ثورة الـ 8 ساعات.. قصة عيد العمال قبل قرن ونصف

قبل مايقرب من قرن ونصف، كان العمل بمثابة أمر شاق يحول حياة المرء إلى جحيم، لم يكن هناك عملاً بمقولة حب ماتعمل، بل كان الجميع يكره العمل ويضطرون له ويتحملون ضغوطاته غير المحتملة، فكانت ساعات العمل تتراوح من 10 إلى 16 ساعة يومياً، وعلى مدار 6 أيام أسبوعياً، لتشعر بأن حياتك تهدر تماماً خلال ساعات العمل دون القدرة على فعل أي شيء آخر بالحياة.

لم يستمر ذلك الوضع كثيراً، حين بدأت الدعوات والإضرابات في بعض دول العالم اعتراضاً على قوانين العمل الظالمة، وبدأت تلك الحركات في أستراليا ثم انتقلت إلى الولايات المتحدة الأمريكية، لتبدأ قصة تأسيس قوانين جديدة للعمل .

8 ساعات عمل .. 8 ساعات راحة .. 8 ساعات ترفيه .. كان ذلك شعار العاملين في القرن التاسع عشر حيث طالبوا بتخفيض عدد ساعات العمل اليومي إلى ثماني ساعات فقط بدلاً من 10 و 16 ساعة .

اضراب شيكاغو

الحركة الأكبر والأقوى للعمال كانت لـ عمال شيكاغو بالولايات المتحدة الأمريكية ، وفي يوم 1 مايو من عام 1886 نظم العمال في شيكاغو ومن ثم في تورنتو إضرابا عن العمل شارك فيه ما بين 350 و 400 ألف عامل، يطالبون فيه بتحديد ساعات العمل تحت شعار "ثماني ساعات عمل، ثماني ساعات نوم، ثماني ساعات فراغ للراحة والاستمتاع" ، وهو ما لم يعجب السلطات وأصحاب المصانع والعمل، خاصة وأن ذلك الإضراب لاقى نجاح كبير لم يتوقعوه ، حيث أًصيبت الحركة الإقتصادية في شيكاغو بشلل بعد ذلك الإضراب .

فتحت الشرطة النار على العمال المضربين وقتلت عدداً منهم، ثم ألقى مجهول قنبلة في وسط تجمع للشرطة أدى إلى مقتل 11 شخصا بينهم 7 من رجال الشرطة واعتقل على إثر ذلك العديد من قادة العمال وحُكم على 4 منهم بالإعدام، وعلى الآخرين بالسجن لفترات مُتفاوتة.

وجاء إضراب شيكاغو ضمن سلسلة إضرابات نظمت في عدد من المدن الأميركية يوم الأول من مايو1886 تحت شعار "من اليوم ليس على أي عامل أن يعمل أكثر من ثماني ساعات"، وبلغ عدد تلك الإضرابات خمسة آلاف إضراب وشارك فيها نحو 340 ألف.

عيد العمال

بعد 6 أيام من الإَضراب ووقوع الكثير من الضحايا، تم تشريع قوانين جديدة للعمال للسيطرة على الاوضاع، وفي الاجتماع الذي عقده الاتحاد الأمريكي للعمل في سانت لويس ديسمبر عام 1888، قرر الاتحاد اعتبار 1 مايو اليوم الذي لا يجب أن يعمل فيه العمال الأمريكيون أكثر من 8 ساعات، بعد ذلك أقرت جمعية العمال الدولية "الدولية الثانية"، التي اجتمعت في باريس عام 1889، إعلان الأول من مايو يوما لإطلاق المظاهرات، ومن هنا بدأ تقليد عيد العمال.

على الرغم من ذلك، لم يتوقف نضال الحركة العمالية في الولايات المتحدة الأمريكية، وبلغ ذروته عام 1894، حينما قتل الجيش الأمريكي عددا من العمال المتظاهرين، وهو ما شكل ضغطا كبيرا على الرئيس الأمريكي، غروفر كليفلاند، ودفعه إلى التصالح مع حزب العمال، بتشريع عيد العمال، وإعلانه عطلة رسمية في البلاد، تخليدا لذكرى أوغست سبايز ورفاقه.