الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

برجاء عدم الاتصال .. قصة خطاب بليغ حمدي إلى عبدالحليم حافظ

صدى البلد

قبل 27 عاماً، وتحديدا في 12 سبتمبر عام 1993، رحل عن عالمنا الموسيقار بليغ حمدي، تاركا وراءه عالما لا يزال الجميع يكتشفون كواليسه يوما تلو الآخر، لواحد من أبرز العلامات الموسيقية التي جاءت في تاريخ الوطن العربي، وقال عنه صديقه المقرب وفيق وجدي، أنه كان “كائن عشوائي وفنان بوهيمي”، وربما هذا ما يفسر عدم اختلاطه بالناس.

مولد ملحن مختلف من حي شبرا

بليغ حمدي ولد عام 1931 في شهر أكتوبر، في حي شبرا بالقاهرة، وأحب الموسيقى والعزف على العود منذ طفولته، ودرس الموسيقى في مدرسة عبد الحفيظ إمام للموسيقى الشرقية، وكرس لها حياته التي لم يكن فيها ما يشغله عن الإبداع، حتى أنه لم يتمكن من الحصول على شهادة جامعية، وهرب لسنوات من استكمال دراسته بكلية الحقوق، وظلت شقيقته تتقدم بالشهادات الصحية التي تمنحه مهلة أخرى، ولكنه في النهاية لم يكمل دراسته.

علاقة صداقة بالعندليب الأسمر ونجاحات مدوية

يعد الموسيقار بليغ حمدي، من أهم الموسيقيين، الذين أثروا الموسيقى العربية والمصرية، فدائما ما كانت ألحانه وموسيقاه بمثابة تجديدا للموسيقى العربية، وتعاون خلال مشواره الفني مع كبار المطربين من الأجيال المختلفة، بداية من أم كلثوم، وعبد الحليم حافظ، وصولا إلى جيل علي الحجار ومحمد منير.
وربطت بليغ حمدي والعندليب الأسمر عبد الحليم حافظ، علاقة خاصة جدا فنية وشخصية؛ فقدما معا العديد من الأغنيات الناجحة، التي ظلت حاضرة حتى الآن، بجانب صداقتهما التي استمرت منذ فترة الخمسينيات، حتي رحيل العندليب في سبعينيات القرن الماضي.


بدأت علاقة "حليم وبليغ"، منذ تعاونا في أغنية "تخونوه"، التي قدمها "العندليب" في فيلم "الوسادة الخالية"، لتستمر علاقتهما الفنية والشخصية لعدة سنوات، وازدهر التنوع الفني بينهما في الستينيات، حينما قدم بليغ حمدي لعبد الحليم حافظ لونا جديدا، اكتسب من خلاله الأخير نجاحا جديدا غير مسبوق في مسيرته الفنية، عبر أغنيات "سواح، وعلى حسب وداد قلبي، والتوبة"، وجميعها من كلمات الشاعر الراحل عبد الرحمن الأبنودي، كما تعاونا في عدد من الأغنيات الوطنية مثل "عدى النهار، وأحلف بسماها".

بليغ يعاتب العندليب برسالة

على المستوى الشخصي كان معروف عن الموسيقار بليغ حمدي أنه شخص هادئ، ولا يختلط كثيرا بالناس، وكان حليم يعشق مداعبة بليغ لدرجة السخرية والضحك الهستيري، وفي إحدى المرات، يبدو أن العندليب عبد الحليم حافظ تسبب دون قصد في إثارة غضب صديقه الملحن الكبير بليغ حمدي، الذي لم يتحمل مزاح حليم ومقالبه في حفل خاص، وقرر عتابه، وبالطبع جاء عتابًا رقيقاً مثل شخصيته وعميقاً مثل ألحانه، إذ لم يستطع مواجهة حليم؛ لذلك كتب خطابًا رقيقًا ومهذبًا عاتبه فيه بطريقة هادئة كعادته، وقال بليغ حمدي في رسالته: "عزيزي عبد الحليم.. تحية طيبة وبعد، اود فقط لفت انتباهك إلى أن تعليقك الساخر اليوم، ونحن في السهرة قد جرحني جرحا أليما، برجاء عدم التعامل مع مشاعري بهذا الاستخفاف، بحب عظيم لا أظن أنه يمكنك أن تفهمه"، وأضاف: "برجاء عدم الاتصال بغرض الاعتذار الايام التالية حتى اصفو لك تماماً وأستطيع الكلام معك ثانية، خالص مودتي بليغ حمدي".

بداية الخلافات بسبب غيرة العندليب

تغيرت العلاقة بين الثنائي "حليم وبليغ" إلى النقيض تمامًا، وفاجأ العندليب جمهوره ذات مرة حينما وصف بليغ بـ"الإرهابي الفني"، وعلل بليغ ذلك، قائلا: "حليم تصور أنني لا أهتم به الاهتمام الكامل، كوني أتعاون مع مطربين آخرين، وهذا كان مخالفًا للواقع تمامًا".


فكان حليم يعرف جيداً قيمة وقدر بليغ، لدرجة أنه فكر جدياً في احتكار إبداعه، وكان يريد الاستحواذ على ألحانه لنفسه، وهذه هي طبيعة أي مطرب ناجح في حجم العندليب، كون هذا النوع من النجوم يعشق النجاح والإبداع الدائم، وبعد زواج "بليغ" من المطربة "وردة الجزائرية" صرح بعض الأصدقاء المقربين للطرفين بأن حليم لم يكن سعيدا بهذه الزيجة، وفسرها البعض بأنه يغار على تاريخه من أن تحتل وردة الرصيد الأكبر من إبداعات بليغ حمدي، خاصة أنه أصبح زوجها، ويتحول النجاح من طريق حليم تجاه وردة بعد أن كان العندليب متربعا على عرش النجاح منفردا.