الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

لماذا يأتي الأمن قبل الإيمان وما حقيقته؟.. علي جمعة يجيب

الدكتور علي جمعة
الدكتور علي جمعة

ما هو الإيمان وما هي حقيقته؟، سؤال ورد إلى الدكتور علي جمعة مفتي الجمهورية السابق، وعضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، الذي أشار إلى أن الحروف الأصلية لكلمة الإيمان هي "أ، م، ن" ومعناها في اللغة يدور حول الصدق والتصديق، ويقول أخوة يوسف لأبيهم "وَمَآ أَنتَ بِمُؤْمِنٍ لَّنَا وَلَوْ كُنَّا صَادِقِينَ" أي بمطمئن أو مصدق.

لماذا يأتي الأمن قبل الإيمان؟

ولفت خلال حديثه ببرنامج "والله أعلم"، على أحد الفضائيات المصرية، إلى أن الإيمان هو التصديق والصدق، وهذا أخذ منه الأمن أي يكون الإنسان صادقاً فكان إذا تكلم أحد مع الملوك قال لها أخذ عليك الأمان، وجميعها تدعوا للطمئانية والتصديق كي يأمن العقوبة.

وأشار المفتي السابق إلى الأمن هو الذي أخذ منه الإيمان، فقال العلماء عندما تحدث الفتن الأمن قبل الإيمان، ويقول الشاعر الذي تغنت له أم كلثوم فلا أمن ولا إيمان فالاثنين معاً، والأمن أولاً لأنه لا يستطيع أحد إظهار الإيمان مثل الدواعش والإرهابية التي كانت تتسلط على عقول الناس، إذا تكلمت قتلت.

وشدد عضو هيئة كبار العلماء على أن الأمن والإيمان متصلان، موضحاً أن حقيقة الإيمان هو التصديق بالقضايا الكبرى، لأن هذا التصديق هو الإيمان بها كالعمل أو البطالة أو الحرية أو الإخوة الإنسانية، عمارة الأرض.

حكم الإيمان بالقضاء والقدر

أكد الدكتور على جمعة، مفتي الجمهورية السابق، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، أن الإيمان بالقضاء والقدر أحد أركان الإيمان، بل هو أهم مظاهر الإيمان بالله، مشيرًا: يتمثل دستور الإيمان بالقدر في قوله - تعالى- : ﴿ إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ﴾.

وأضاف « جمعة» في منشور له على صفحته الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي « فيسبوك» أن الإيمان بالقدر يتمثل أيضًا فيما قاله عبادة بن الصامت لابنه :« يا بنى إنك لن تجد طعم حقيقة الإيمان حتى تعلم أن ما أصابك لم يكن ليخطئك وما أخطأك لم يكن ليصيبك سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم- يقول : « إن أول ما خلق الله القلم، فقال له: اكتب، قال : رب وماذا أكتب ؟ قال : اكتب مقادير كل شيء حتى تقوم الساعة ، يا بنى إني سمعت رسول الله يقول : « من مات على غير هذا فليس منى».

وتابع عضو هيئة كبار العلماء: كما قال - عليه الصلاة والسلام- لابن عباس - رضى الله عنه- : «واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك، ولو اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك رفعت الأقلام وجفت الصحف».

ونبه المفتي السابق: ينبغي على المسلم أن يعتقد اعتقادًا جازمًا بأنه لا فعل إلا لله، وأن كل ما يجري في الكون، وكل ما جرى، وكل ما سيجري، هو فعل الله -سبحانه وتعالى-، وأن الله كتب هذا الفعل من الأزل، مبينًا: توجد حكمة عالية في قضية القضاء والقدر، وهي الابتلاء بمسألة الرضا عن الله، فالإنسان لا يعلم ماذا كتب عليه غدًا؛ ولذلك من حقه أن يتمنى، وأن يسعى إلى تحقيق ما هو مباح ومشروع.

وأكمل: فعندما لا تتحقق هذه الأماني والأحلام، ويختلف ما رتبه المخلوق مع ما أراده الخالق يظهر الإيمان الحقيقي، فإذا كان ما كتبه الخالق أحب إليه مما رتبه لنفسه فذلك المؤمن الصالح، وإن أبى واعترض وسخط؛ فذلك العاصي الجاهل، والذي قد يترتب على عدم رضاه وسخطه الخروج من الملة والعياذ بالله.

وواصل أن الإيمان بالقضاء والقدر هو التعبير الفعلي للإيمان بالله، فإن كنت تؤمن بوجود الله وصفات كماله وجلاله وجماله، فيجب أن تؤمن بأثر هذه الصفات وهي أفعاله -سبحانه وتعالى-، والإيمان بأفعال الله أن تؤمن بأنه لا فعل إلا لله، وأن ترضى بما يصدر في الكون عن الله حتى تكون عبدًا ربانيًا.

وألمح أنه لا تنافي بين الاعتقاد أن الفعل لله وحده، وبين كون الإنسان مختارًا مريدًا، فإن اختيار الإنسان وإرادته محسوس لا ينكره عاقل، ومن أنكره كذب بالمحسوس، وكذب بنصوص القرآن، التي أثبتت للإنسـان قدرة ومشيئة واختيـارًا، قال- تعالى-: ﴿ وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ﴾، وقال سبحانه: ﴿ مِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الْآخِرَةَ﴾، فالصواب في تلك المسألة أن تثبت لنفسك فعلًا واختيارًا، وأن تعتقد أن الله هو الفعال وهو صاحب الأمر، ولا يخرج أمر من دائرة قهره سبحانه.

واختتم الدكتور على جمعة أن القدر سر الله في خلقه، ولذا نرى بعض العارفين كأبي العباس الحريثي يقول : من نظر إلى الخلق بعين الشريعة مقتهم ومن نظر لهم بعين الحقيقة عذرهم، فالعارف مستبصر بسر الله في خلقه .