الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

د. صابر حارص يكتب: الفكر الإلحادي يطور نفسه

د. صابر حارص
د. صابر حارص

لا تتعامل معنا القوى المهيمنة على إدارة شئون العالم على أننا ضعفاء رغم ضعفنا الذي نشهد به، إذ أن هذه القوى تعتقد أن ما دام الإسلام باق فهناك احتمالية الرجوع إليه أو الاقتراب منه ؛ فالعرب كانوا رعاة بدائيين يتقاتلون فيما بينهم وتحولوا بالإسلام إلى سادة العالم.

وبالتالي فإن بقاء الإسلام يشكل خطرا بالغا على الغرب وربما على الآخر  كله، ولذلك جاءت الحروب الصليبية المتعاقبة على العرب و المسلمين كأداة عسكرية للقضاء على العرق المسلم، ولما فشلت الحروب الصليبية ظهرت بروتوكلات صهيون لإفساد المرأة وتفكك الأسرة وتشويه صورة المشايخ وتشويه صورة معلمي العربية وإضعاف الدين والأخلاق في نفوس العرب والمسلمين. 

ثم ظهرت فكرة تجنيد وكلاء وحلفاء من العلمانيين والشيوعيين والماركسيين والدارسين خارج الوطن في الغرب والشرق عامة لنشر الإلحاد بصورته التقليدية التي تنكر وجود الله ، وفوجئنا في سبعينات القرن الماضي وحتى نهايته بأساتذة جامعة تحاول أن تزرع فينا هذا الفكر الإلحادي التقليدي. 

ومع بداية القرن الحالي وظهور وانتشار الفضائيات والانترنت ظهرت موجات جديدة من الفكر الإلحادي قائمة على التشكيك في الأديان عامة والإسلام خاصة، ومهاجمة السنة النبوية، وتشويه الصحابة، والهجوم على الأزهر وشيخه، وتوظيف الفنون والسينما والدراما في تجسيد صور وشخصيات الأنبياء والصحابة حتى يصبحوا أفرادا عاديين بلا قداسة وتمييز عن بقية البشر.

وأصبحت المتاجرة بأجساد النساء عبر اليوتيوب ومنصات المشاهدة، ومواقع التواصل الاجتماعي والأفلام الإباحية هدفها الرئيسي الكفر بالأديان وإلغائها تدريجيا في نفوس الناس.

 ومع هذا كله لا يزال الغرب لديه فوبيا من  احتمالية الرجوع إلى الإسلام كرد فعل لمواجهة  كل هذه المؤامرات  والحروب بدءا من الجيل الرابع حتى الجيل الخامس.

ونتيجة لذلك الخوف غير المبرر من العودة إلى الإسلام  ظهرت حركات فكرية عالمية مثل الماسونية والبهائية حققت قدرا ملحوظا من نشر الفكر الإلحادي، واعتنق البهائية كثيرا من الناس، وانضم للماسونية الأكثر وخاصة من الشخصيات المؤثرة والرسمية في ربوع دول العالم.

ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، بل جدد الفكر الإلحادي نفسه في شكل جديد باسم "الابراهيمية" كنوع من تجديد الأدوات لضمان تجنب العودة إلى العمل بالإسلام.

وتقوم الابراهيمية على معتقدات دينية وفكرية لا تختلف كثيرا عن الماسونية والبهائية وعنوانها جميعا لم شمل الأديان ووحدتها حتى يترك الناس دينهم وينتموا إلى هذا الفكر الذي يساوي بين الأديان ويقضي على التمييز بينها.

وخطورة الابراهيمية عن الأفكار والحركات السابقة أنها تدعو إلى دين قديم ملة إبراهيم حنيفا كما يقول القرآن نصا، وتسوق الابراهيمية نفسها على أنه ما دام سيدنا إبراهيم هو أبو الأنبياء فلا داعي لأن تكون هناك يهودية ومسيحية وإسلام، وبذلك يختفي الإرهاب والصراع بين الحضارات والأديان والبلدان.

والحقيقة أن كل هذه الأفكار مليئة بالمغالطات ليس فقط لحقيقة نزول الأديان السماوية الثلاثة التي لا ينكرها عاقل، ولكن أيضا  لأن الإرهاب والصراع والحروب مشتعلة بفعل اعتداءات ومطامع  الكيان الصهيوني والغربي .

وإذا كان التخطيط والتفكير المستقبلي كله في الغرب والكيان الصهيوني قائم على الخوف من الرجوع إلى الإسلام، فيعود العرب سادة العالم كما كانوا من قبل، فإنه من المؤسف أن يستمر العرب على ضعفهم كما كانوا قبل الإسلام. 

وإذا كان التخطيط الغربي قائم من منتصف القرن الماضي على تحالف صهيوني مسيحي غربي يتجاهل أهم معتقداتهم في العداء التاريخي بينهما، وحقيقة قتل اليهود للمسيح عندهما، فإنه من المؤسف أن يتجاهل العرب والمسلمون ذلك وينتبه إليه مسيحيو مصر فقط، ويكتبون في ذلك أهم الدراسات في الاختراق الصهيوني للمسيحية، وفي المسيحية والحرب، وفي الصراعات الصهيو- مسيحية على الشرق الإسلامي. 

الإبراهيمية ربما لا تكون  المحطة الأخيرة في التآمر الغربي على العرب والمسلمين، ولكنها الأخطر حاليا. والكارثة في هذا كله أن يظهر من بين المسلمين أنفسهم من يعملون في نفس الطريق ربما بغير قصد من بعضهم لتحقيق نفس الهدف الابراهيمي( إقصاء الإسلام واستبداله بدين جديد). 

فما دام العرب لم يتقدموا طوال تاريخهم إلا بتطبيق الإسلام فالهدف واضح ومحدد ويتحقق بأكثر من طريق وأداة "يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ".