الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

المرضى والسوق المغلق


أيام الرئيس مبارك كان القرب من السلطة يعنى القرب من منابع الثراء والنفوذ ,  فبعض القرارات الوزارية كان يتم تفصيلها على مقاس أصحاب المصلحة , وفى البزنس أصحاب المصلحة كانوا مجموعة صغيرة تلتف حول الجالس على كرسى السلطة , مجموعة صغيرة مثلها مثل كل المجموعات الانتهازية فى الدول التى يحكمها نظام الحزب الواحد أو الشخص الواحد مهما كانت الرتوش , سواء كانت رتوش على شكل أحزاب كرتونية أو أحزاب يتم أدارتها من كبائن التليفونات أو انتخابات صورية.

فقد كان الاقتراب من الرئيس مبارك أو أحد أفراد عائلته كفيلاً بفتح أفاق البزنس المحروس من المنافسة بقواعد وقرارات يتم تفصيلها على المقاس , فظهرت مصطلحات كالوكيل الحصرى أو المستورد الحصرى أو ما شابها من مسميات , وظهرت مجموعات من المنتفعين بنظام مبارك فى شتى مناحى الحياة , هؤلاء كونوا ثروات من وراء أحتكار أحتياجات الشعب من حديد أو تليفون محمول أوسيارات مستوردة  أو أدوية ومستلزمات الطبية أوغيرها من أحتياجات دولة كبيرة تستورد معظم ما يستخدمه شعبها .

رحل الرئيس مبارك رحمه الله وبقى رجاله الصغار اللذين ترقوا فى مناصبهم بحكم الزمن , رحل الرئيس مبارك وبقى فكر متأصل فى نفوس من أعتادوا حماية اصحاب الثروات التى تعاظمت من أحتكار أحتياجات الناس , لذا عندما جاءت أزمة كورونا وتفاجأ البعض بوجود نقص حاد فى المستلزمات الطبية بسبب هذا الوضع , كتبت وقتها منبهاً ومحذراً من استمرار الاوضاع الاحتكارية الخاطئة , وقتها صدرت عدة قرارات وزارية سهلت دخول المستلزمات الطبية لمصر دون عرقلتها بواسطة القرارات الحامية للمحتكرين لعدة شهور فقط , وكان أنجاز وقتها , انجاز جاء بسبب ظروف الجائحة .

ونظراً لأن فكر حماية المحتكرين فكر تربى عليه عدد غير قليل من الموظفين , فقد تم تفريغ القرارات الجديدة الميسرة لحياة الناس من مضمونها عندما تم صياغتها , واصبح لزاماً على أى مستورد مستلزم طبى أن يحضر عقد وكالة من الشركة الاجنبية التى ينوى الاستيراد منها كى يتم السماح له بالاستيراد , ففكر حماية الوكيل الحالى أو المحتكر مازال هو المسيطر على عقلية متخذ القرار أو من يرفع الامر لمتخذ القرار , فبالطبع الغالبية العظمى من الشركات الكبرى ترفض أبرام عقد وكالة مع مستورد غير معروف لديها لمجرد أنه طلب أستيراد شحنة منها , لذا يبقى المحتكر فى آمان من منافسة عادلة مع مستوردين آخرين .

فظاهر الامر أن السوق مفتوح للجميع ولكن الحقيقية أن السوق مغلق , بسبب الشروط التعجيزية التى تم وضعها , فهى شروط تحافظ على أستمرار الاحتكارات فى هذا القطاع الحيوى , لدرجة أن بعض السائحين من الدول الاوربية يأتون ببعض المستلزمات الطبية معهم ويبيعونها فى مصر لأن سعرها أضعاف سعرها فى أوربا , والاسبوع الماضى تم ضبط عشرات القساطر القلبية مع راكب من دولة التشيك كان ينوى بيعها فى مصر, لأن اسعار مستلزمات جراحات القلب فى مصر من أغلى الاسعار فى العالم , وظهر ذلك جلياً عندما قررت الدولة عمل مناقصة موحدة عن طريق هيئة الشراء الموحد فحصلت على خصومات تجاوزت خمسون بالمائة فى بعض الاصناف لمجرد أنها سمحت بالمنافسة على السعر بين المستوردين .

لذا أتمنى أن يتدخل الرئيس عبد الفتاح السيسى مباشرة فى هذا الملف ويشكل مجموعة عمل تابعة للرئاسة , مجموعة عمل جديدة بعيدة عن ميراث كل من سبقوه لألغاء كل القرارات الحامية للاحتكارات فى مصر فى شتى القطاعات , واصدار قرار موحد ينظم الاستيراد فى كل قطاع من قطاعات السلع , قرار يسمح بوجود أكثر من مستورد للسلعة الواحدة طالما من نفس الدولة ونفس المنشأ ونفس المواصفات , قرار بدون شروط تعجيزية للمستوردين الجُدد, وهو شئ ان تم سوف يعود بالفائدة على الدولة والمواطن معاً , ففى الوضع الحالى الدولة تخسر والمواطن يخسر والمحتكر هو الرابح الوحيد .

 

 

المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط