الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

التقوى والصبر!


في القرآن الكريم أنواع مختلفة من الخطاب لأنه يتعامل مع أنواع مختلفة من الناس، ويأتي الخطاب عاماً مثل، يا بنى آدم، يا أيها الناس، يا أيها الانسان، ويأتي الخطاب كصفات مثل، الذين آمنوا، الذين كفروا، الذين أشركوا. 
فالقرآن فيه موعظة للناس: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ) يونس 57، ولذلك قرر تعالى حفظ القرآن: (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ) الحجر 9.
والآيات القرآنية هى آياتٍ مكية ومدنية، الآيات المكية هى الآيات التي نزلت في مكة قبل الهجرة، والآيات المدنية هى التي نزلت في المدينة المنورة بعد الهجرة، حتى لو نزلت في مكة بعد الفتح أو في أي مكان آخر.
وفي الآيات المكية والمدنية تم التأكيد على التقوى في الخطاب لكل الناس، فالتقوى هى الهدف من التشريع، والتقوى تعنى إخلاص الدين لله وحده، لأن التقوى هى أساس كل رسالات الأنبياء والرسل: (يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ) المؤمنون 52، أمرهم تعالى بالتقوى والعمل الصالح.
ولذلك فكل نبي كان يأمر قومه بالتقوى، وفى سورة الشعراء جاءت سيرة كثير من الأنبياء، وكان كل نبي يقول لقومه: (أَلَا تَتَّقُونَ) الشعراء 106، 124، 142، 161، 177، (فاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ) 126، 144، 163، 179، وتكرر ذلك للتأكيد: (وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ فَقَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ أَفَلَا تَتَّقُونَ) المؤمنون 23، (فَأَرْسَلْنَا فِيهِمْ رَسُولًا مِنْهُمْ أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ أَفَلاَ تَتَّقُونَ) المؤمنون 32، (وَإِلَى عَادٍ أَخَاهُمْ هُوداً قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُواْ اللّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَـهٍ غَيْرُهُ أَفَلاَ تَتَّقُونَ) الأعراف 65، (وَإِنَّ إِلْيَاسَ لَمِنْ الْمُرْسَلِينَ اِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَلَا تَتَّقُونَ) الصافات 124.
وخطاب القرآن بالتقوى تم توجيهه للنبي عليه الصلاة والسلام: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللَّهَ) الأحزاب 1، ولكل الذين آمنوا معه وبعده: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ وَكُونُواْ مَعَ الصَّادِقِينَ) التوبة 119، قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) الحجرات 1، يحرم عليهم المزايدة على الله تعالى ورسوله، ويؤكد تعالى على أمر المسلمين وأهل الكتاب بالتقوى: (وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُواْ اللّهَ) النساء 131.
والأمر بالتقوى لكل الناس لأنه لا فرق بينهم إلا بالتقوى: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ) الحجرات 13، ولن يدخل الجنة إلا المتقون: (تِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي نُورِثُ مِنْ عِبَادِنَا مَنْ كَانَ تَقِيّاً) مريم 63.
وفي الآيات المكية والمدنية تم التأكيد أيضاً على الصبر، ولأهمية الصبر فقد قرر تعالى أنه يكون (مَعَ الصَّابِرِينَ)، جاء ذلك عن المؤمنين: (إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ) البقرة 153، وعن الفئة القليلة المقاتلة من بني إسرائيل: (وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ) البقرة 249، وعن المؤمنين في معركة بدر: (إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ) الأنفال 46، وعن تأييد فئة قليلة على الصبر في القتال: (وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ) الأنفال 66.
وللتأكيد على الصبر في الآيات المكية: (وَمَا يُلَقَّاهَا إِلاَّ الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلاَّ ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ) فصلت 35، وعن المتسامحين الصابرين على الأذى: (وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الأُمُورِ) الشورى 43.
وللتأكيد على الصبر في الآيات المدنية: (الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَالصَّابِرِينَ عَلَى مَا أَصَابَهُمْ وَالْمُقِيمِ الصَّلاةِ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ) الحج 35، وعن الصبر لأنه من صفات المؤمنين: (وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيراً وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً) الأحزاب 35.
والصبر من صفات أصحاب الجنة: (وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَنُبَوِّئَنَّهُمْ مِنْ الْجَنَّةِ غُرَفاً تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا نِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ. الَّذِينَ صَبَرُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ) العنكبوت 58-59، حين يدخلون الجنة تتلقاهم الملائكة: (سَلامٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ) الرعد 24، ويقول تعالى عنهم وهم في الجنة: (إِنِّي جَزَيْتُهُمْ الْيَوْمَ بِمَا صَبَرُوا أَنَّهُمْ هُمْ الْفَائِزُونَ) المؤمنون 111، بسبب صبرهم أدخلهم تعالى الجنة وجعلهم الفائزين بها.

المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط