الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

التحديات تواجه المبعوث الأمريكي الخاص للقرن الأفريقي.. فيلتمان: الخلافات بشأن سد النهضة قابلة للتسوية.. أزمة إقليم تيجراي تحول سوريا لـ«لعب أطفال».. والمحادثات مع آبي أحمد والرئيس الإريتري شاقة

 المبعوث الأمريكي
المبعوث الأمريكي الجديد إلى القرن الأفريقي، جيفري فيلتمان

يواجه المبعوث الأمريكي الجديد إلى القرن الأفريقي، جيفري فيلتمان، سلسلة من التحديات المتأزمة في المنطقة، المهددة بتفكك بالكامل.

وحسب مجلة "فورين بوليسي" الأمريكية، عينت إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن، الدبلوماسي المخضرم جيفري فيلتمان مبعوثا خاصا لمنطقة القرن الأفريقي، حيث أخُرِج من حالة شبه التقاعد لتولي دور مهم في أفريقيا، حيث سيصبح المسؤول الأول عن حل قضايا الصراع الدامي في إقليم تيجراي بإثيوبيا، والذي أثار أزمة إنسانية ضخمة بعد ارتكاب جرائم حرب به.

وقال فيلتمان، في أول مقابلة له منذ أن تم اختياره للمنصب، للمجلة الأمريكية، إن الصراع في تيجراي يمكن أن يتحول إلى أزمة إقليمية كاملة، مستشهداً بالحرب في سوريا.

وأضاف فيلتمان: "انظروا إلى ما يعنيه انهيار سوريا وفوضى الحرب الأهلية وأزمة اللاجئين وتأثيرها على أوروبا، فضلاً عن صعود الجماعات الإرهابية في بلد كان عدد سكانها قبل الحرب حوالي 22 مليون شخص".

ولفت: "إثيوبيا بها 110 مليون نسمة.. إذا أدت التوترات في إثيوبيا إلى صراع أهلي واسع النطاق يتجاوز تيجراي، فإن سوريا ستبدو مثل لعبة طفل مقارنة بها".

ووفقًا للمجلة الأمريكية، فإن فيلتمان، صاحب البصمات الدبلوماسية القوية منذ فترة طويلة في دوائر السياسة في الولايات المتحدة والأمم المتحدة، ليس غريباً على دبلوماسية الأزمات، فشغل عدة مناصب في جميع أنحاء الشرق الأوسط، بما في ذلك سفير واشنطن في لبنان من 2004 إلى 2008، والتي شملت حرب لبنان عام 2006.

ومن عامي 2009 إلى 2012، شغل منصب كبير مبعوثي وزارة الخارجية للشرق الأوسط، خلال فترة الربيع العربي، وبعد ذلك، بصفته مسؤولًا كبيرًا في الأمم المتحدة، سافر إلى كوريا الشمالية للتفاوض مع زعيمها كيم جونج أون في ذروة التوترات بين واشنطن وبيونج يانج بشأن برنامج الأسلحة النووية.

لكن مهمته الجديدة تعتبر شاقة، فالصراع في تيجراي ومسألة الاستقرار في إثيوبيا صعب، خاصة مع التدخل العسكري من قبل إريتريا للتعاون مع القوات الإثيوبية، والاتهامات بارتكاب فظائع وانتهاكات لحقوق الإنسان على نطاق واسع، لا يسفر عن أي حل.

ويكافح السودان ـــ في ظل خطوة انتقالية إلى الديمقراطية بعد ثلاثة عقود من الحكم الاستبدادي ـــ في نزاع حدودي مع إثيوبيا يمكن أن يشعل صراعًا منفصلاً بينهما.

ولا تزال هناك أزمة سياسية وأمنية في الصومال، فضلا عن أزمة سد النهضة بين مصر والسودان وإثيوبيا، والذي حاولت إدارة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب التوسط فيه بطريقة لم تفيد.

وأكد فيلتمان أنه يشعر بالخوف من التحدي المتمثل في ذلك، قائلا: "هذا جزء معقد من العالم، به الكثير من الأزمات المتداخلة التي تحدث في نفس الوقت. لكنه أيضًا مهم للغاية من الناحية الاستراتيجية للولايات المتحدة وحلفائنا والمنطقة".

وأضاف: "فيما يتعلق بالتركيز الفوري، فبلا شك، يجب أن يكون هناك اهتمام بإقليم تيجراي"، مضيفا أن الأولويات الرئيسية الأخرى هي النزاع الحدودي بين إثيوبيا والسودان والتوترات بشأن سد النهضة.

ولفت فيلتمان إلى أنه سيسافر إلى المنطقة "قريبًا إلى حد ما"، لكنه لم يدل بأي تفاصيل حول زيارته.

وعن القرار الأمريكي بتعيين فيلتمان، قال الممثل الخاص للاتحاد الأوروبي في القرن الإفريقي ألكسندر روندوس: "لقد شغلنا هذا المنصب منذ سنوات، وانتظرنا اليوم الذي تعين فيه واشنطن شخصًا ما ليكون نظيرًا ويساعد حقًا في هذا العمل المشترك".

وأكد روندوس للمجلة الأمريكية، أن خبرة فيلتمان واتصالاته في الشرق الأوسط ستكون ضرورية لهذا المنصب، بالنظر إلى الدور المتزايد لدول الخليج في القرن الأفريقي.

ولفت إلى أن إيجاد طريقة لحل الصراع في تيجراي يجب أن يكون أولوية قصوى، مؤكدا أن الإقليم أصبح مجرد معسكر اعتقال ضخم، والمهم هو أن نجعل الأطراف تتوصل إلى بعض الترتيبات".

وعلق المبعوث الأمريكي الجديد للقرن الإفريقي على هذا الأمر، قائلا: "القضايا الأساسية تدور حول القانون الدولي الإنساني، والحاجة إلى المساعدة المنقذة للوصول إلى الأشخاص الذين يحتاجون للطعام والرعاية الطبية".

وبحسب تقديرات الأمم المتحدة، فإن ما يصل إلى ثلاثة أرباع سكان تيجراي، أي 4.5 مليون من أصل حوالي ستة ملايين، بحاجة إلى مساعدات غذائية.

كما أدى الصراع إلى أزمة لاجئين هائلة، مما أدى إلى نزوح أكثر من مليون شخص ودفع أكثر من 60 ألفًا إلى الفرار عبر الحدود إلى السودان.

أما عن التعامل مع الأزمة، فأوضح فيلتمان أنه يعتزم فتح محادثات مع رئيس الوزراء الإثيوبي أبي أحمد، ورئيس إريتريا أسياس أفورقي، مضيفا: "من المخيب للآمال أن نرى تصريحات علنية حول انسحاب القوات الإريترية لم تسفر عن شيء على أرض الواقع".

وتابع قوله: "أخوض هذه المحادثات بافتراض أن رئيس الوزراء أبي أحمد يريد أن يرى إثيوبيا قوية وموحدة ولا يرغب في أن يرأس دولة منهار سلامتها"، مؤكدا أنه لا يتوقع أن تكون المحادثات سهلة للغاية.

وبشأن سد النهضة، قال فيلتمان إنه رأى بعض الانفتاحات لإحراز تقدم محتمل في المحادثات بين مصر والسودان وإثيوبيا لتجنب أزمة دبلوماسية كبيرة.

وأضاف: "لطالما أعرب السودان ومصر عن قلقهما من أن سد النهضة يهدد أمنهما المائي في اتجاه مجرى النهر؛ إلا أن إثيوبيا تعترض على الأمر"، مشيرًا إلى أن هذه الاختلافات قابلة للتسوية، لكن لا يمكن التظاهر بالقدرة على سد فجوات انعدام الثقة بين أطراف الأزمة بسرعة.