
لقد سمَّى اللهُ تعالى ذلكم الشخصَ الذي قُتل في سبيله، وفي سبيل الحفاظ على بيضة الدين والوطن سماه "شهيدًا"؛ لأن الله تعالى يشهد بنفسه له بحسن نيته وإخلاصه، ولأن روحه شهدت دار السلام في الجنة ودخلتها قبل يوم القيامة وقبل غيره من الناس.. ولأنَّ ملائكةَ اللهِ شاهدةٌ عليه وشهدت احتضارَه.. وقيل لأنه يُشهد له بالأمن من النار، حيث وقّع الشهيدُ عقدًا على صدقه مع ربه؛ لذلك يبعث الله شاهدًا له يوم القيامة وهو دمه الطاهر الذي سال.. وقيل لأنَّ الشهيدَ جاد بنفسه التي بين جنبيه من أجل الله، فكانت هذه شهادة عملية على أن إرضاء ربه تعالى أعز إليه من نفسه التي بين جنبيه.. 
يموت الشهيد لينعم غيرُه بالعيش الآمن الرغيد.. وأكرم به من إيثار عظيم عزَّ نظيرُه وقلَّ مثيله في هذه الحياة..!!.
إن الحرب التي يكون فيها العدوُ مجهولًا ومباغتًا، ينثر بذورَ الخوفِ والرعب في أرض الله، وينشر شرَّه وخبثه وعدوانَه في كل مكان كما يفعل الإرهابيون؛ تحتاج إلى أناس من طراز فريد؛ تساموا فوق الحياة وملذاتها وشهواتها، وسمت مواقفُهم وبطولاتُهم إلى أعلى الأعالي.. إنهم الشهداء الأبرار..
ولقد جعل الله تعالى الشهادة في سبيله درجة عالية من الحياة، لا يَهبُها إلا لمن يَستحقُّها، والشهيد أصاب الفردوس الأعلى، والأجر العظيم، والفوز المبين والكرامة العليا، وجعلهم من أصحاب التجارة الرابحة، فقد ربح بيع نفوسهم لمولاهم، وجعل لهم "مكانة العندية"، فهم عند ربهم، في معيته وفي جنابه الأعلى. وجعلهم من المصطفين، وفي مأمن فلا يفزعون حين يفزع الناس، ولا يخافون حين يخاف الناس، وجعل الشهيد شفيعًا لسبعين من أهل بيته، وجعلهم يأمنون من الفزع الأكبر، ولا يُصعقون من النفخ في الصور، كما أن الله  أسقط عن الشهيد ذنوبه وكتب له المغفرة عند سقوط أول قطرة من دمه، وأن رائحة دم الشهيد مسكٌ يوم القيامة، وأنهم يُرزَقون ورزقُهم من الله، ومن ثَمَّ فهم فرِحُون بما أَعطاهم الله، ويستَبشِرون بالشهداء القادِمين عليهم.
• واجبات رجال الأمن والناس:
والواجب علينا أن نُقدِّر الدور الكبير الذي يقوم به رجال الأمن في منع الجناية والجريمة وتعقب المجرمين، وحمايتنا والسهر على راحتنا، والحفاظ على أعراضنا وأموالنا وممتلكاتنا، ويجب على رجال الأمن أن يكونوا على عهدهم مصدرًا لنشر الأمن بمفهومه الشامل (أمن المجتمع والجماهير، والأمن النفسي) بحيث يعيش الأبرياء آمنين مطمئنين، وأن يكون رجل الأمن قِيمًا إنسانية تمشي على الأرض وملاذًا للخائفين ومصدرًا لتهدئة روعهم.. وتظل الثقة المتبادلة بين الشعب ورجال الأمن هي مبعث الافتخار بمؤسساتنا ولابد أن نقويها على الدوام.
ولقد ضرب رجال الأمن المخلصين أروع الأمثلة في الوفاء لربهم، ولدينهم، ولأوطانهم، وللناس ولا يزالون، ويسطِّر التاريخ كل يوم أعمالًا إنسانية واجتماعية واقتصادية جليلة تبرهن على إخلاصهم.. 
وإذا كان بعضهم قد ارتقى شهيدًا بعد أن ضحَّى بنفسه من أجلنا، فإنه من الواجب علينا جميعًا أن نرعى أسرهم، فقد كان النبي (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) يزور أسر الشهداء، ويواسيهم، ويتفقد أحوالهم، ويجبر خواطرهم، ويبشرهم، وينفق على أولادهم وذويهم، ويساعدهم هو وأصحابه الأخيار، كما جاء التحذير الشديد من خيانتهم في أهليهم، وتغليظ حرمة ذلك.
• جهود رجال الأمن فى مواجهة كورونا 
وعلى الرغم من كثرة الأعباء والأعمال الملقاة على عاتقهم، أضيف إلى رجال الأمن عبء جديد وكبير، وهو تنفيذ الإجراءات الاحترازية بين الناس حفاظًا عليهم من وباء كورونا الخطير، ومن ثم فهم دائمًا في مقدمة الصفوف لحماية الناس والوطن... 
نسأل الله تعالى أن يحفظ رجال الأمن ويوفقهم لخير المجتمع والناس، ويحفظ مصرنا رئيسًا وحكومةً وشعبًا وجيشًا وشرطةً، وأن يعيد علينا وعليهم الأعياد، ونحن جميعا في قوة ومنعة وازدهار، وعلى قلب رجل واحد خلف قيادتنا الحكيمة التي تعمل ليل نهار لوضع مصر المحروسة في المكان والمكانة اللائقة بها بين الدول المتقدمة.. وبالله تعالى التوفيق.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط