الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

قصة الصحابي عقبة بن نافع "فاتح القيروان"

صدى البلد

تظل مواقف صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم نموذجا يحتذى به على مر العصور والقرون واختلاف الأزمان، لهم منزلة عظيمة وحقوق على الأمة الإسلامية كثيرة، وهذه الحقوق من الأمور التي تدخل ضمن الاعتقاد فهم أول من آمن بالرسول صلى الله عليه وسلم، إذ صحبوا النبي صلى الله عليه وسلم وآزروه ونصروه، واتبعوا هديه، وهم أول الذين يبتغون فضلًا من الله ورضوانًا، وينصرون الله ورسوله، ولا يجدون في صدورهم حاجة مما أتوا ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة.

 

عُقبة بن نافع رضي الله عنه:

عُقبة بن نافع عُقبة بن نافع بن عبد القيس القرشـيّ، وُلِدَ في عهد الرسول صلى اللـه عليه وسلم، خاله عمرو بن العاص، وشهد معه فتح مصر واختطّ بها، ثم ولاهُ يزيد بن معاوية إمرة المغرب، وهو الذي بنى القيروان.

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في عقبة بن نافع: "رأيتُ كأنّي في دار عُقبة بن نافع، فأتينا برُطَبٍ أبّر -مُلَقّح- طاب، فأوّلتُها: الرفعة والعافية وإنّ دينَنَا قد طاب لنا".

شَهِدَ عُقبة بن نافع فتح مصر (18-21 هـ)، واختلطّ بها، فقد اتّخذ فيها أرضًا ووضع لها علامًا ليعلم أنها ملكه، وقد بعثه عمرو بن العاص إلى القرى التي حولها، فدخلت خيولهم أرض النوبة غزاةً، فلقي المسلمون قتالًا شديدًا.

وفي عام (20 هـ) أرسل عمرو بن العاص عُقبة بن نافع على رأس جيش إسلامي، تمكّن من فتح برقة، وفزان، وزويلة، وقد اتّخذ عُقبة من برقةَ قاعدةً لنشر الإسلام في المناطق الواقعة غرب مصر.

وفي سنة 41هـ ولى عمرو بن العاص، وهو على مصر عقبة بن نافع إفريقية، فانتهى إلى قونِية وهي من أعظم مدن الإسلام ببلاد الروم وقَراقِيَةَ على طريق الإسكندرية إلى افريقية فأطاعوه، ثم كفروا، فغزاهم من سَبْتَةَ فقتل وسبى، وفيها سنة 46 هـ غزا عقبة بن نافع إفريقية فافتتح غُدامس، وفي سنة 43 هـ غزا عقبة بن نافع فافتتح كُورًا من بلاد السودان، وافتتح وَدّان، وهي من حيدة برقة، وكلها من بلاد إفريقية.

وحينما ولي معاوية بن أبي سفيان وجّه عُقبة بن نافع إلى إفريقية عام (50 هـ)، غازيًا في عشرة آلاف من المسلمين، فافتتحها واختلطّ قيروانها، وقد كان موضعه بستانًا واسعًا، لا ترام من السباع والحيات وغير ذلك من الدّواب، فدعا الله عليها، فلم يبقَ فيها شيء مما كان فيها إلا خرج هاربًا بإذن الله، فقد وقف وقال: " يا أهل الوادي، إنّا حالون إن شاء الله فاظعنوا"، ثلاث مرات، قيل: " فما رأينا حجرًا ولا شجرًا، إلا يخرج من تحته دابّة حتى هبطن بطنَ الوادي"، ثم قال للناس: " انزلوا باسم الله "، فأسلم عدد كبير من البربر.

وهكذا أصبحت القيروان قاعدة حربية لتأمين الخطوط الدفاعية الإسلامية في المنطقة، ونقطة انطلاق لنشر الإسلام بين السكان هناك.

ولمّا عادَ عُقبة للولاية ثانيـةً عام (60 هـ) سار بقواتـه غربًا حتى وصل المحيـط الإطلسي " بحر الظلمات " عام (62 هـ)، فتوقّف حينئـذ وقال: " يا ربِّ لولا هذا البحرُ لمضيتُ في البلاد مُجاهدًا في سبيلك، أنشر دينكَ المبينَ، رافعًا راية الإسلام فوقَ كل مكانٍ حصينٍ، استعصى على جبابرة الأقدمين".

وفي أثناء عودة عُقبة بن نافع إلى القيروان، فاجأهُ (كُسَيْلةُ) بفريق من البربر وحلفائه البيزنطيين، واشتبكوا معه في معركة انتهت باستشهاده مع عدد من الجنود ، واستشهد عُقبة في إفريقيـة سنة (63 هـ)، وأوصى أبناءه ألا يقبلـوا الحديث عن رسـول اللـه صلى اللـه عليه وسلم إلا من ثقة، وألا تشغلهم الإمارةُ عن القرآن.