قناة صدى البلد البلد سبورت صدى البلد جامعات صدى البلد عقارات Sada Elbalad english
english EN
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل

كريمة أبو العينين تكتب: الوطن والمقايضة

كريمة أبو العينين
كريمة أبو العينين

لا يختلف اثنان على أن حب الأوطان عقيدة راسخة فى كل قلوب المواطنين مهما كانت ظروف المعيشة والعيش ونسب الرقى والتخلف ايضا. 

فى ايران وبعد الحرب الإيرانية الإسرائيلية والتى استمرت ما يقرب من أسبوعين فى أعقاب هذه الحرب القصيرة العميقة فى نفس الوقت عملت الدولة على تثبيت مبدأ المواطنة وسط ماتم الكشف عنه من كم كبير من الجواسيس المزروعين فى كافة انحاء ايران من اقصاها الى اقصاها .

 التجربة الإعلامية الحكومية بدأت بفكرة من شخصية دينية وطنية معروفة هناك وهى البدء باختبار التجار وكبار البائعين فى طهران وضواحيها بأن يذهب اليهم شخص غير معروف ويطلب منهم ان يثمنوا مطالبهم من الحياة بأى رقم وسيتم تحقيقه فورا ، فتبارى التجار بعرض أرقام تجيب على احتياجاتهم وتطلعاتهم التجارية والاجتماعية وبالفعل جاء هذا الشخص لهم ومعه شيكات حالية الدفع لكل ما طلبوه من أموال ولكن هناك شرط لكى يحصلوا هذه الأموال وهو الموافقة على بيع الوطن وذلك بأن هذا الشخص كان يحمل معه حقيبة بها أكياس محملة بتراب الوطن كرمز للبيع ومن يوافق على هذه البيعة يأخد شيكا ويعطى للشخص المساوم هذا الكيس الذى يحمل بعضا من تراب الوطن ، الغريب كان فى ردة الفعل التى ان اختلفت الا أنها تركزت على الرفض التام مهما كان المبلغ وتحدث معظمهم عن ان هذا التراب هو تبر بالنسبة له ولايقايض وطنه بالاموال مهما كان حاجته اليها .

 التجربة الايرانية بالطبع كانت مسبوقة بمحاولات صهيونية وعالمية لاقتضاب المعارضة فى الخارج وجعلها فى أيديهم وتنضم الى مطالبهم بزعزعة النظام الإيراني والدعوات الى الخروج فى مظاهرات لقلب نظام الحكم ، الا ان المعارضين رفضوا ذلك ايضا وارتدوا الزى الوطنى الإيراني واعلنوا من كافة اماكن اغترابهم ان ولاءهم الاول والاخير لوطنهم وان اختلافهم اختلاف سياسى وليس وطنى . 

ايران دولة عميقة وعريقة فى نفس الوقت ولكنها مخترقة للاسف وهذا ماجعل بنو صهيون قادرون على التغلغل فيها وضرب اماكن حساسة هناك واغتيال عناصر فاعلة وتجنيد الكثيرين من الجنسيات الكثيرة المختلفة التى اتخذت من ايران وطنا بديلا او مكانا للعمل والتكسب والتربح .

 ايران يعيش فيها اكبر تجمع يهودى فى المنطقة الاسلامية وهؤلاء اليهود منهم من اندمج مع الحياة الايرانية وتطبع بالطبع الايرانى ومنهم من يظهر بين الحين والاخر التذبذب بين هنا وهناك. 

وبين التذبذب والثبات ادركت طهران وآمنت بمقولة المافيا الايطالية الشهيرة " اذا لم يتوفر الخبز للفقراء فلن يتوفر الامن للاغنياء" ولذا فقد عملت طهران على دمج هذه الشريحة الكبيرة فى كافة اماكن العمل ووضعت قيودا على رجال الاعمال لاستمرار كياناتهم بان يتم توظيف نسبة من هذه الشريحة فى المصانع والشركات وتوفير اساسيات الحياة اليهم من مسكن وتعليم. 

الحكومة الايرانية ايضا اقرت قوانين تشبة الحماية الاجتماعية فى بلادنا يستطل بها الفقراء وينجون من العوز والشحاذه. ومن نتائج هذه القوانين القضاء على المتسولين وتنفيذ فكر الزعيم الماليزى محمد مهاتير الذى استثمر هذه الشريحة وباعد بينهم وبين مد ايديهم للقاصى والدانى والتسكع فى الشوارع والكافيهات وأماكن الركوب والنزول فى المواصلات العامة بأن منح لكل متسول جهاز تليفون "موبايل " مدفوع الثمن من الحكومة ومؤجل السداد ومن خلاله يقوم المتسول سابقا والعامل حاليا بان يعرض خدماته على المواطنين خدمة مدفوعة الثمن وحالية التنفيذ وفى خلال ستة أشهر يستطيع هذا الشخص ان يسدد ثمن الهاتف وتمنحه الدولة مايشبه الكشك المتنقل المزود بكافة انواع الهواتف واكسسواراتها لبيعها وبذلك تحوله من متسكع عالة على البشر الى شخص نافع ومفيد وربما يصبح مستقبلا رجل اعمال .

 هذه التجربة الماليزية الأصل نجحت فى ايران وتخلصت من خلالها من ظاهرة مخيفة كانت تهدد امن ايران وخاصة مناطق الجنوب الشيعية التى تعد محفلا للسائحين الدينيين بصفة خاصة . وبين تراب الوطن ومقايضة المنتفعين من تشتيت ابناءه ينفذ الباغى باحثا عمن يحقق له غرضه ويبيع وطنه ويفرط فى ترابه .